Site icon صحيفة التحول

الصحة العالمية: النظام الصحي في السودان على شفا الانهيار الكامل وسط تفشٍّ للأوبئة ومجاعة تهدد نصف السكان

نازحون ينقلون مياه الشرب إلى مساكنهم ــ منظمة الصحة العالمية

التحول:متابعات


حذّرت منظمة الصحة العالمية من أن النظام الصحي في السودان بات على حافة الانهيار، في ظل استمرار الصراع الدائر للعام الثاني، وتفاقم الأوضاع الصحية والإنسانية قبيل موسم الأمطار، ما يهدد بتفشي أوسع للأمراض، وانهيار الخدمات، وزيادة معدلات سوء التغذية.

ووفقًا لتقرير صادر عن المنظمة، فإن أكثر من 30 مليون شخص في السودان بحاجة إلى مساعدات إنسانية، من بينهم أكثر من 20 مليونًا في حاجة ماسة إلى خدمات صحية، وسط نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية المنقذة للحياة، وهجمات متكررة على المنشآت الصحية والكوادر الطبية، وانعدام الأمن الذي يعيق الوصول إلى المحتاجين.

وقالت الدكتورة حنان بلخي، المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، إن “هذه الأزمة تمزّق النظام الصحي في السودان. نفدت الإمدادات من المستشفيات، والعاملون الصحيون مُعرّضون للخطر، والأمراض تنتشر في مناطق بالكاد نستطيع الوصول إليها”. وأشارت إلى أن موسم الأمطار سيضاعف من حجم التهديدات الصحية ويقيد الوصول إلى الخدمات.

وأكّدت المنظمة أن أكثر من ثلثي ولايات السودان تُكافح حاليًا ثلاثة أو أكثر من حالات تفشي الأمراض في آنٍ واحد، بما يشمل الكوليرا، والملاريا، والحصبة، وحمى الضنك، وهو ما يتزامن مع انهيار شبكات المياه النظيفة، وتعطل أنظمة التحصين، ومراقبة الأوبئة، ومكافحة نواقل الأمراض.

المجاعة وسوء التغذية

يشهد السودان أيضًا تدهورًا مقلقًا في الأمن الغذائي، حيث تأكد وقوع مجاعة في خمس مناطق، مع تحذيرات من توسّعها إلى 17 منطقة خلال عام 2025. وتشير التقديرات إلى أن 24.6 مليون شخص – أي نصف عدد السكان – سيواجهون مستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي، من بينهم 770 ألف طفل دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم.

الهجمات على القطاع الصحي

منذ اندلاع الصراع في أبريل 2023، تحققت منظمة الصحة العالمية من 156 هجومًا على مرافق الرعاية الصحية، أسفرت عن مقتل 318 شخصًا وإصابة 273 آخرين. ووصفت المنظمة هذه الهجمات بأنها “انتهاكات صارخة للقانون الإنساني الدولي”، وأنها تُقوّض أي قدرة متبقية على تقديم الرعاية الصحية.

جهود الاستجابة

رغم الظروف القاسية، أكّدت منظمة الصحة العالمية أنها تمكنت من تقديم خدمات صحية لأكثر من مليون شخص، ودعم 52 مستشفىً في مختلف ولايات السودان، وتطعيم أكثر من 10 ملايين طفل ضد الحصبة والحصبة الألمانية، و11.5 مليون ضد شلل الأطفال، و12.8 مليون ضد الكوليرا.

كما عالجت المنظمة نحو 50,000 طفل يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم المصحوب بمضاعفات طبية، وأطلقت في نوفمبر 2024 برنامجًا لتطعيم الأطفال ضد الملاريا لأول مرة، استهدف 148,000 طفل في ولايتي القضارف والنيل الأزرق.

وقدمت المنظمة دعمًا للصحة النفسية، والرعاية للناجين من العنف القائم على النوع الاجتماعي، كما أرسلت أكثر من 2,250 طنًا متريًا من الإمدادات الطبية إلى كافة ولايات السودان، عبر ممرات إغاثة من تشاد وجنوب السودان.

مشروع للاستجابة طويلة الأمد

ضمن نهج مزدوج يجمع بين الاستجابة الإنسانية ودعم النظام الصحي، أطلقت المنظمة مشروع “SHARE” بالشراكة مع وزارة الصحة السودانية، والبنك الدولي، ومنظمة اليونيسف، بهدف استعادة وظائف المستشفيات ومراكز الرعاية الأولية، وتقديم خدمات الصحة والتغذية الأساسية.

فجوة تمويلية:
وفيما يتعلق بالتمويل، أشارت المنظمة إلى أن خطة الاستجابة لعام 2025 تتطلب 135 مليون دولار أمريكي، لم يُموّل منها حتى الآن سوى خُمس المبلغ المطلوب، وهو ما يُعد جزءًا ضئيلًا من الاحتياجات الملحة.

وشددت الدكتورة بلخي على أن “العاملين الصحيين الشجعان في السودان يُحققون المستحيل دون أي دعم يُذكر. إنهم بحاجة إلى الحماية والوصول الآمن والأدوات اللازمة لإنقاذ الأرواح. الوقت ينفد”.

نداء عاجل

تُطالب منظمة الصحة العالمية جميع أطراف النزاع في السودان بضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل مستدام ودون عوائق، واحترام القانون الإنساني الدولي، مؤكدة أن “الرعاية الصحية حق من حقوق الإنسان، لكنها في السودان اليوم شريان حياة مُعرض للخطر”.

Exit mobile version