نواكشوط: التحول
أعلن أطراف الوساطة الدولية في الاجتماع التشاوري الثالث حول توحيد المبادرات وتعزيز جهود السلام في السودان “عن قلقه البالغ إزاء استمرار الأعمال القتالية في السودان، ولما يترتب على ذلك من تأثيرات مدمرة على الشعب السوداني في مقدمتها تفاقم الوضع الإنساني الكارثي أصلاً، وأزمة الغذاء، ووجود ما يزيد على 11 مليون نازح و3 ملايين لاجئ ومشرد”.
جاء ذلك في سياق بيان صدر أمس الخميس عن الاجتماع التشاوري لأطراف الوساطة الدولية عن الأزمة في السودان والذي استضافته العاصمة الموريتانية “نواكشوط” أمس الأربعاء، بمقر الأكاديمية الدبلوماسية في نواكشوط، بمشاركة موريتانيا التي تترأس الدورة الحالية للاتحاد الأفريقي، والمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، رمضان لعمامرة، ووفود من المملكة العربية السعودية والبحرين ومصر والولايات المتحدة الأمريكية وجيبوتي، إضافة إلى الاتحاد الإفريقي ومجموعة “الإيغاد”، والاتحاد الأوروبي.
واستند الاجتماع التشاوري، وفقا لما ورد في بيانه الختامي، لمقررات الاجتماعين التشاوريين الأول والثاني بشأن تعزيز تنسيق مبادرات وجهود السلام في السودان، اللذين عقد أولهما بالقاهرة في 12 يونيو 2024 تحت رئاسة جامعة الدول العربية، والثاني في جيبوتي في 24 يوليو 2024 تحت رئاسة جمهورية جيبوتي، التي تترأس الدورة الحالية لمنظمة “إيغاد”.
واستذكر الاجتماع التشاوري قرار مجلس الأمن رقم 2736 بتاريخ 13 حزيران / يونيو 2024 بشأن السودان، الذي يدين بشدة أعمال العنف في السودان وجميع انتهاكات حقوق الإنسان، كما يدين تدمير البنى التحتية المدنية بما في ذلك المستشفيات والمدارس، والاستيلاء على المباني والمنازل المدنية وتشريد أصحابها بصورة قسرية.
وأثنى الاجتماع “على الجهود القيمة التي يبذلها جميع المشاركين بصفاتهم المختلفة من أجل إجراء مفاوضات وقف إطلاق النار، وحماية المدنيين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، بالإضافة إلى دعم جهود إطلاق حوار سياسي شامل دون إقصاء يؤدي إلى حكم مدني انتقالي”.
وشدد البيان التأكيد “على أهمية تنظيم اجتماعات تشاورية منتظمة بهدف تبادل وجهات النظر حول الوضع الراهن للتنسيق الاستراتيجي المتعلق بتفعيل مبادرات المساعي الحميدة والوساطة والسلام التي تستهدف معالجة النزاع في السودان وآفاقه، مع ضمان تكامل هذه المبادرات بما يسهم في تحقيق نتائج متعاضدة”.
وأوضح محمد سالم ولد مرزوق وزير الشؤون الخارجية الموريتاني “أن هذا الاجتماع التشاوري الثالث حول السودان الذي تحتضنه نواكشوط يأتي استكمالًا للمسار التوافقي الذي انطلق من القاهرة وتواصل بجيبوتي”؛ مؤكدا “أن غاية هذا المسار هو إيجاد حلول ناجعة للأزمة السودانية، ودعم جهود السلام والاستقرار في هذا البلد الشقيق”.
وقال “إن استضافة موريتانيا لهذا الاجتماع تأتي استجابة لطلب من الأمم المتحدة واستمرارًا للجهود المشتركة التي بدأت في الاجتماعين التشاوريين السابقين، في إطار تنسيق الجهود الدولية والإقليمية الرامية إلى دعم السودان الشقيق وتحقيق تطلعات شعبه المشروعة في الأمن والتنمية والسلام”.
واستند الوزير في كلمته إلى الفقرة السادسة من ميثاق الأمم المتحدة، التي تؤكد أهمية تسوية النزاعات بطرق سلمية تحفظ السلم والأمن الدوليين، وتعزز احترام السيادة الوطنية للدول”.
وأضاف “أن انعقاد هذا الاجتماع في موريتانيا، يترجم، من جهة أخرى، حرص الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني على المشاركة الفاعلة في أي جهد جاد يهدف إلى تذليل العقبات التي تعترض العملية السلمية في هذا البلد الشقيق، انطلاقاً من الروابط التاريخية العميقة وأواصر الأخوة الراسخة التي تجمع بين الشعبين الموريتاني والسوداني، والتي تستلزم وقوف موريتانيا الدائم إلى جانب أشقائها في السودان”.
وفي كلمة أخرى، أوضح سفير جيبوتي لدى السودان عيسى خيري روبله “أن الاجتماع يأتي في إطار الاجتماع التشاوري الثالث للوسطاء الإقليميين والدوليين حول السودان، حيث يأتي في مرحلة دقيقة وحساسة، مضيفا أن لجمهورية جيبوتي الشرف الكبير باستضافة الاجتماع التشاوري الثاني أو ما يعرف بـ “خلوة الوسطاء”، الذي انعقد في العاصمة جيبوتي يومي 25 و26 يوليو الماضي”.
وكان الرئيس ولد الشيخ الغزواني، قد ناقش يوم الأربعاء، مع وفد الأمم المتحدة المشارك في الاجتماع التشاوري حول السودان برئاسة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان رمضان لعمامره، “تطورات الوضع الراهن في جمهورية السودان خاصة فيما يتعلق بالجانب الإنساني وآفاق البحث عن حلول مناسبة للأزمة في هذا البلد الشقيق”، وفقا للمكتب الإعلامي للرئاسة الموريتانية.
وفي كلمة أمام الاجتماع، أكد نائب وزير الخارجية السعودي، المهندس وليد الخريجي، “أن الحل لإنهاء أزمة السودان يبدأ في إطار وقف القتال، وتعزيز الاستجابة الإنسانية للشعب السوداني، فضلاً عن التمهيد لمستقبل سياسي سوداني، بما يضمن أمنه واستقراره، وصيانة وحدته وسيادته واستقلاله ووقف التدخلات الخارجية فيه”.
وأوضح الدبلوماسي السعودي “أن التزام طرفي الصراع بتنفيذ ما تم التوقيع عليه في إعلان جدة (الالتزام بحماية المدنيين السودانيين) الموقع بتاريخ 11 مايو 2023م، هو خطوة للأمام ننتظرها نحن والشعب السوداني الذي يعاني كل يوم من ويلات هذه الحرب”.
وكان وزير الخارجية الموريتاني، محمد سالم ولد مرزوك، قد أكد في حوار مع إذاعة فرنسا الدولية “أن الهدف الرئيسي من الاجتماع التشاوري هو إنشاء منصة للحوار لتنسيق الجهود نحو تحقيق وقف إطلاق نار دائم وحل سياسي شامل في السودان.
وأشار إلى “أن موريتانيا ستقوم بدور الميسر في هذه المناقشات”، مؤكدًا على “الروابط الثقافية والحضارية الوثيقة بين موريتانيا والسودان”.
المصدر: القدس العربي