Site icon صحيفة التحول

دارفور تختنق: الانهيار الصحي والقصف المتواصل، تحت حصار الدعم السريع والنزوح بلا أفق

نازحين من معسكر زمزم ــ خاص التحول

الفاشر – أم كدادة: التح

تشهد ولايات دارفور كارثة إنسانية متكاملة الأركان، تتصاعد يومًا بعد يوم، وسط حصار محكم، وانهيار كامل للبنية التحتية الصحية، وارتكاب انتهاكات ممنهجة من قبل قوات الدعم السريع بحق السكان المدنيين. وبينما تتركز أنظار العالم على المواجهات العسكرية، تتساقط مئات الأرواح بصمت في المدن والقرى المحاصرة، حيث المرض والقصف وانعدام الغذاء والمياه يحصدون أرواح الأبرياء، خصوصًا الأطفال.

أكثر من 65 طفلًا ضحية تفشي مرض الغدة

في قرية تريج بوسط دارفور، فقد أكثر من 65 طفلًا حياتهم خلال أسابيع، بسبب مرض “الغدة” الذي لم تتمكن السلطات أو المنظمات الصحية من تحديد طبيعته بدقة بسبب انعدام المختبرات ووسائل التشخيص. ووفقًا لتقارير ميدانية وشهادات محلية، تعاني القرية من غياب كامل للرعاية الصحية الأولية، حيث لا يوجد مركز صحي مجهز، وتضطر الأمهات لحمل أطفالهن المرضى سيرًا على الأقدام لعشرات الكيلومترات للوصول إلى أقرب نقطة علاجية.



مجازر ممنهجة في الفاشر

في مدينة الفاشر، تصاعدت وتيرة القصف والهجمات المسلحة على مخيمات النازحين، خاصة معسكري زمزم وأبوشوك، حيث تشير التقديرات الأولية إلى مقتل أكثر من 300 مدني بينهم عشرات النساء والأطفال، خلال الأسبوعين الماضيين فقط. وتستهدف قوات الدعم السريع الأحياء السكنية المكتظة، والمرافق الصحية ومصادر المياه، مما أدى إلى تدمير أكثر من 70% من البنية التحتية الإنسانية في المخيمات.
وتفيد تقارير محلية أن الدعم السريع يستخدم الطائرات المسيّرة في القصف، وسط حصار خانق يمنع إدخال الغذاء والدواء، ما يهدد بوقوع مجاعة وشيكة.

يفترشون أطراف المدينة

نزح آلاف من سكان معسكر زمزم سيرًا على الأقدام باتجاه أطراف مدينة الفاشر، بعد أن اشتدت الهجمات والقصف العشوائي. وبحسب تقارير ميدانية، يعيش هؤلاء النازحون في ظروف غير إنسانية، تحت الأشجار وفي العراء، دون مأوى أو مياه نظيفة أو طعام. ويقدّر عددهم بأكثر من 400 ألف نازح جديد خلال أبريل فقط، مما فاقم الضغط على المدينة التي تعاني أصلًا من شح الموارد ومحدودية القدرات الصحية.

أم كدادة تحت النيران
في ولاية شمال دارفور، تحديدًا في مدينة أم كدادة، تعرضت المدينة مؤخرًا لهجمات عنيفة من قبل قوات الدعم السريع التي دخلت المدينة بقوة كبيرة، وسط تقارير عن إعدامات ميدانية واعتقالات جماعية، مع تحذيرات من نذر إبادة جماعية. وتشير إفادات شهود عيان إلى وجود نزوح جماعي للمدنيين إلى المناطق الريفية، وسط انقطاع تام في وسائل الاتصال والإنترنت، ما يصعّب من توثيق الانتهاكات على نطاق واسع.

وتشير شهادات ميدانية من مناطق النزاع إلى انهيار شبه تام في الخدمات الأساسية، وخروج محطات المياه والطواحين عن الخدمة، بسبب انقطاع الوقود وصعوبة الوصول إلى المناطق المحاصرة، مما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الأساسية، وشح مياه الشرب، وتفشي الأوبئة.

في ظل هذا الوضع، ترتفع نداءات النشطاء المحليين والمنظمات الحقوقية بضرورة تدخل دولي عاجل، وفتح ممرات إنسانية، وتحقيق فوري في الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها المدنيون في دارفور، وسط غياب أي مؤشرات على تهدئة أو تسوية قريبة للصراع المستعر في الإقليم.

يظهر من خلال هذا التصعيد المتزامن في الفاشر، تريج، وأم كدادة، وجود نمط ممنهج من سياسات الحصار والتجويع والقتل العشوائي، يُحتمل أن ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب. وعلى ضوء هذا الوضع، يرى مراقبون ضرورة تشكيل لجنة دولية مستقلة لتقصي الحقائق في دارفور. وتفعيل الآليات الدولية العاجلة لإيصال المساعدات الإنسانية للمناطق المحاصرة جوًا. ومحاسبة مرتكبي الجرائم ضد المدنيين، ورفع الحصانة عن قادة الدعم السريع المتورطين. مع دعم جهود الرصد والتوثيق الميداني من قبل المنظمات المحلية والدولية.

نداء للأمين العام:

وكان حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، وجه نداءً عاجلًا إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، محذرًا من التدهور السريع للوضع الإنساني في مدينة الفاشر ومخيم زمزم للنازحين داخليًا، إلى جانب معسكرات نيفاشا والسلام ومحلية أم كدادة في ولاية شمال دارفور، التي تتعرض منذ أيام لهجمات عنيفة من قوات الدعم السريع.

جاء هذا النداء في رسالة رسمية بعث بها مناوي إلى نيويورك، على خلفية الهجوم الذي شنّته مليشيا الدعم السريع على مخيم زمزم في 12 أبريل الجاري، والذي أسفر عن سقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين، وارتكاب انتهاكات واسعة شملت اختطاف نساء وأطفال، وقصف مباشر للمخيمات والمنشآت المدنية. ودعا مناوي الأمم المتحدة إلى التدخل الفوري من أجل الإفراج عن النساء والأطفال المختطفين فضلاً عن ضمان إيصال الإمدادات الغذائية والطبية دون عوائق إلى السكان المتضررين داخل الفاشر ومخيمات النازحين. وفك الحصار المفروض على مدينة الفاشر من قبل قوات الدعم السريع.

وأكد حاكم دارفور التزام سلطات الإقليم بالقانون الدولي الإنساني، وترحيبها بالتعاون مع وكالات الأمم المتحدة لتسهيل عمليات إيصال المساعدات المنقذة للحياة، برًا وجوًا، مشددًا على استعدادها لتوفير الحماية اللازمة وتسهيل حركة فرق الإغاثة إلى المناطق المتأثرة.

ويأتي هذا النداء في وقت تتزايد فيه التحذيرات الدولية من تفاقم الكارثة الإنسانية في دارفور، لا سيما بعد استهداف مخيمات النازحين بشكل ممنهج، واستمرار الحصار الخانق على الفاشر، وسط انهيار كامل للمنظومة الصحية، وتزايد حالات المجاعة، ونقص حاد في المياه والدواء.

Exit mobile version