Site icon صحيفة التحول

الصليب الأحمر: انهيار الرعاية الصحية والعنف الجنسي يفاقمان الكارثة الإنسانية في السودان

رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان ــ وسائل التواصل

بورتسودان:التحول

كشف رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان، دانيال أومالي، عن انهيار كارثي لنظام الرعاية الصحية في البلاد جراء استمرار النزاع المسلح بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. وأكد أومالي في مؤتمر صحافي عقده في بورتسودان، الأربعاء، أن المرافق الصحية في مناطق النزاع تعرضت لأضرار بالغة، مما دفع بعض الجرحى إلى التماس العلاج في دول مجاورة يأسًا من الوضع الصحي المتردي داخل السودان.

وأوضح أومالي أن ما بين 70 إلى 80 بالمائة من المرافق الصحية في مناطق النزاع أصبحت خارج الخدمة تمامًا، مما يحول دون حصول اثنين من كل ثلاثة مدنيين على الرعاية الطبية الأساسية. وأشار إلى أن المستشفيات القليلة التي لا تزال تعمل، والتي لا تتعدى 20 بالمائة من إجمالي المرافق الصحية، تواجه نقصًا حادًا في الأدوية والمعدات الطبية الضرورية بالإضافة إلى نقص الكوادر الطبية المؤهلة.

وحذر رئيس بعثة الصليب الأحمر من أن تفاقم الأزمة الصحية يضع النساء والأطفال وكبار السن في وضع بالغ الصعوبة للحصول على الرعاية الصحية اللازمة. وكشف عن أن عمليات نهب المرافق الصحية وتهديد العاملين في القطاع الصحي والمرضى وممارسة العنف الجسدي ضدهم أصبحت أمرًا شائعًا في مناطق النزاع.

وكان وزير الصحة السوداني، هيثم محمد، قد أشار في تصريحات سابقة إلى أن نحو 80 بالمائة من المستشفيات والمرافق الصحية في البلاد قد خرجت عن الخدمة نتيجة لوقوعها في مناطق الاشتباكات أو تعرضها لأضرار جزئية أو كلية.

دعوة عاجلة لوقف الأعمال العدائية وتسهيل وصول المساعدات

في سياق متصل، حث دانيال أومالي طرفي النزاع، الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، على الالتزام الصارم بأحكام القانون الدولي الإنساني. وشدد على الضرورة الملحة لوصول المساعدات الإنسانية إلى جميع المحتاجين في مناطق النزاع، وأهمية السماح للمنظمات الإنسانية بالعمل بأمان لضمان تقديم المساعدات والحماية اللازمة للمتضررين من القتال. وأكد أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر تعمل مع جميع الأطراف دون تحيز بهدف حماية أرواح المدنيين في جميع أنحاء السودان.

تفاقم العنف الجنسي وتداعياته المدمرة

إلى جانب الانهيار الصحي، سلط تقرير صادر عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر بمناسبة مرور عامين على اندلاع الحرب الضوء على تفشي العنف الجنسي على نطاق واسع في السودان. وأشار التقرير إلى أن العديد من الناجين من هذا العنف المروع يجدون صعوبة بالغة في الحصول على الخدمات الطبية المنقذة للحياة والدعم النفسي والاجتماعي الضروريين للتعافي.

وأوضح التقرير أن نقص الخدمات الصحية يجعل من الصعب تقدير الحجم الحقيقي لمشكلة العنف الجنسي، إلا أن الشهادات الواردة ترسم صورة قاتمة للمشهد، وتشير إلى وجود نمط مقلق يتمثل في تجريد الضحايا من إنسانيتهم. وأكد أن العنف الجنسي أصبح سببًا رئيسيًا للنزوح القسري، حيث أفاد بعض الأشخاص بأنهم فروا من منازلهم على الفور بسبب تعرضهم أو تهديدهم بالعنف الجنسي، بينما استُهدف آخرون أثناء محاولتهم الفرار بحثًا عن الأمان.

وكشف التقرير عن أن أكثر من 70 ناجية من العنف الجنسي، وخاصة الحوامل منهن، كن مترددات في طلب الرعاية الطبية المبكرة خوفًا من الوصم الاجتماعي. ومع تقدم حملهن، وجدن أنفسهن في كثير من الأحيان بلا أي دعم، وبعيدات عن أفراد عائلاتهن الذين، على الرغم من شهادتهم على الأحداث المؤلمة، واجهوا صعوبة بالغة في استيعاب ما حدث.

جهود البحث عن المفقودين تتصاعد

وفي جانب آخر من التداعيات الإنسانية للنزاع، أفاد تقرير اللجنة الدولية للصليب الأحمر بأنها تلقت 7700 طلب بحث عن مفقودين حتى نهاية ديسمبر الماضي. ورغم أن هذا الرقم يعتبر ضئيلاً مقارنة بحجم الأزمة، إلا أنه يمثل زيادة بنسبة 66 بالمائة مقارنة بإجمالي عدد الحالات المسجلة في عام 2023. وقد نجحت اللجنة في تسهيل إجراء أكثر من 45 ألف مكالمة هاتفية بين أفراد العائلات المنفصلة داخل السودان.

وفي ختام تقريرها، جددت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان دعوتها لجميع الأطراف بضرورة الامتثال الكامل للقانون الدولي الإنساني، وتوفير مساحة للحفاظ على الحد الأدنى من المعايير الإنسانية وفصلها عن أي أجندات سياسية. وأكدت أن حماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون أي عوائق ليسا مجرد خيار، بل واجب قانوني أساسي ينبع من القانون الدولي الإنساني.

Exit mobile version