Site icon صحيفة التحول

مشروع قانون يستهدف حفظ ماء وجه الإدارة الأميركية تجاه السودان

رئيس المجلس السيادة والقائد العام للجيش الفريق عبدالفتاح البرهان لدى تفقده لعدد من الوحدات في أم درمان ـ من منصة الناطق الرسمي بإسم الحكومة

بورتسودان: التحول

 كشف اتجاه عدد من نواب الحزب الديمقراطي في مجلس النواب الأميركي نحو التقدم بمشروع قانون لمواجهة الأزمة المتفاقمة في السودان عبر تسليط العقوبات على الطرفين المتحاربين والداعمين، عن رغبة في حفظ ماء وجه الحزب الديمقراطي الذي سوف يترك الرئاسة في يناير المقبل، دون أن يكون لهذه التحركات صدى إيجابي، بعد إخفاق إدارة الرئيس جو بايدن في جمع الجيش والدعم السريع عبر مفاوضات مشتركة في جنيف خلال أغسطس الماضي.

ويعتزم كبير نواب الحزب الديمقراطي في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأميركي غريغوري ميكس، بالتعاون مع النائبة الديمقراطية سارة جاكوبس، طرح مشروع قانون جديد لفرض عقوبات على قادة الأطراف المتحاربة وحظر بيع الأسلحة الأميركية للدول التي تُساهم في تأجيج الصراع.

ويطلب المشروع من الرئيس الأميركي تقديم خطة شاملة إلى الكونغرس لضمان تسليم المساعدات الإنسانية بشكل فعال وتعزيز الجهود لتحقيق السلام في السودان، ويقترح تعيين مبعوث رئاسي خاص لتنسيق الجهود الدبلوماسية بشأن الأزمة السودانية.

إمام الحلو: تصرفات الولايات المتحدة تشير إلى أنها غير جادة

وسوق الحزب الديمقراطي لما يحظى به مشروع القانون من تأييد بأنه يعكس التزاما بمعالجة الأزمة في السودان، معترفا بأن “القضية لم تحظ بالاهتمام الكافي حتى الآن.”

ومنذ أن فشلت الولايات المتحدة في إقناع الجيش والدعم السريع بتنفيذ ما جاء في إعلان جدة الذي انبثق عن مفاوضات رعتها واشنطن والرياض، شرعت في تنفيذ العقوبات بشكل متقطع وغير مؤثر على مجريات الحرب.

واستمرت في هذا التوجه إلى حين دعوتها إلى عقد مفاوضات مباشرة بين الطرفين في جنيف، لكنها فشلت في إقناع الجيش بالمجيء إلى المفاوضات التي حضرها وفد الدعم السريع وممثلون عن مصر والإمارات والسعودية.

وفرضت وزارة الخزانة الأميركية من قبل عقوبات على الفريق أول ميرغني إدريس سليمان مدير عام منظومة الصناعات الدفاعية في السودان، وفرض عقوبات على عدد من قادة الدعم السريع، كما فرضت عقوبات على ثلاث شركات مرتبطة بطرفي الحرب.

ويرى سياسيون أن القانون الجديد لن يغير واقع الحرب التي غابت بشكل كبير عن اهتمامات الولايات المتحدة لصالح الاهتمام بصراعات أخرى في المنطقة، وهي تنظر إلى أن مصالحها لم تتعرض لتهديد بسبب تعقيدات الصراع العسكري الذي يصعب حسمه سريعا، ولا تزال سواحل السودان على البحر الأحمر بعيدة عن السيطرة الروسية، ولم يستطع الجيش تفعيل اتفاق منح موسكو موقع تمركز بحري.

ودفع تسليط الضوء على الانتهاكات والمآسي الإنسانية التي يعاني منها الملايين من السودانيين الحزب الديمقراطي إلى مخاطبة الرأي العام الداخلي للتأكيد على التحرك من أجل وقف نزيف الدماء، بما يتماشى مع مبادئ يتم التسويق لها لحماية المدنيين وحفظ حقوقهم.

منطقة القرن الأفريقي لم تشهد تحركات قوية من جانب الإدارة الأميركية رغم التوترات في جنوب البحر الأحمر

وقبل انتهاء ولاية الرئيس جو بايدن يرسل الحزب إشارات مفادها أنه حاول وضع مواد قانونية تضيّق الخناق على الأطراف المتحاربة من دون أن تحسم إنهاء الحرب.

وقال رئيس لجنة السياسات بحزب الأمة القومي إمام الحلو إن إستراتيجية الولايات المتحدة وتصرفاتها منذ بدء الحرب تشيران إلى أنها غير جادة في وقف القتال، لأن إعلان جدة الشهير في 11 مايو من العام الماضي لم تقم واشنطن بوضع آلية لتنفيذه، وتحول إلى ورقة غير ملزمة للأطراف المتحاربة.

وأضاف الحلو في تصريح لـ”العرب” أن منطقة القرن الأفريقي لم تشهد تحركات قوية من جانب الإدارة الأميركية رغم التوترات في جنوب البحر الأحمر، كما أن منطقة الجنوب والغرب وشرق السودان محاطة بمشكلات وبحاجة إلى تدخلات عاجلة لمنع خلق بؤرة توتر واسعة في المنطقة، ولم يكن هناك ضغط أو مواجهة حاسمة من جانب واشنطن للدول التي تدعم بالمال والسلاح الصراعات المنتشرة في المنطقة.

وشدد على أن الولايات المتحدة عيّنت مبعوثا خاصا للسودان لا يملك أي قوة سياسية يستطيع بها فرض شروطه وأهداف إدارته على الطرفين المتحاربين، وما حدث في اتفاقية جنيف الأولى حينما أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أنه سيقود المفاوضات بنفسه دون أن يحضر الجيش كان فشلا ذريعا.

صديق أبوفواز: واقع السودان لن يغيره حاكم جمهوري أو ديمقراطي

ويعد قرار العقوبات الأسهل من حيث اتخاذه وتطبيقه، لكنه غير مؤثر في مجريات الصراعات، ويربط البعض بين العقوبات الأميركية المفروضة على نظام الرئيس السابق عمر البشير وبين قدرته على البقاء في السلطة إلى حين رحيله بثورة شعبية، وهو ما ينطبق على العقوبات الأميركية المفروضة على طهران والتي لم تؤد في النهاية إلى ردعها.

ويمكن أن يصبح سلاح العقوبات فعالا اقتصاديا على الحكومات وليس الجماعات والميليشيات المسلحة، كذلك الوضع بالنسبة إلى الأفراد الذين يدعمون الجهات المتحاربة بالمال والسلاح، فالتأثير يظهر على المدى الطويل، ولا يؤدي إلى وقف الحرب سريعا، ما يجعل السودانيين على قناعة بأن الولايات المتحدة غير معنية بوضع الكارثة الإنسانية التي يعاني منها الملايين من المدنيين في التقييم الإستراتيجي للحرب.

وشدد الحلو في حديثه لـ”العرب” على أن المواقف الخارجية من الحرب تتطلب من السودانيين أن يكونوا أكثر حزما في دعوة المجتمع الدولي إلى استجماع الروابط الإنسانية، وذلك لن يتحقق في غياب توحد السودانيين لإنهاء الصراع القائم، لأنه ليس معروفا كيف سيتعامل الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب مع طرفي الحرب.

ويهدف مشروع القانون الأميركي إلى زيادة الضغط الدولي لإنهاء الحرب، وتخفيف معاناة المدنيين، وإيصال المساعدات الإنسانية، وقد يُسلط الضوء على دور بعض الدول الإقليمية في تأجيج الصراع في السودان.

وأكد رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي الوحدوي صديق أبوفواز أن القانون الأميركي مثل “فرفرة مذبوح” قبل تسليم الديمقراطيين الإدارة إلى الحزب الجمهوري، ما يشي بأن المساعي الحالية لن تتقدم إلى الأمام وربما لا يتم تمريرها، وأن عدم توقع ما سوف يفعله الجمهوريون تجاه السودان يضع الجميع فوق فوهة بركان.

وأوضح أبوفواز في تصريحات لـ”العرب” أن الواقع في السودان لن يغيره حاكم جمهوري أو ديمقراطي، والوضع ينطبق على صراعات أخرى في المنطقة، إلى أن تحدث مفاجآت أو أشياء غير متوقعة يمكن أن تغير طبيعة الحروب الحالية.

وذكر أن الولايات المتحدة تلجأ إلى استخدام سلاح العقوبات بعد أن فشلت تدخلاتها العسكرية في الكثير من بؤر التوتر، وأصبح هناك حرص على ألا يكون ذلك إلا في النطاق الضيق، ويبقى البديل هو فرض العقوبات، غير أن هناك انتقائية واضحة في استخدام هذا السلاح، لأن ذلك تم بحق أشخاص غير مؤثرين في الحرب.

Exit mobile version