نيروبي: التحول
وقعت قوات الدعم السريع والحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة عبدالعزيز آدم الحلو والقوات المتحالفة معها رسميا على ميثاق لتشكيل “حكومة سلام ووحدة” موازية لحكومة بورتسودان برئاسة الفريق عبدالفتاح البرهان.
وجرى التوقيع في العاصمة الكينية نيروبي التي تحتضن مؤتمرا للقوى السياسية السودانية.وسط غياب تام لقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي”.
وبحسب “رويترز” فإن “الميثاق الموقع بين قوات الدعم السريع والجماعات المتحالفة معها يدعو إلى إقامة دولة علمانية ديمقراطية غير مركزية”.
وكانت الساحة السياسية في السودان تترقب توقيع الاتفاق من قبل تحالف يضم أحزابًا سياسية وحركات مسلحة وقوى مدنية وأهلية ونقابية، إضافة إلى قوات الدعم السريع والحركة الشعبية بقيادة عبد العزيز الحلو، التي تسيطر على مناطق واسعة في كردفان والنيل الأزرق.
تفتيت السودان:
وأثار قرار تشكيل حكومة موازية لحكومة بورتسودان جدلاً واسعاً ومخاوف من محاولات تقسيم السودان بينما أعلن التحالف السوداني التأسيسي “تأسيس” بوحدة السودان.
وأرجأ المشاركون في مداولات نيروبي التوقيع على الميثاق السياسي للحكومة الجديدة الذي كان مقررا الجمعة للمرة الثالثة، لوجود خلافات بشأن قضايا دستورية وإجرائية بعد انضمام رئيس الحركة الشعبية شمال عبدالعزيز الحلو إلى التحالف السياسي الجديد قبيل موعد التوقيع الأول على الميثاق الاثنين الماضي.
ونقلت صحيفة “العرب” عن مصدر سوداني على صلة باجتماعات نيروبي أن التأجيل جاء في اللحظات الأخيرة، وأن قضية علمانية الدولة التي تصر عليها الحركة الشعبية وبعض المسائل الإجرائية المتعلقة بدمج الجيوش ودور الحكومة الموازية وكيفية تكوينها أدت إلى عدم الالتزام بالموعد المحدد، ورفضت الأطراف المشاركة في الاجتماعات الإعلان عن موعد نهائي للتوقيع وتركت الباب مفتوحا إلى حين التوافق على كافة البنود.
وأضاف المصدر ذاته أن اللجان الفنية المسؤولة عن الصياغة النهائية للميثاق لم تفرغ من عملها بعد، وأدخلت تعديلات من الصعب أن تعيق التوقيع عليه، وأصبح التفاهم حول القضايا الرئيسية كبيرا منذ بدء مفاوضات مع الحلو للانضمام إلى الحكومة.
أزمة دبلوماسية:
وفي أول رد فعل رسمي في هذا الشأن، اعتبرت الخارجية السودانية أن كينيا، باستضافتها هذه الاجتماعات، “تنكرت لالتزاماتها بموجب القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والأمر التأسيسي للاتحاد الإفريقي ومعاهدة منع الإبادة الجماعية”.
وأضافت: “هذه الخطوة من الحكومة الكينية لا تتعارض فقط مع قواعد حسن الجوار، وإنما تناقض أيضا التعهدات التي قدمتها كينيا على أعلى مستوى بعدم السماح بقيام أنشطة عدائية للسودان في أراضيها، وهي كذلك بمثابة إعلان العداء لكل الشعب السوداني”.
وأعلنت الحكومة السودانية عن تشكيل لجنة للتعامل مع الموقف الكيني ودعت الخارجية السودانية المجتمع الدولي لإدانة مسلك الحكومة الكينية، وتعهدت باتخاذ “خطوات تعيد الأمور إلى نصابها”. بينما قررت سحب سفيرها لدى نيروبي في خطوة أولى في اتجاه التصعيد.
غير أن الحكومة الكينية أكدت أن استضافتها اجتماعات مجموعات سودانية في نيروبي، تأتي في إطار سعيها المستمر لإيجاد حلول توقف حرب السودان، بالتنسيق مع الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي.
استضافة نيفاشا:
وردا على اتهامات الخارجية السودانية لنيروبي بانتهاك سيادة السودان وتشجيع تقسيمه باستضافتها للاجتماعات السودانية، التي يشارك فيها نحو 30 جسما سياسيا ومهنيا وأهليا وحركات مسلحة، المستمرة منذ الثلاثاء ويتوقع اختتامها الجمعة بالتوقيع على ميثاق سياسي تأسيسي، قال بيان صادر عن الحكومة الكينية، الأربعاء، إن “ما تم في نيروبي من اجتماع لقوات الدعم السريع وحركات مسلحة وقوي مدنية يهدف إلى تسريع إيقاف الحرب والاتفاق بين السودانيين”.
لكن الحكومة الكينية أكدت أنها تسعي للمساعدة في عودة الاستقرار الأمني والسياسي في السودان عبر حكم مدني، بالتنسيق مع الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي.
وأوضحت نيروبي بحسب قناة إسكاي نيوز في بيان: “الصراع في السودان، الذي طال أمده لا يزال يدمر دولة كانت قبل 4 سنوات فقط تسير على مسار إيجابي من الاستقرار والديمقراطية والرخاء لشعبها. من المؤسف أن العملية الديمقراطية في السودان انقطعت وتحولت الأزمة الناجمة عن ذلك إلى حرب داخلية مدمرة”.
وأضافت: “ظلت عضوية السودان في الاتحاد الإفريقي معلقة منذ أكتوبر 2021، وجدد اجتماع الاتحاد الأخير تجميد العضوية إلى حين اتخاذ إجراءات مدنية مطلوبة”.
وشددت الحكومة الكينية على أنها، وإلى جانب عدد من دول المنطقة، “تتحمل مسؤولية إدارة أزمة اللاجئين، في ظل البنية الأساسية الإنسانية المتهالكة بالفعل”.
وتشير التقديرات إلى أن عدد النازحين واللاجئين من جراء حرب السودان بلغ حتى اليوم نحو 15 مليون شخص، أغلبهم من الأطفال والنساء، مما ألقى تأثيرات كبيرة على الإقليم.
وأضافت كينيا: “الأزمة في السودان تتطلب اهتماما إقليميا وعالميا عاجلا، وبفضل مكانتها كداعم للسلام في المنطقة وفي مختلف أنحاء العالم، تظل كينيا في طليعة الدول التي تسعى لإيجاد حلول لها”.
وخرج السودانيون في مواكب هادرة بولاية جنوب دارفور تؤيد ميثاق السودان التأسيسي وتشكيل حكومة مدنية وسط أمال وتطلعات بأن يكون الاتفاق يالمخرج من الأزمة.