spot_img

ذات صلة

جمع

اعتقال محامي وقيادي بتحالف “صمود” بمدينة بورتسودان ومطالبات بالإفراج عنه

بورتسودان - 13 مايو 2025أقدمت جهات أمنية بمدينة بورتسودان،...

ترامب في الخليج وترقب في السودان ودور محتمل حول تسوية النزاع

الرياض: التحول: وكالاتوصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب صباح اليوم،...

الدعم السريع: لاتوجد أي مفاوضات “سرية ولاعلنية” مع الجيش السوداني

التحول: متابعاتنفت قوات الدعم السريع ما تردد عن وجود...

مساعي استعادة عضوية السودان في الاتحاد الإفريقي وتوقعات بفشل القمة العربية المرتقبة

أديس أبابا ــ القاهرة: التحول أعلن رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي،...

الاقتصاد السوداني في ظل الحرب ونهب الموارد وفوضى إدارة الدولة: المآلات

عمر سيد أحمد

مقدمة

يعيش السودان واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخه الحديث، إذ تسببت الحرب الدائرة منذ أبريل 2023 بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في انهيار شبه كامل للقطاعات الإنتاجية والخدمية، وأدت إلى تفاقم عمليات نهب الموارد، وغياب سياسات اقتصادية فاعلة. في ظل هذه الفوضى، لم يعد الاقتصاد الوطني قادرًا على الصمود، ووجد السودانيون أنفسهم في مواجهة أزمة معيشية خانقة.

في هذا المقال، نسلط الضوء على تأثير الحرب على الاقتصاد السوداني، ونهب الذهب، وانهيار النظام المصرفي، إضافةً إلى السيناريوهات المحتملة لمستقبل البلاد.

تأثير الحرب على الاقتصاد السوداني

تسببت الحرب في شلل شبه كامل للقطاعات الاقتصادية، حيث تراجعت الإنتاجية في الزراعة والصناعة والتجارة، وانخفضت قيمة الجنيه السوداني إلى مستويات قياسية، ما أدى إلى تضخم جامح وارتفاع أسعار السلع الأساسية بشكل غير مسبوق.

كما أن فقدان السيطرة على الموارد الاقتصادية وتوقف الاستثمارات الأجنبية وانهيار البنية التحتية قد أدخل السودان في أزمة مالية حادة، حيث باتت الحكومة تعتمد بشكل متزايد على المساعدات الخارجية لمجرد تسيير أمورها اليومية.

نهب الذهب واستنزاف مقدرات الدولة

لطالما كان الذهب العمود الفقري لاقتصاد السودان، إذ يشكل أكثر من 40% من إجمالي الصادرات. لكن منذ اندلاع الحرب، خرجت العديد من مناجم الذهب عن سيطرة الدولة، ما فتح الباب أمام عمليات تهريب واسعة النطاق إلى دول مثل الإمارات وتركيا.

وفقًا لتقرير حديث نشرته وكالة بلومبيرغ في 24 فبراير 2024، ارتفع إنتاج الذهب في السودان إلى 34.5 طنًا في عام 2024 مقارنة بـ 18.5 طنًا في عام 2022، أي بزيادة 88.4%. لكن المفارقة أن العائدات الرسمية تراجعت إلى 1.6 مليار دولار فقط مقارنة بـ 2.02 مليار دولار في 2022، بانخفاض 26.3%، مما يشير الي عدم موضوعية تبريريات مؤسسة هيئة التعدين فيما ذهبت اليه مما يعكس .حجم الفساد وتهريب الثروات إلى خارج البلاد.

فوضى إدارة الدولة وتأثيرها على الاقتصاد

تعاني مؤسسات الدولة من تفكك شبه كامل، حيث غابت السياسات الاقتصادية الفعالة، وانتشر الفساد بشكل غير مسبوق.

وفقًا لمؤشر مدركات الفساد لعام 2024 الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، جاء السودان في المرتبة 170 من أصل 180 دولة، مما يجعله واحدًا من أكثر البلدان فسادًا في العالم.

انهيار الجهاز المصرفي وتغيير فئة الألف جنيه

قبل وبعد الحرب، ظل الجهاز المصرفي في السودان معطوبًا وهشًّا من الناحية الهيكلية والوظيفية، حيث يعاني من ضعف الشمول المالي، الذي لا يتجاوز 15%، ما يجعل السودان من أضعف الدول في هذا المجال. كما يقدر حجم الكتلة النقدية المتداولة خارج النظام المصرفي بنحو 95%، في ظل سيطرة الاقتصاد الموازي والطفيلي على 85% من النشاط الاقتصادي.

إلى جانب ذلك، تعاني المصارف من ضعف شديد، حيث تآكلت رؤوس أموالها، وتدنت ملاءتها المالية، إذ لا تحقق أي من المصارف الحد الأدنى لرأس المال المطلوب وفقًا لمقررات لجنة بازل الأولى والثانية، المحددة بنسبة 8% و12% على التوالي.

أزمة المجاعة وتفاقم الوضع الإنساني

في ظل استمرار الحرب، بات السودان يواجه أزمة غذائية هي الأخطر في تاريخه. فقد دمرت الحرب مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية، وتعطلت سلاسل الإمداد الغذائي، ما أدى إلى نقص حاد في المواد الأساسية، وارتفاع الأسعار بشكل جنوني.

تشير بيانات التصنيف المتكامل لمراحل الامن الغذائي Integrated Food Security Phase Classification   (IPC) الصادر في ديسمبر 2024الموثوقة إلى أن:

• 25.6 مليون شخص في السودان يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد (المرحلة 3 أو أعلى).

• 755,000 شخص يعيشون في ظروف مجاعة حقيقية (المرحلة 5).

• 17 منطقة مهددة بدخول مرحلة المجاعة الكاملة بحلول منتصف 2025.

تحديات الإغاثة واستجابة المجتمع الدولي

رغم خطورة الوضع، فإن استجابة المجتمع الدولي لا تزال محدودة، حيث تعاني منظمات الإغاثة من صعوبات لوجستية وأمنية تعيق وصول المساعدات إلى المحتاجين. في الوقت نفسه، تتطلب مواجهة الأزمة جهودًا تنسيقية ضخمة بين الجهات الفاعلة محليًا ودوليًا، مع ضرورة الضغط لإنهاء الحرب كخطوة أولى نحو معالجة الأزمة الإنسانية.

تكلفة الحرب على الاقتصاد السوداني:

• تدمير البنية التحتية: انهيار شبكات النقل، وانقطاع الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه.

• تعطل النشاط التجاري والاستثماري: هروب رؤوس الأموال، وتراجع معدلات النمو الاقتصادي.

• ارتفاع معدلات التضخم: فقدان الجنيه السوداني لقيمته أمام العملات الأجنبية.

• انتشار الفقر والبطالة: نتيجة توقف الأنشطة الإنتاجية وتعطل المشاريع الاقتصادية.

السيناريوهات المحتملة لمستقبل الاقتصاد السوداني

1. السيناريو الأسوأ: استمرار الحرب دون حلول سياسية، مما يؤدي إلى انهيار شامل للاقتصاد.

2. السيناريو المتوسط: توقف القتال جزئيًا، لكن دون إصلاحات اقتصادية.

3. السيناريو السيء: سيناريو عودة النظام المخلوع  الذي  اصبح  واقعا فجا اشد ايلاما وقبحا لانه والغ في الدم وفي ظل الحرب لا يتورع في اذية الخلق وجرأة النهب والقتل ونشر ثقافة الحرب وتأطيره ، عودة النظام الفاسد والارهابي الذي أدي  الى الانهيار للاقتصاد السوداني بايذاء العلاقات السياسية والاقتصادية الدولية مما تسبب في الحصار الخانق بما زاد من معاناة قاسية للشعب بالفقر والبطالة، مما ساهم، على الاقل جزئيا، في فصل جنوب السودان، بما يهدد بمخاطر جمة مستقبلا في حال عودته.

4. السيناريو الإيجابي: التوصل إلى تسوية سياسية تفتح الباب أمام إعادة الإعمار.

خاتمة

السودان يقف اليوم عند مفترق طرق خطير. استمرار الحرب ونهب الموارد وسوء الإدارة دفع الاقتصاد إلى حافة الهاوية، حيث تتزايد معدلات الفقر والبطالة، ويهدد خطر المجاعة ملايين السكان.

الحل الوحيد للخروج من هذه الأزمة يكمن في وقف الحرب، وإعادة هيكلة الاقتصاد، وإصلاح المؤسسات الحكومية

spot_imgspot_img