أيوا: التحول
انعقد المؤتمر العاشر لملتقى إيوا للسلام والديمقراطية في الفترة من 5 إلى 6 أبريل 2025، عبر المنصة الإلكترونية، تحت شعار “وقف الحرب، وحدة السودان، واستعادة الديمقراطية”. جاء هذا المؤتمر في توقيت دقيق وحاسم من تاريخ السودان، في ظل معاناة الشعب السوداني جراء الحرب والصراعات المستمرة. وقد هدف المؤتمر إلى بلورة حلول سياسية تعزز السلام وتعالج الأزمات الإنسانية المستمرة التي يعاني منها المواطنون السودانيون.
المؤتمر شهد مشاركة واسعة من ممثلي العديد من القوى السياسية السودانية، حيث شارك فيه حزب الأمة القومي، الحزب الشيوعي السوداني، حزب المؤتمر السوداني، الحركة الشعبية لتحرير السودان (التيار الثوري الديمقراطي)، حزب التجمع الاتحادي، حزب البعث العربي الاشتراكي، حزب البعث القومي، الحزب الوحدوي الديمقراطي الناصري، التحالف السوداني، مؤتمر البجا المكتب القيادي، والحزب الاشتراكي الديمقراطي الوحدوي. هذه المشاركة الواسعة أكدت على الجدية والاهتمام من الأطراف السياسية بمسار السلام والتحول الديمقراطي في البلاد.
أشاد المشاركون بالروح الجادة والشفافة التي سادت جلسات المؤتمر، حيث تم طرح العديد من الرؤى الواقعية والمقترحات العملية التي يمكن تطبيقها لتحقيق السلام والاستقرار في السودان. وقد استلهم المؤتمر من ثورتي أبريل وديسمبر، بالإضافة إلى تجارب الشعوب التي تمكنت من تجاوز الحروب والصراعات بنجاح من خلال الحكمة والإرادة الوطنية.
وقد تناول المشاركون في المؤتمر عدة مبادئ أساسية، كان من أبرزها: الوقف الفوري وغير المشروط للحرب، وفتح الممرات الإنسانية لتلبية احتياجات المدنيين، وتقديم القضايا الإنسانية كأولوية مطلقة لا تقبل التأجيل. كما أكد المؤتمر على رفض الحكم العسكري، داعيًا إلى ضرورة إبعاد المؤسسة العسكرية عن العمل السياسي والاقتصادي، مع ضرورة إعادة هيكلتها على أسس وطنية ومهنية بما يتماشى مع مشروع الدولة المدنية الجديدة لضمان الاستقرار الداخلي.
من بين المبادئ الأخرى التي تم التأكيد عليها كانت وحدة السودان أرضًا وشعبًا، ورفض أي مشاريع تقسيم، مع احترام التعدد الثقافي والديني واللغوي. كما شدد المؤتمر على أهمية تحقيق العدالة الشاملة لمحاسبة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وتفكيك بنية نظام 30 يونيو وانقلاب 25 أكتوبر 2021. وتم التأكيد أيضًا على ضرورة تبني نموذج ديمقراطي مستدام مع ضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت رقابة إقليمية ودولية.
فيما يتعلق بالمرحلة الانتقالية، تم الاتفاق على أن الطريقة التي ستُنهى بها الحرب ستحدد طبيعة السلطة الانتقالية المقبلة، ما يستدعي توافقًا وطنيًا يشرك جميع الأطراف في العملية السياسية. وتم الاتفاق على أن الحكومة المدنية يجب أن تُشكّل من خلال حوار تشاركي بين جميع القوى الثورية، مع ضرورة تحديد مهام السلطة الانتقالية ومدتها عبر مؤتمر سياسي جامع أو لجنة توافق وطني موسعة.
وبخصوص إعادة الإعمار، أكد المؤتمرون على أهمية تأسيس صندوق شامل لإعادة إعمار المناطق المتأثرة بالحرب، مع ضرورة إشراك المجتمع المدني في عمليات الإعمار والرقابة لضمان الشفافية والمساءلة. كما تم التأكيد على ضرورة تقديم دعم خاص للمناطق الريفية من خلال تحسين البنية التحتية وتوفير الخدمات الأساسية، بالإضافة إلى دعم الفلاحين والمزارعين لضمان تحقيق تنمية مستدامة ومتوازنة في البلاد.
أما بالنسبة لدور المجتمع الدولي، فقد أكد المشاركون في المؤتمر على ضرورة أن يكون المجتمع الدولي شريكًا مراقبًا، دون فرض وصاية، مع دعوة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية إلى تنظيم مؤتمر دولي لدعم إعادة إعمار السودان، شرط أن يكون الدعم مرتبطًا بالتقدم في مسار الانتقال الديمقراطي.
وفي ختام البيان، أكد المشاركون على التزامهم التام ببذل الجهود لوقف الحرب الفوري، وبناء سودان جديد يسوده السلام والحرية والعدالة. كما دعوا أبناء الشعب السوداني إلى الالتفاف حول رؤية وطنية جامعة تقوم على الحوار، مشددين على أهمية الحفاظ على دماء الشهداء وأحلام الأجيال القادمة في بناء وطن يسع الجميع.