نيروبي: التحول
وقّعت الأطراف المكوّنة لتحالف السودان التأسيسي “تأسيس” من قوات الدعم السريع والحركة الشعبية بقيادة عبدالعزيز الحلو وحلفائهما، في الساعات الأولى من صباح أمس الثلاثاء على الدستور الإنتقالي لعام 2025م، ألغت بموجبه الوثيقة الدستورية لسنة 2019، ونصّ على أن يكون السودان دولة علمانية ديمقراطية لا مركزية، تُقام على أساس “الوحدة الطوعية”، والمباديء فوق الدستورية وحق تقرير المصير. واحترام التنوع والتعدد، والمساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات.
كما نصّ الدستور الجديد على تأسيس جيش جديد مهني، يرتكز على قوات الدعم السريع، والجيش الشعبي لتحرير السودان، والحركات المسلحة الموقعة على الدستور، مع حل ما وصفها “بميليشيات حزب المؤتمر الوطني” التي تستند مرجعيتها الدينية إلى الحركة الإسلامية في إشارة إلى لجيش السوداني،.
وكان التحالف قد وقع على (ميثاق السودان التأسيسي) في الـ 23 من فبراير 2025 والذي مهد لصياغة الدستور الإنتقالي.
وشهدت العاصمة الكينية نيروبي أزمة كبرى عقب توقيع الإعلان السياسي، وذلك بعد تسريبات أفادت بأن مسودة الدستور التي أجريت عليها تعديلات من قبل وفد الحركة الشعبية، تضمنت إلغاء ولاية غرب كردفان عبر إعادة توزيع محلياتها بين ولايتي شمال وجنوب كردفان.
ويقضي المقترح بضم المحليات الشمالية من ولاية غرب كردفان إلى ولاية شمال كردفان، بينما تُلحق المحليات الجنوبية بولاية جنوب كردفان مع تعديل تسميته إلى إقليم جبال النوبة.
غضب وسط أبناء المسيرية:
وأثار التعديل غضب أبناء غرب كردفان، ما أدى إلى تصاعد الخلافات بشكل غير مسبوق. وانخرطوا في اجتماع طاري على الفور، ضم عبد الرحيم دقلو، وفضل الله برمة ناصر، في محاولة لتهدئة الموقف. غير أنه لم يخرج بقرارات حاسمة، حيث اكتفى المشاركون بتطمينات غير مؤكدة بأن حقوق أبناء غرب كردفان لن تُهدر.
وأفادت مصادر متطابقة في تصريح نقلته صحيفة “سودان برس” أن الحلو ووفد الحركة الشعبية، تمسكوا بتبعية مناطق لقاوة الكبرى، والبيجا، وكيلك، لإقليم جبال النوبة، وهو ما رفضته بشدة قيادات المسيرية وأبناء غرب كردفان.
وأدى ذلك إلى تعطيل إجراءات تكوين اللجان الفنية والمشتركة لاختيار الحكومة، حيث لا تزال الوساطات تعمل لاحتواء الموقف.
في ذات السياق عقدت الإدارات الأهلية بمنزل الناظر مختار بابو نمر، اجتماعاً وقّعت خلاله على مذكرة رسمية رفعتها لكل من قائد ثاني الدعم السريع وقيادة الحركة الشعبية، معلنةً رفضها القاطع لأي محاولة لإلغاء ولاية غرب كردفان أو تقسيمها.
من جهته قال السكرتير العام للحركة الشعبية لتحرير السودان شمال، عمار آمون إن “الحكومات التي تعاقبت على الحكم في السودان منذ 70 عاماً من الاستقلال الزائف أورثت البلاد تهميشاً وقتلاً ممنهجاً”.
وأوضح آمون، خلال مؤتمر صحفي بكينيا، أن الحركة الشعبية ترفض أي هوية قائمة على أساس أيديولوجيا دينية وعرقية، وأضاف “حكومات السودان المتعاقبة وظفت الدين للتفريق بين شعوب السودان، والعلمانية ليست كفراً، أو إلحادا ولا ضد الأديان”.
وقال الباشا طبيق مستشار قائد قوات الدعم السريع، في تغريدة على حسابه بمنصة إكس، أنه تم اليوم التوقيع على دستور السودان الجديد وذلك “بعد مشاورات ونقاشات جادة” وبحضور قائد ثاني قوات الدعم السريع عبد الرحيم دقلو ورئيس الحركة الشعبية شمال عبد العزيز الحلو.
وأضاف طبيق أن التوقيع على دستور السودان الجديد يعتبر “ميلادا جديدا لتأسيس الدولة السودانية الجديدة وتشكيل حكومة السلام التي انتظرها الشعب السوداني كثيرا”، وفق تعبيره، وقال إنه يمثل الخطوة الإجرائية التأسيسية الأولى بعد التوقيع على الميثاق السياسي لتحالف السودان التأسيسي (تأسيس).
قال رئيس تجمع قوى تحرير السودان الطاهر حجر، إن الدستور الانتقالي الذي وقعوا عليه في تحالف “تأسيس” تناول جذور الأزمة السودانية بوضوح.
وأضاف حجر في تغريدة على منصة إكس “لقد وضعنا أولى لبنات البناء الوطني، وهو الاعتراف بثرائنا وتنوعنا الاجتماعي الذي يعكس وجوه الجميع، حيث لا مكان لقانون الوجوه الغريبة أو نظام الفصل العنصري البغيض وبذلك نستطيع القول وداعًا لسودان الأمس هيا لنطلق سواعدنا نحو بناء السلام والعدالة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية لكل السودانيين دون تمييز”.

وحملت مسودة الدستور التي وقعتها الأطراف المكونة لتحالف السودان التأسيسي (تأسيس)، اسم “الدستور الانتقالي لجمهورية السودان لسنة 2025”.
وألغى الدستور الانتقالي، حسب ما أورد التحالف بصفحته على منصة فيسبوك، الوثيقة الدستورية الانتقالية لسنة 2019 وجميع القوانين والقرارات والمراسيم السابقة.
ونص دستور تأسيس على أن السودان دولة علمانية ديمقراطية لا مركزية، ذات هوية سودانية، تقوم على فصل الدين عن الدولة، وكذلك فصل الهويات الثقافية والعرقية والجهوية عن الدولة والتأكيد على أن المواطنة المتساوية هي الأساس للحقوق والواجبات، وفق التحالف.
ونص على تشكيل حكومة انتقالية من أولوياتها إنهاء الحرب وتحقيق السلام، وفق التحالف.
كما نص الدستور على أن تكون قوات الدعم السريع والجيش الشعبي لتحرير السودان وحركات الكفاح المسلّح الموقعة على ميثاق السودان التأسيسي نواة للجيش الوطني الجديد.
وأقر الدستور بحل المليشيات التابعة للمؤتمر الوطني والحركة الإسلامية وجميع المليشيات الأخرى اعتبارا من تاريخ إجازة وسريان هذا الدستور، وفق البيان.
وبحسب ما أورد التحالف فإن الدستور يقوم على اللامركزية السياسية والإدارية والقانونية والمالية، كما أقر بأن الدولة السودانية تؤسس على الوحدة الطوعية.ونص الدستور على أن تتكون الفترة الانتقالية من مرحلتين وهما الفترة ما قبل الانتقالية التأسيسية، وتبدأ من تاريخ سريان هذا الدستور وتستمر حتى الإعلان الرسمي عن إنهاء الحروب، والفترة الانتقالية التأسيسية، وتبدأ فور الإعلان الرسمي عن إنهاء الحروب وتمتد لمدة 10 سنوات.
المصدر : الجزيرة ووكالات