التحول: وكالات
قال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية توم فليتشر إن العمل الإنساني يواجه وقتا عصيبا، حيث شكلت وتيرة وحجم تخفيضات التمويل للمساعدات الإنسانية صدمة هائلة لهذا المجال، مضيفا أن “الكثيرين سيموتون لأن تلك المساعدات الإنسانية تنضب”.
جاء هذا خلال أول مؤتمر صحفي يعقده فليتشر في مقر الأمم المتحدة بنيويورك منذ توليه منصبه.
وقال المسؤول الأممي الذي يشغل أيضا منصب منسق الإغاثة في حالات الطوارئ إن “الوضع سيكون أصعب بكثير بالنسبة للأشخاص الذين نخدمهم، إذ يحتاج أكثر من 300 مليون شخص الآن إلى دعم إنساني”.
وأضاف: “على مستوى أسرة الأمم المتحدة وشركائها، نتخذ خيارات صعبة يوميا بشأن أي الأرواح سنعطيها الأولوية، وأيها سنحاول إنقاذها. لذا أعتقد أن الأسابيع المقبلة ستحدد كيف سنعبر كحركة إنسانية هذا التحدي المستمر الذي يواجه شرعيتنا ومعنوياتنا وتمويلنا”.
إعادة تنظيم الصفوف
وأشار إلى رسالته التي وجهها عبر اللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات وحدد فيها عشر نقاط حول كيفية الاستجابة للتحديات الراهنة.
وقال إن الرسالة الصعبة هي “أنه سيتعين علينا إعادة تنظيم صفوفنا بشكل مدروس”، مضيفا أنه مع تقليص الموارد، “فإن مهمتنا الأساسية ينبغي أن تكون أكثر وضوحا”.
وأفاد بأنه سيستلم في نهاية هذا الأسبوع خططا مفصلة من جميع منسقي الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، حيث سيجتمع أولئك المسؤولون في كل دولة من دول الأزمات، مع الفريق القُطري الإنساني من مختلف الوكالات والمنظمات غير الحكومية، لمناقشة كيفية تغيير استراتيجياتهم لمواجهة هذا التحدي الجديد.
وقال فليتشر: “علينا أن نقاوم. علينا أن نعيد النظر فيما نفعله”، مضيفا “نعم، سنتراجع عن جزء كبير من عملنا الإنساني، لكننا لن نتراجع عن قيمنا والقيم التي تدعم هذه المهمة”.
كما أكد المسؤول الأممي الحاجة إلى وضع حد لهذه الحقبة من الإفلات من العقاب والهجمات على المدنيين وعمال الإغاثة، ومحاسبة الجناة.
وفي إجابته عن أسئلة الصحفيين، ذكَّر فليتشر بأن ما يقرب من نصف النداءات الإنسانية مولت عبر الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة، منبها إلى أنه ينبغي إدراك السياقات التي تتخذ فيها الحكومات القرارات بتقليص التمويل، مشيرا إلى أن الأمر لا يتعلق فقط بالحكومة الأمريكية.
وأشار إلى الحاجة إلى 47 مليار دولار لتقديم المساعدات للناس حول العالم، مشددا على أنه “يجب علينا إنقاذ أكبر عدد ممكن من الأرواح بالمال الذي لدينا، وليس بالمال الذي نرغب في الحصول عليه”.
الوضع في السودان
وعن الوضع في السودان، تحدث المسؤول الأممي عن زيارته الأخيرة إلى البلاد والتي قال إن أحد أهدافها كان تسليط الضوء على الأزمة وإيصالها إعلاميا على نطاق أوسع.
وقال فليتشر متحدثا عن الوضع في دارفور تحديدا ومخيم زمزم الذي أُعلِن فيه عن تفشي المجاعة: “فرقنا الإنسانية تبذل قصارى جهدها للوصول إلى هناك والبقاء وتقديم المساعدات، حتى في ظل هذه الظروف الأمنية الصعبة للغاية في أماكن مثل مخيم زمزم. لذا، فإن (ضمان) الوصول (الإنساني) مهم حقا”.
ودعا إلى إنهاء هذا الصراع وإسكات أصوات الأسلحة حتى يتم الوصول إلى مزيد من المحتاجين.
صدمة أعظم في غزة
وعن الوضع في غزة، أشار وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية إلى الفارق الهائل الذي صنعه الإبقاء على تدفق المساعدات الإنسانية منذ وقف إطلاق النار، مضيفا “من الواضح أن هذا فرق لم نُحدثه خلال الأسبوعين الماضيين منذ إغلاق الحدود”.
وتحدث عن زيارته للقطاع حيث “كانت الصدمة أعظم” عند عبوره إلى شمال غزة حيث لم يكن بالإمكان رؤية ما هو مدرسة أو مستشفى أو منزل، وكان الدمار أكبر في شمال القطاع.
وأضاف: “من الأشياء الصادمة التي رأيتها ونحن نقود في الطريق هو الكلاب وهي تنبش بين الأنقاض. سألتُ زميلي الذي كان معي: لماذا هذه الكلاب سمينة جدا؟ فقال لأن الكلاب تبحث عن الجثث”.
وأشار إلى أنه كان في غزة عندما تم الإعلان عن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن غزة، حيث تحدث إلى العديد من الفلسطينيين عن هذا الأمر والذين أكدوا أنهم يخططون للبقاء، مضيفا: “كل من تحدثتُ إليه قال أعطونا الخيام لنتمكن من إعادة بناء حياتنا ومجتمعاتنا”.
وشدد على أهمية الحفاظ على تدفق المساعدات لأنها أحدثت فرقا كبيرا.
قلق بشأن الوضع الضفة الغربية
وعند سؤاله عن الضفة الغربية، أعرب وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية عن القلق بشأن الوضع هناك.
وأضاف: “من الواضح أن الحقائق على الأرض تتغير بسرعة كبيرة. وهذه مأساة على المستوى الإنساني بالنسبة للمعنيين، ولكن أيضا بالنسبة لآفاق حل الدولتين”.
وأعرب عن اعتقاده بأن الوضع في الضفة الغربية ليس نسخة طبق الأصل مما يحدث في غزة، لكنه أكد أن الوضعين في حد ذاتهما مثيران للقلق الشديد.
احتياجات كبيرة في سوريا
وعند سؤاله عن زيارته الأخيرة إلى سوريا في كانون الأول/ديسمبر، شدد فليتشر على أن “الاحتياجات لا تزال كبيرة كما كانت دائما”.
وأضاف: “أخبرني الناس أنهم بحاجة إلى إزالة الذخائر غير المنفجرة ليتمكنوا من العودة إلى ديارهم والبدء في إعادة بناء حياتهم. إنهم بحاجة إلى الطعام والماء والدواء والكهرباء”.
وأشار إلى أن هناك الكثير من الناس في حالة نزوح، بما في ذلك بسبب أعمال العنف الأخيرة في اللاذقية.
وفيما يتعلق بإيصال المساعدات، أكد أن العمل في سوريا أصبح أسهل مما كان عليه في ظل نظام الأسد، مشيرا إلى أنه في كل مرة يواجهون عقبة أو مشكلة في إيصال المساعدات تتم مناقشتها مع سلطات تصريف الأعمال، ويتم التعامل معها بما في ذلك إبقاء المعابر الحدودية مفتوحة.
وعن الوضع في شمال شرق البلاد، قال إن هناك بعثة لتقييم الأوضاع ومعرفة ما إذا كانت التغييرات السياسية الأخيرة، والاتفاقات التي أُبرمت مطلع الأسبوع، “ستساعدنا في إيصال مزيد من المساعدات إلى من هم في أمس الحاجة إليها”.