بورتسودان: التحول
صعّدت الحكومة السودانية لهجتها تجاه دولة الإمارات العربية المتحدة، متهمةً إياها بـ”العدوان المباشر” على البلاد، وداعيةً الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والدولية إلى عقد اجتماعات طارئة لبحث ما وصفته بـ”الانتهاك السافر للسيادة السودانية واستهداف المنشآت الحيوية والمدنية في مدينة بورتسودان”.
ولليوم السادس على التوالي تتصدى المضادات الأرضية التابعة للجيش السوداني لطائرات مسيرة حاولت استهداف مدينة بورتسودان العاصمة الإدارية المؤقتة لحكومة السودان بولاية البحر الأحمر.
وأعلن وكيل وزارة الخارجية السودانية المكلف، السفير حسين الأمين، أن وزير الخارجية قد بعث برسائل رسمية إلى رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، ورئيس مجلس الأمن الدولي، والأمين العام للأمم المتحدة، وعدد من المنظمات الدولية والإقليمية، مطالبًا باتخاذ موقف واضح إزاء “العدوان الإماراتي” و”دعمها العلني للمليشيات المتمردة”.
وخلال لقاء رسمي جمعه بممثلي منظمات ووكالات الأمم المتحدة العاملة في السودان، قدم السفير الأمين إحاطة مفصلة حول “تطورات الأوضاع الأخيرة، بما في ذلك الهجمات التي استهدفت منشآت مدنية في بورتسودان”، مؤكداً أن هذه الاعتداءات تشكل “خرقًا صارخًا للمواثيق الدولية، وتهديدًا مباشرًا لحياة المدنيين والبنية التحتية، ومحاولة لخلق الفوضى والبلبلة في البلاد”.
وأضاف أن القوات المسلحة السودانية قادرة على “السيطرة على الموقف”، في وقت دعا فيه الأمم المتحدة لإدانة ما وصفه بـ”التصعيد العسكري الإماراتي ودعمها للمليشيات الإرهابية المستأجرة”.
مجلس الجامعة العربية:
في الأثناء استمع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين برئاسة مندوب المملكة الأردنية الهاشمية السفير أمجد عضايلة رئيس الدورة الحالية لمجلس الجامعة، استمع في اجتماع طارئ يوم أمس، الخميس إلى تنوير من السفير عماد الدين مصطفى عدوي مندوب السودان لدى الجامعة، حول تطورات الأوضاع في السودان جراء الاستهداف الذي لحق بعدد من المنشآت الحيوية بولايتي البحر الأحمر وكسلا.
وأشار السفير السوداني إلى أن الاستهداف طال مرافق الخدمات الأساسية من مياه شرب وطاقة وكهرباء ومنشآت نفطية واستراتيجية.
وأدان المجلس هجمات قوات الدعم السريع على المنشآت الحيوية في السودان، ووجه المنظمات العربية المتخصصة بتقديم الدعم الإنساني العاجل والمساعدة في إعادة تأهيل المرافق المتضررة.
وأعرب السفير عدوي عن تقدير السودان حكومةً وشعباً لمواقف الدول العربية المشرفة ووقوفها بجانب الشعب السوداني ومؤسساته الوطنية.
من جهتها، أكدت مفوضة العون الإنساني السوداني، سلوى آدم بنية، استقرار الأوضاع الإنسانية في شرق البلاد، وانسياب المساعدات إلى مختلف الولايات، مشيرة إلى أن الهجمات لم تؤثر على حركة العمل الإنساني حتى اللحظة.
بدوره، أكد الممثل المقيم للأمم المتحدة بالإنابة استمرار عمل وكالات المنظمة الدولية من مدينة بورتسودان ومواصلة أداء مهامها.
بيان أبوظبي:
وفي سياق متصل، أصدرت وزارة الخارجية السودانية بياناً شديد اللهجة، ردًا على ما وصفته بـ”بيان بائس يدعو للسخرية” صدر عن وزارة الخارجية الإماراتية، تعليقًا على قرار السودان السيادي بقطع العلاقات الدبلوماسية مع أبوظبي.
وقالت الخارجية السودانية إن بيان أبوظبي “يعكس تجاهلًا غريبًا للأعراف الدولية، وانطوى على تطاول أجوف على الشعب السوداني”، مشيرة إلى أن الإمارات “تمارس إرهاب دولة ضد المدنيين السودانيين من خلال دعمها الميداني للطائرات المسيّرة، والأسلحة الفتاكة، بعد فشل حربها بالوكالة عبر المليشيات”.
وأضاف البيان: “رغم كل الجرائم والانتهاكات، تأتي الإمارات لتمتن على السودان بمساعدات لا تقارن بحجم الخراب الذي خلفته في الأرواح والممتلكات”.
كما أشار البيان إلى التاريخ الطويل من العلاقات، مذكّراً بأن “السودان ساهم في تأسيس دولة الإمارات الحديثة منذ ستينيات القرن الماضي، حيث اعتمد الشيخ زايد المؤسس على الكفاءات السودانية في بناء قطاعات الدولة كافة”.
توضيح بشأن السفير السابق
في تطور آخر، نفت وزارة الخارجية السودانية بشكل قاطع أي صفة رسمية للسفير السابق عبد الرحمن أحمد خالد شرفي، مؤكدة أن الرجل قد أحيل إلى التقاعد الإجباري منذ أكتوبر 2024، ولا تربطه أي صلة بسفارة السودان في أبوظبي.
وجاء النفي رداً على تداول بعض المنصات الإخبارية لبيان قيل إنه صادر عن السفير السابق، وهو ما وصفته الوزارة بـ”محاولة للتشويش والتزييف الإعلامي في توقيت بالغ الحساسية”.
خلفية التوتر
تأتي هذه التطورات في ظل تصعيد غير مسبوق بين الخرطوم وأبوظبي، على خلفية اتهامات سودانية رسمية للإمارات بدعم قوات الدعم السريع في حربها ضد الجيش، وتزويدها بطائرات مسيّرة وأسلحة متطورة، استخدمت في الهجمات على الفاشر ودارفور، ما أدى إلى مقتل وإصابة الآلاف وتشريد مئات الآلاف.
وكان مجلس السيادة السوداني قد أعلن قبل أيام قطع العلاقات الدبلوماسية مع الإمارات بشكل رسمي، وهو ما ردت عليه أبوظبي ببيان “تحفظت فيه على القرار” وأعربت عن “أسفها للتطورات”.
