أديس أبابا ــ القاهرة: التحول
أعلن رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، محمود علي يوسف، عن فتح حوار مباشر مع مجلس السيادة السوداني الانتقالي، تمهيدًا لبحث أزمة البلاد و”عودة السودان إلى الاتحاد”، وذلك بعد أكثر من عام من تجميد مشاركته بسبب الانقلاب العسكري في أكتوبر 2021، وما تلاه من انفجار الصراع في أبريل 2023.
وأدان الاتحاد الإفريقي التدخلات الخارجية في السودان وقال إن الحل يجب أن يكون أفريقياً. وأكد أن الاتحاد يواصل بذل جهود دبلوماسية مكثفة لتعزيز السلام والاستقرار في مختلف أنحاء القارة، عبر الحوار والمبادرات السياسية والتعاون الإقليمي والدولي.
وفي بيان صحفي عن نشاط الاتحاد خلال الأشهر الخمسة الماضية، أوضح يوسف أن المنظمة الإقليمية تركز على تسوية النزاعات عبر الحوار، مشيراً أن الاتحاد يواصل جهوده للحد من تداعيات الأزمة على المدنيين، والعمل على تسوية سياسية توقف التصعيد.
وفي لهجة حذرة، قال يوسف إن الاتحاد لا يقبل بـ”أي تدخل في الشؤون الداخلية”، متجنبًا الإشارة المباشرة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة التي تتهمها الحكومة السودانية بتسليح قوات الدعم السريع. ووفق يوسف، فإن “على السودان تقديم الأدلة إذا أراد المضي في الاتهام”.
يأتي هذا الموقف في وقت تتعرض فيه قوات الدعم السريع لاتهامات متزايدة باستخدام طائرات مسيرة وأسلحة متطورة في هجمات على مناطق مدنية، استراتيجية مثل مدينة بورتسودان عاصمة ولاية البحر الأحمر، مقر الحكومة المؤقتة.
وكانت الحكومة السودانية قد أعلنت قبل أيام قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الإمارات، متهمة إياها صراحةً بدعم قوات الدعم السريع بالسلاح والتمويل.
وتنفي أبوظبي الاتهامات، رغم تقارير عديدة من خبراء أمميين ومسؤولين أمريكيين تشير إلى وجود دعم غير مباشر عبر مسارات معقدة، تشمل نقل الأسلحة من دول ثالثة ووجود قواعد عسكرية في مناطق إفريقية قريبة من مسرح العمليات.
هذه الخطوة من جانب الخرطوم قد تعمّق عزلتها الإقليمية، لكنها تعكس أيضًا مأزقًا استراتيجيًا في إدارة التحالفات، خاصة أن الإمارات كانت من أبرز الداعمين للمجلس العسكري في سنوات ما بعد الثورة.
الجامعة العربية على خط الأزمة:
وفي السياق، استبعد الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط حضور كامل لرؤساء الدول الأعضاء في قمة بغداد الاعتيادية المرتقبة رقم 34، المنعقدة يوم السبت القادم، في وقت كشف عن إعداد الجامعة إلى جانب الأردن للدفع بمبادرة للتوفيق بين السودان والإمارات.
وكشف أبو الغيط عن نسب التمثيل والحضور في قمة بغداد الاعتيادية رقم 34 على مستوى الرؤساء قائلاً: “الحضور في القمة العربية لن يكون كاملا على مستوى الرؤساء، وأريد أن أقول إن الحضور يتحدد في اليوم السابق للقمة مثلاً الجمعة القادمة 16 مايو مساء سنعلم من سيحضر عشية القمة؟ والعرف جرى على ذلك”.
أن الجامعة، إلى جانب الأردن، مكلفة بإعداد مقترحات للتوفيق بين السودان والإمارات. ومع ذلك، يبدو الحضور العربي في الأزمة السودانية مرتبكًا ومفتقدًا للموقف الجماعي. مشيراً إلى أنه كأمين عام للجامعة لديه بند يتيح له التقدم بالمبادرات وتابع قائلاً: “أنا كأمين عام أتدخل في الخلافات العربية وفقاً لميثاق الجامعة وتقديره للموقف، بحسب الوضع في كل مشكلة”.
فالقمة العربية المرتقبة في بغداد تُعقد وسط تباينات حادة، كما علّقت الإعلامية لميس الحديدي، بين دول مثل السودان والإمارات، والجزائر والمغرب، وحتى الجزائر وأبوظبي، ما يضعف من فاعلية أي تحرك عربي جامع.
منذ اندلاع الحرب، انقسم السودان فعليًا إلى منطقتي نفوذ بين الجيش وقوات الدعم السريع. ومع تسرب الأسلحة، وتورط أطراف إقليمية بشكل مباشر أو غير مباشر، تبدو الأزمة في طريقها للتحول إلى نزاع طويل الأمد متعدد الأطراف.
التدخلات المتبادلة لا تُفضي فقط إلى إطالة أمد الحرب، بل تقوّض أي أمل في حل سوداني – سوداني، حتى ولو في ظل رعاية إفريقية.
حتى الآن، يبقى الأمل معلقًا على أن تلعب مفوضية الاتحاد الإفريقي دورًا حقيقيًا، لا شكليًا، في قيادة عملية سلام جادة، تُعيد السودان إلى المسار المدني والديمقراطي. لكن هذه الجهود لن تنجح ما لم يُكبح جماح التدخلات الخارجية ويُحمى القرار السوداني من التحول إلى ورقة بيد الأطراف الإقليمية المتصارعة.