بورتسودان – خاص
تداولت وسائل التواصل الاجتماعي تسريبات لـ”محضر” اجتماع مغلق انعقد مساء الثلاثاء بمدينة بورتسودان، ضمّ رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وعددًا من قيادات النظام السابق، وذلك ضمن تحركات تهدف إلى إعادة صياغة الحضور السياسي للحركة الإسلامية وتطبيق توجيهات إقليمية تقضي بتخفيف ظهورها العلني.
وبحسب ما جاء في التقرير، جرى الاجتماع داخل شقة خاصة يملكها مدثر، السكرتير الشخصي للبرهان وصهر القيادي الإسلامي البارز علي كرتي، بمشاركة شخصيات من الصف الأول في النظام السابق، من بينها كرتي، وأحمد هارون، وأسامة عبد الله، ومحمد يوسف كبر، والصادق فضل الله، وعز الدين حمودة.
خلال اللقاء، قدّم البرهان تنويرًا حول نتائج زيارته الأخيرة للقاهرة ولقائه بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي شدد – وفقًا للمصدر – على ضرورة تقليص الوجود العلني للحركة الإسلامية في السودان خلال هذه المرحلة. وأشار البرهان إلى دعم مصر لتوجّه عسكري وسياسي جديد يتضمن إبعاد القيادات ذات الخلفية الإسلامية عن المشهد العام، في ظل تصاعد الضغوط الإقليمية والدولية، ومخاوف من إعادة تصنيف الحركة كـ”تنظيم إرهابي”.
ونقل المصدر أن السيسي أبدى استعداد بلاده لمواصلة تنسيق الجهود مع دول إقليمية لاحتواء النفوذ الإسلامي، بما في ذلك التأثير على مواقف السعودية والإمارات، واحتواء القلق الدولي من انخراط عناصر المؤتمر الوطني المحلول في السلطة الانتقالية.
“إعادة التموضع” وتجنّب الواجهة
تركّز النقاش، بحسب المصدر، حول إعادة هيكلة الحضور الإسلامي عبر الدفع بقيادات من الصف الثالث والرابع إلى الواجهة، مقابل انسحاب الأسماء المعروفة إلى الولايات، في خطوة تهدف إلى تخفيف الضغط الأمني والإعلامي، وتحسين صورة السلطة أمام المجتمع الدولي.
وطلب البرهان من الحضور تقديم ترشيحات لشخصيات غير معروفة لتولي مناصب تنفيذية، بما يتماشى مع “إعادة تموضع محسوبة” تسعى لتجميل واجهة الحكم دون إثارة الشكوك الدولية.
دعم عسكري خارجي وتحالفات إقليمية
في سياق متصل، طمأن البرهان المجتمعين بشأن استمرار الدعم الخارجي، مشيرًا إلى التزامات من القاهرة، والدوحة، وأنقرة، بتقديم دعم عسكري ولوجستي. وتعهّدت السعودية – حسب ما ورد في الاجتماع – بتوفير معدات طبية وأطباء للمستشفيات في بورتسودان وعطبرة، بينما وعدت قطر ومصر بتمويل توريد الأسلحة والطائرات المسيّرة، إضافة إلى دورات تدريبية نوعية.
وناقش الاجتماع أيضًا تصعيد العمليات العسكرية، خاصة في محور الصالحة وكردفان، إلى جانب توجيهات بتكثيف الضغط الإعلامي لصالح الحكومة الانتقالية. واتُّفق على تنسيق الجهود مع أجهزة الإعلام والاستخبارات لتوجيه الرسائل الإعلامية، مع تجنّب أي إشارات علنية لوجود الحركة الإسلامية أو حزب المؤتمر الوطني في المشهد السياسي.
سياق استراتيجي أوسع
يأتي هذا الاجتماع في سياق تحركات إقليمية متسارعة تهدف لإعادة صياغة التوازنات في السودان، وسط حرب طاحنة بين الجيش وقوات الدعم السريع، ومع تزايد التحركات الدولية الرامية إلى الدفع بحل سياسي شامل. ويرى مراقبون أن محاولة “إعادة تموضع الإسلاميين” قد تعكس مسعى للتهرّب من الضغط الدولي عبر إعادة تدوير الوجوه داخل السلطة، دون إحداث تغيير حقيقي في بنية التحالفات السياسية.