جوبا: التحول
بينما يستمر تدهور العلاقات الثنائية بين الخرطوم وأبوظبي يومًا بعد يوم، تتزايد وتيرة قوتها مع الجارة جمهورية جنوب السودان حيث تتخذ العلاقات الثنائية بين جنوب السودان والإمارات منحى تصاعديًا خاصة في الجوانب الاقتصادية وبشكل خاص النفط الذي يشكل مصلحة اقتصادية كبيرة بين السودان وجنوب السودان.
وتسببت الحرب في تضرر انسياب النفط من جنوب السودان إلى السودان بغرض التصدير، تزامن ذلك مع دمار كبير طال البنية التحتية لمنشآت النفط السوداني تقدر خسائرها بمليارات الدولارات.
ويوم الأحد أعلن مكتب رئيس جنوب السودان، سلفا كير، عن مغادرته جوبا متوجهًا إلى أبوظبي في زيارة عمل تستغرق ثلاثة أيام، ضمن ما أسماها الجهود الجارية لتعزيز العلاقات مع المستثمرين الإماراتيين المهتمين بالاستثمار في قطاعات الزراعة والتعدين والصحة في جنوب السودان.
واعتبر المحلل السياسي والصحفي الجنوب سوداني، اتيم سايمون، زيارة الرئيس كير إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، استمرارًا لبداية علاقات دبلوماسية بعد فتح سفارة جنوب السودان بدولة الإمارات قبل أكثر من سنتين وتعيين سفير.
وقال سايمون لـ”بيم ريبورتس” إن هناك تقاطعات في المصالح نشأت بين جوبا وأبوظبي في ملف النفط، لافتًا إلى أن جنوب السودان تبحث عن بدائل للتعاون الاقتصادي، بعد الحرب السودانية الأخيرة.
وأضاف: “هذه البدائل قائمة على أرضيات متعددة، من بينها أن الإمارات يمكن أن توفر قروضًا مالية لجنوب السودان لتحسين وضعها الاقتصادي، بعد تراجع الوضع نتيجة للحرب السودانية وتوقف تصدير نفط جنوب السودان عبر الأراضي السودانية».
مصالح جنوب السودان
وأشار سايمون إلى أن زيارة الرئيس كير للإمارات هي امتداد لزيارات سابقة وتطبيع العلاقات الثنائية وقروض مادية في جانب الاقتصاد، منوهًا إلى أن الاقتصاد في جنوب السودان يمر حاليًا بأزمة خانقة.
وأكد أن زيارة كير لدولة الإمارات العربية المتحدة تقوم على تلبية مصالح جنوب السودان، أكثر من كونها قائمة على أي نوع من أدوار إقليمية في المنطقة.
ورأى المحلل السياسي الجنوب سوداني، أن تقاطعات العلاقات بين جنوب السودان والإمارات، تشوبها مخاوف من طبيعة العلاقات التي تجمع بين قوات الدعم السريع وأبوظبي، وأنها كانت واحدة من المناطق التي خلقت استفهامات كثيرة خلال الحرب في السودان.
غير أنه تابع قائلًا: “جنوب السودان دولة ذات سيادة يحق لها أن تخلق علاقات قائمة على مصالحها الرئيسية ومصالح شعبها بشكل أساسي، على ألا يتضرر منها أي جار في المنطقة، لا سيما الجانب السوداني”.
وأردف: “أرى أن هذا يمكن أن يساهم في مساعدة الأطراف في السودان في التوصل إلى اتفاق سلام، لأن جنوب السودان ليس لديها مطامع في السودان، وهي تطمح بأن تقف الحرب وأن يكون هناك على الأقل استقرار في الجانب السوداني».
وبحسب سايمون، فإن الإمارات تمثل أيضًا بوابة لتعاون قائم على تطبيع علاقات بين جنوب السودان والمجتمع الدولي تحديدًا الولايات المتحدة الأمريكية التي من خلالها تحاول إيجاد منفذ للضغط على حكومة جنوب السودان في سبيل تنفيذ اتفاق السلام بين الحكومة والمتمردين».
مخاوف السودان
وبشأن مخاوف الجانب السوداني المربوطة بأن جوبا إذا متنت علاقاتها مع أبوظبي يعني تعاونها مع قوات الدعم السريع، أوضح سايمون أن جنوب السودان تتعامل مع الأطراف في السودان بحياد، خاصة في ملف النفط.
وقال إن حكومة جنوب السودان أبلغت البرهان خلال زيارته الأخيرة إلى جوبا، بأن لديها مفاوضات مع الدعم السريع في مناطق سيطرتها، فيما يتعلق بصيانة خطوط أنابيب البترول، لضمان مرور النفط.
وفي ديسمبر العام الماضي، أجرى قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، يرافقه وزير الطاقة والنفط، مباحثات ثنائية، في جوبا مع الرئيس سلفا كير شملت استئناف تدفق النفط والأمن الحدودي بين البلدين بعد تأثر الملف باندلاع الحرب في السودان.
وتوسعت علاقات الإمارات في المنطقة الإفريقية بشكل كبير خلال الأشهر الأخيرة، حيث أعلنت منتصف يناير الماضي عن توقيعها اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة، تتضمن مشروع زراعي ومبادرات أخرى مع دولة كينيا الواقعة في شرقي أفريقيا.
محلل سياسي: أبوظبي يمكن أن تشكل بديلًا اقتصاديًا لجوبا بسبب الأزمة السودانية

رئيس جمهورية جنوب السودان سلفاكير ميارديت ـ موقع ويكيبيديا