بورتسودان: القاهرة: التحول
الثلاثاء 3/ ديسمبر/ 2024م
قدمت جمهورية كولمبيا اعتذارها رسميًا لحكومة السودان بسبب اشتراك بعض مواطنى بلادها في الحرب الى جانب قوات الدعم السريع، وذلك في أعقاب كشف صحيفة “لاسيلا فاسيا” الكولمبية في تحقيق استقصائي بتاريخ 26 نوفمبر 2024 عن مشاركة أكثر من 300 عسكري كولمبي في حرب السودان، أي ما يعادل سريتين.
وتلقى الدكتور على يوسف وزير الخارجية ظهر أمس الإثنين، محادثه هاتفية من نظيره وزير خارجية كولومبيا لويس جلبيرتو موريللو، تناولت العلاقات الثنائية بين البلدين.
وقدم الوزير الكولومبى خلال المحادثة اعتذار بلاده عن اشتراك بعض مواطنى بلاده في الحرب، إلى جانب قوات الدعم السريع معبراً عن إدانته لما وصفه بالتصرف غير السليم، مشيراً الى أهمية التعاون بين الجانبين لضمان عودتهم الى بلادهم.
من جانبه عبر وزير الخارجية د. علي يوسف عن استغرابه وحزنه لاشتراك كولومبيين في الحرب ضد الشعب السوداني، مؤكدًا استعداد السودان للنظر في إمكانية التعاون مع الجانب الكولومبى لبحث كيفية معالجة الأمر بمايحفظ العلاقات الوديه التى تربط بين البلدين و بما يضمن منع تكرار ذلك في المستقبل.
وفي أول ردة فعل على مقتل مرتزقة من جمهورية كولمبيا، في السودان؛ قاتلوا ضمن صفوف قوات الدعم السريع، طالب الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو، بحظر الارتزاق في كولومبيا.
وقال غوستافو: “ينبغي أن يتمتع الجيش بمستوى معيشي أفضل في كولومبيا. ويجب أن يجب أن تتم المعاقبة الجنائية، للمتسببين في اراقة دماء الشباب الكولومبي من أجل المال في المدن الأجنبية”. داعيًا وزارة الخارجية الكولومبية أن تبحث في أفريقيا عن سبل لعودة شبابهم المخدوعين.
وارفق الرئيس الكولمبي في تغريدة له على منصة إكس، تحقيقا لصحيفة (لا سيلا فاسيا)، يثبت تورط مرتزقة كولمبيين في الحرب التي تدور في السودان.
حكومة وشعب كولمبيا:
وبالتوازي مع ذلك، أفادت وكالة السودان للأنباء أن سفيرة كولومبيا في مصر، آن ميلينيا، التقت بسفير السودان في القاهرة، عماد الدين مصطفى عدوي، وقدمت اعتذارًا رسميًا أيضًا عن مشاركة مواطنين كولومبيين كمرتزقة في صفوف قوات الدعم السريع.
وأوضحت ميلينيا أن الحكومة والشعب الكولومبيين فوجئوا عند تلقيهم أخبار تورط مواطنين من بلادهم في الصراع السوداني، ووصفوا هذا السلوك بأنه “غير مسؤول” وأنه لا يمثل سياسة الحكومة الكولومبية أو الشعب الكولومبي.
وأكدت ميلينيا أن كولومبيا تحترم سيادة السودان ورفضت أي تدخل في شؤونه الداخلية، مشددة على أن حكومتها ستبذل جهدها لتحديد المسؤولين المعنيين ومحاسبتهم إذا لزم الأمر.
وفي 20 نوفمبر/تشرين الثاني، أعلنت القوة المشتركة للحركات المسلحة المساندة للجيش السوداني أنها ضبطت وثائق هوية مجموعة من المرتزقة الكولومبيين بعد نصب كمين لقافلة متجهة من ليبيا إلى السودان محملة بإمدادات عسكرية لقوات الدعم السريع.
من جانبه، صرح السفير السوداني بحسب قناة الجزيرة، بأن الواقعة تسلط الضوء على التدخلات الأجنبية في النزاع السوداني، وهو ما يستدعي من الدول المعنية التعاون لإيجاد آلية فعالة لمنع تكرار مثل هذه الأحداث في المستقبل.
إعداد ملف:
وأشار عدوي إلى أن الحكومة السودانية ستقوم بإعداد ملف متكامل يتضمن الأدلة والوثائق اللازمة حول مشاركة هؤلاء المرتزقة، ليتم تقديمه إلى الحكومة الكولومبية للمتابعة.
ونقل موقع “راديو دبنقا” تقريرًا مفصلًا نشرته صحيفة “لاسيلا فاسيا” الكولمبية، قد كشفت في مقال استقصائي بتاريخ 26 نوفمبر 2024 عن وجود أكثر من 300 عسكري كولمبي، أي ما يعادل سريتين، يقاتلون في الأراضي السودانية.
بداية الخيط
وكانت وسائل التواصل الاجتماعي السودانية قد تداولت في 20 نوفمبر الحالي مقطع فيديو لعناصر تتبع للقوة المشتركة، التي تقاتل إلى جانب الجيش ضد الدعم السريع، وهم يستعرضون وثائق وأوراق ثبوتية قالوا إنها تخص مرتزقة كولومبيين قادمين من ليبيا للقتال في صفوف قوات الدعم السريع.
وكشف تقرير الصحيفة الكولومبية عن أن 40 من الجنود الكولومبيين ارسلوا إلى السودان من دون أن يكونوا راغبين في الأمر، وذلك عبر عملية عابرة للحدود شاركت فيها أربع دول.
وينوه راديو دبنقا إلى أنه لم يستطع الحصول على تعليق من قوات الدعم السريع ردا على هذه الاتهامات.
ويؤكد أحد هؤلاء الجنود في تسجيل صوتي، وفقا للتقرير، أن التعاقد معهم كان لغرض آخر غير الذي اكتشفوه عند وصولهم إلى الجهة التي يقصدونها.
ووفقا للتقرير، فقد أعرب عدد من هؤلاء الجنود الكولومبيين عن مخاوفهم من أن يُقتلوا في حال رفضوا المشاركة في الحرب بجانب قوات الدعم السريع.
عبر الأراضي الليبية
ويعيد ذلك إلى الأذهان الحادثة الشهيرة لتعاقد شركة “بلاك شيلد” الإماراتية في عام 2020 مع عدد من الشباب السودانيين، قيل حينها أن عددهم 420 شخصا، للعمل في مجال أمن المنشئات في دولة الإمارات، لكنهم فوجئوا بنقلهم إلى ليبيا للقتال بجانب قوات اللواء خليفة حفتر.
وفيما يتعلق بالأنباء الأخيرة عن قتال مرتزقة كولومبيين مع الدعم السريع، أضاف تقرير صحيفة لاسيلا فاسيا أن أول دفعة من الجنود الكولومبيين وصلت إلى مطار بنغازي في شهر سبتمبر الماضي، ومن ثم نُقلوا إلى السودان عبر رحلة طويلة استغرقت ثمانية أيام عبر طرق صحراوية غير معهودة في حركة النقل البري بين البلدين.
وحسب التقرير فإن الجنود الكولومبيون يشاركون في المعارك التي تهدف للسيطرة على مدينة الفاشر، عاصمة إقليم شمال دارفور، لكن قوات الجيش السودان والحركات المسلحة المتحالفة معه أصبحت تشن هجمات منتظمة على مناطقهم، الأمر الذي أدى لمقتل ثلاثة منهم في أكتوبر الماضي.
وأكدت عائلة أحد الجنود الكولومبيين القتلى هذه المعلومات في حديثها مع الصحيفة، وأضافت أنه قتل مع عدد آخر من زملائه، كما سقط العديد من الجرحى في صفوفهم بعد أن سقطت قذيفة في منطقتهم في 30 أكتوبر 2024.
عقد عمل في الإمارات
ويشير التقرير إلى أن الأفراد العسكريين المتقاعدين الموجودين في السودان وليبيا قد عُينوا من قبل الشركة الكولومبية المسماة وكالة الخدمات الدولية A4SI.
وكان عرض العمل الذي قُدم لهم هو توفير الخدمات الأمنية للبنى التحتية النفطية في الإمارات العربية المتحدة، كما يقول التقرير.
ويشير التقرير إلى أنه وفقا لأوراق تسجيل شركة A4SI في غرفة التجارة في بوغوتا، فقد اُسست عام 2017 من قبل عمر أنطونيو رودريغيز بيدويا، الذي يقدم نفسه على حسابه على منصة “اكس” كضابط سابق في الجيش ولديه رابط مشترك مع A4SI. وتتابع الصحيفة قائلة إن عمر انطونيو يظهر أيضا في ملفه الشخصي على منصة LinkedIn أنه يتولى منصب المدير العام لهذه الشركة.
ويشر التقرير إلى أنه على الرغم مع ذلك، ووفقا لشهادات جنديين مشاركين في هذه العملية، فإن الشخص الذي يدير كل شيء هو العقيد المتقاعد في الجيش ألفارو كيجانو، الذي يقيم في دبي. وتضيف الصحيفة أن اسم “ألفارو” لم يظهر في المحضر الذي رُوجع في غرفة التجارة في بوغوتا.
ويمضي التقرير إلى القول بأن هناك دور غير مرئي لدولة الإمارات في هذه التعاقدات، نظرا إلى أن الإمارات سبق وتعاقدت مع جنود من كولمبيا للقتال بجانب قواتها في حرب اليمن، كما أن لدولة الإمارات عسكريين على الأرض يقدمون الاسناد لقوات الدعم السريع.
واستشهد التقرير بالتزامن ما بين قصف الجيش السوداني لمطار نيالا وإعلان الإمارات عن مقتل أربعة من عسكرييها في ذات الوقت.
2066 إلى 3400 دولار
ويؤكد التقرير أن الضباط الكولومبيين السابقين أجبروا على ملء نموذج السيرة الذاتية والتوقيع على بند السرية من شركة مجموعة الخدمات الأمنية الدولية، وهي “أول شركة أمنية خاصة في الإمارات تحصل على رخصة أمنية مسلحة”.
وتتابع الصحيفة أنه عند وصول الجنود الكولومبيين إلى محطتهم الأولى في دبي أو أبو ظبي يتم التعاقد معهم برواتب شهرية تتراوح ما بين 2600 دولار للجندي إلى 3400 دولار لضباط الصف ومن ثم ينقلون إلى بنغازي.
وحسب شهادات لعسكريين سابقين، تحدثوا للصحيفة، فإن الشركة تعمل على أن يصل عدد الجنود الكولومبيين في السودان إلى ما بين 1500 إلى 1800 جندي.
وتقول الصحيفة إن وزارة الخارجية الكولومبية رفضت، عند الاتصال بها، تقديم أي معلومات عن مصير جثث الجنود الثلاث الذين قتلوا نهاية أكتوبر الماضي ولم يُنقلوا إلى بلادهم حتى الآن.