Site icon صحيفة التحول

مجلس الأمن يدعو لوقف القتال في جنوب السودان وسط تحذيرات من حرب أهلية وشيكة

رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي يلتقي الرئيس سلفاكير بجوبا ـ تمازج

جوبا: التحول
في ظل تصاعد العنف وتدهور الأوضاع الأمنية والإنسانية في جنوب السودان، دعا مجلس الأمن الدولي إلى الوقف الفوري للقتال والانخراط في حوار سياسي شامل، محذرًا من انزلاق الدولة الوليدة مجددًا إلى أتون حرب أهلية.

وفي قرار تبناه المجلس مساء الخميس بأغلبية 12 صوتًا وامتناع ثلاث دول (روسيا، الصين، وباكستان)، تم تمديد تفويض بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان (UNMISS) حتى 30 أبريل 2026، مع التشديد على ضرورة خلق بيئة مواتية لإجراء انتخابات نزيهة بنهاية الفترة الانتقالية.

قلق دولي:

وأعرب القرار الأممي عن قلق بالغ إزاء التقارير التي تشير إلى استخدام “براميل متفجرة” بشكل عشوائي في العمليات العسكرية، حيث اتهمت منظمة “هيومن رايتس ووتش” القوات الحكومية بإلقاء قنابل حارقة عبر الطائرات على مناطق في شمال شرق البلاد، ما أسفر عن مقتل العشرات وتشريد أعداد كبيرة من المدنيين.

تزامن ذلك مع تصاعد القتال في ولاية أعالي النيل بين “القوات الحكومية” وأخرى تتبع لنائب رئيس الجمهورية، المعتقل حاليا، رياك مشار، في ظل تحذيرات من عودة الحرب الأهلية التي خلفت آلاف القتلى وشردت الملايين منذ استقلال البلاد في 2011.

وأبقى مجلس الأمن الدولي على حجم القوة الموجودة أصلا عند سقف 17 ألف عسكري و2101 شرطي، لكنه لاحظ إمكانية إدخال “تعديلات” على عددها ومهامها “اعتمادا على الظروف الأمنية على الأرض” وعلى اتخاذ “تدابير ذات أولوية”، مثل إزالة العقبات التي تعترض عمل بعثة الأمم المتحدة في دولة جنوب السودان وخلق “مناخ مواتٍ” لإجراء الانتخابات.

وخلال الجلسة، وجهت القائمة بأعمال السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة دوروثي شيا انتقادات إلى الحكومة الانتقالية في جنوب السودان، معتبرة أنه سيكون أمرا “غير مسؤول” منحها مزيدا من الأموال لتنظيم الانتخابات في ظل “تقاعسها”.

الرباعية الدولية تدعو لضبط النفس:

وفي بيان مشترك، أعربت الرباعية الدولية – التي تضم بعثة الاتحاد الأفريقي، والهيئة الحكومية للتنمية “إيقاد”، وبعثة الأمم المتحدة، ولجنة المراقبة والتقييم المشتركة – عن “قلقها المتزايد” إزاء التدهور السريع للوضع الأمني والسياسي.

وحثت الرباعية قادة البلاد على الوقف الفوري للأعمال العدائية والعودة إلى طاولة الحوار، مشيرة إلى أن استمرار الهجمات الجوية والبرية أدى إلى خسائر فادحة في الأرواح ونزوح الآلاف، إلى جانب تصاعد خطاب الكراهية والتحريض العرقي الذي يقوّض الثقة في العملية السياسية.

رسالة إلى قادة جنوب السودان:

كما شددت على ضرورة إطلاق سراح النائب الأول للرئيس رياك مشار ومسؤولي المعارضة المعتقلين، وتهيئة بيئة سياسية شاملة تضمن إعادة تجميع وتمويل مؤسسات المرحلة الانتقالية، والالتزام بنص وروح اتفاق السلام.
ودعت الرباعية الدولية آلية مراقبة وقف إطلاق النار وإلى فتح تحقيقات عاجلة وشاملة حول أعمال العنف الأخيرة، وضمان محاسبة المسؤولين عنها، لتهيئة مناخ ملائم لاستعادة ثقة المواطنين.

أكدت الجهات الدولية مجتمعة أنه “لا يوجد حل عسكري” للأزمة، داعية إلى إعادة الالتزام بالحوار السياسي، وخلق أرضية توافقية تسمح بإجراء انتخابات حرة وذات مصداقية، باعتبارها السبيل الوحيد لتجنيب البلاد الانزلاق إلى صراع شامل.

جاء ذلك في بيان مشترك صدر في ختام زيارة رسمية إلى جوبا قام بها رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، محمود علي يوسف، بالتنسيق مع إيقاد، خلال الفترة من 5 إلى 6 مايو 2025. وهدفت الزيارة إلى الانخراط مع سلطات جنوب السودان والجهات الفاعلة الرئيسية بشأن تطورات الوضع السياسي والأمني وملف السلام.

وخلال تواجده في جوبا، أجرى رئيس المفوضية مشاورات رفيعة المستوى مع الرئيس سلفا كير ميارديت وكبار المسؤولين الحكوميين الآخرين.

وأعربت الرباعية في ختام بيانها عن تفاؤلها بأن يستحضر قادة جنوب السودان “روح الوحدة التي جمعتهم إبان كفاح الاستقلال”، لتجاوز حالة انعدام الثقة والعمل مجددًا من أجل مستقبل أكثر استقرارًا وسلامًا.

النائب الأول لرئيس حكومة جنوب السودان د. ريك مشار

الاتحاد الإفريقي و”إيقاد”:

أكدت مفوضية الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية “إيقاد”، مجددا دعمهما الثابت لحكومة وشعب جمهورية جنوب السودان في مساعيهما المستمرة لتحقيق السلام والوحدة الوطنية والحكم الديمقراطي والتنمية المستدامة.

ووفقا للبيان الصحفي بحسب “راديو تمازج” ركزت المناقشات على الحفاظ على المكاسب التي تحققت بصعوبة في اتفاق السلام، وتعزيز حوار وطني شامل وشفاف، ودعم التنفيذ في الوقت الملائم والموثوق والشفاف لخارطة الطريق الانتقالية، وتقوية المؤسسات الحكومية.

زيادة على ذلك، انخرط رئيس المفوضية مع ممثلي الهيئات الدبلوماسية الإقليمية والدولية ومجموعة الترويكا لتعزيز التنسيق وتوحيد نهج دعم الاستقرار في جنوب السودان.

وأكد الاتحاد الأفريقي والإيقاد على أن السلام والحكم الشامل يمثلان أساسا لا غنى عنه لتحقيق الاستدامة والتنمية الإقليمية والتكامل في جنوب السودان. وشددا على أهمية تعزيز الثقة المتبادلة والتماسك الوطني والمشاركة المدنية المستمرة والتعاون.

وجدد الطرفان التزامهما بالتعاون مع حكومة وشعب جنوب السودان، وكذلك مع الشركاء الدوليين والإقليميين، لحماية السلام ودعم المبادئ الأساسية لاتفاق السلام المنشط، وتعزيز مستقبل قائم على الوحدة والمرونة والازدهار.

ولم يشر بيان الاتحاد الأفريقي والإيقاد إلى وضع نائب رئيس جنوب السودان رياك مشار، الذي قيد الإقامة الجبرية في العاصمة جوبا.

الاعتراف ببديل لمشار:
في غضون ذلك أعلنت آلية تنفيذ اتفاقية السلام لعام 2018، وهي هيئة تضم جميع أطراف الاتفاقية، عن اعترافها بالقيادة المؤقتة للحركة الشعبية لتحرير السودان في المعارضة بقيادة وزير بناء السلام استيفن فار كول.

تأتي هذه الخطوة، على الرغم من توجيه سابق من نائب رئيس الحركة الشعبية في المعارضة، أويت ناثانيال، بتعليق عضوية فار كول في الحركة. ولا يزال موقف مفوضية مراقبة السلام المشتركة المعاد تشكيلها والأطراف الرئيسية الأخرى المعنية باتفاقية السلام من هذا القرار غير واضح حتى الآن.

وكان استيفن فار كول، القيادي بالحركة الشعبية في المعارضة، قد اعتُقل لمدة وجيزة في 6 مارس، ثم أُطلق سراحه لأسباب غير واضحة، بينما لا يزال العديد من قيادات الحركة، بمن فيهم وزير البترول وقائد جيش المعارضة، قيد الاحتجاز.

وأوضح مارتن إيليا لومورو، وزير شؤون مجلس الوزراء وسكرتير آلية تنفيذ السلام، للصحفيين في جوبا، أمس، الخميس أن فصيل استيفن فار يتمتع الآن بـ “كامل الحقوق” في ترشيح أعضاء لآليات السلام لدفع تنفيذ الاتفاق.

وزير بناء السلام استيفن فار كول رئيس القيادة “المؤقتة” للحركة الشعبية في المعارضة

وأضاف: “لديهم الآن كامل الحقوق لملء الفراغات في اللجنة العليا أو أي آلية أخرى، ونحث جميع أطراف الاتفاق على الامتناع من الإدلاء بتصريحات تتعارض مع حقيقة أن الاتفاق حي ونشط”.

وأكد إيليا لومورو، أن اللجنة اتفقت على المضي قدما في تنفيذ اتفاق السلام وتسريع خطط الانتخابات، كما هو موضح في رد الحكومة على الأزمة بتاريخ 26 أبريل، ودعا المواطنين والمجتمع الدولي إلى الاعتراف بأن “اتفاق السلام حي ونشط ويجري تنفيذه”.

من جانبه، أكد استيفن فار كول، الرئيس المؤقت للحركة الشعبية لتحرير السودان في المعارضة، على اعتراف اللجنة العليا بمجموعته. وقال: “لقد اعترفوا بنا كممثلين شرعيين للحركة الشعبية في المعارضة كطرف في اتفاق السلام، ونحن ممتنون لذلك”.

توقف صادر نفط جنوب السودان:
وفي سياق ذي صلة أعلنت السفارة السودانية في جوبا إن طائرات مسيّرة تابعة لقوات الدعم السريع قصفت مدينة بورتسودان صباح الثلاثاء، مما ألحق أضرارا بمستودعات تخزين النفط الخام التابعة لجنوب السودان.

وأوضحت السفارة أن سرباً من طائرات الدعم السريع المسيّرة استهدف منشآت حيوية في بورتسودان، للمرة الثالثة يوم الثلاثاء. وتركز القصف على محيط الميناء والمطار، ما أدى إلى تصاعد ألسنة اللهب وأعمدة الدحان من المستودعات التابعة لنفط جنوب السودان الواقعة بالقرب من الميناء الجنوبي، الذي يعتبر الميناء الرئيسي لبورتسودان على ساحل البحر الأحمر.

وأكد القنصل يحيى محمد عثمان، رئيس قسم الإعلام والثقافة بالسفارة السودانية، في تصريحات نقلها “راديو تمازج”، أن قصف قوات الدعم السريع أثر سلبا على صادرات النفط الجنوب سودانية، نظراً لتخزين الخام في بورتسودان قبل شحنه إلى الأسواق العالمية.

واتهم عثمان قوات الدعم السريع، بالتعاون مع دولة الإمارات العربية المتحدة، بتكرار استهداف البنية التحتية السودانية. وأشار إلى الأضرار التي لحقت بميناء ومطار بورتسودان الدوليين، مؤكدًا أن القصف عطل عملية تصدير النفط من بورتسودان في وقت كانت فيه جنوب السودان تستأنف صادراتها النفطية بعد توقف دام أكثر من عام، مما فاقم الأزمة الاقتصادية التي تعانيها البلاد.

وأقر القنصل بأن الاستهداف كان موجها للاستثمارات النفطية لجنوب السودان التي تمر عبر الأراضي السودانية، مؤكدا أن هذه الهجمات ستزيد تكلفة تصدير نفط جنوب السودان.

Exit mobile version