حث مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، اليوم الجمعة، الأطراف المتحاربة في جنوب السودان على “الابتعاد عن حافة الهاوية”، محذراً من أن وضع حقوق الإنسان معرض لمزيد من التدهور مع احتدام القتال. وأضاف تورك: “تصاعد الأعمال القتالية في جنوب السودان ينذر بخطر حقيقي يتمثل في تفاقم وضع حقوق الإنسان والوضع الإنساني المتردي أصلاً، وتقويض عملية السلام الهشة في البلاد”. وأكد أن “على جميع الأطراف الابتعاد عن حافة الهاوية فورا”.
واحتدم القتال منذ الثالث من مايو/أيار الجاري، إذ أشارت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إلى تقارير عن قصف جوي عشوائي وهجمات برية ونهرية شنتها قوات الدفاع الشعبي لجنوب السودان على مواقع الجيش الشعبي لتحرير السودان – في المعارضة في أجزاء من مدينة فانجاك بولاية جونقلي وفي مقاطعة تونغا في ولاية أعالي النيل. وقالت المفوضية إن 75 مدنياً على الأقل قتلوا وأصيب 78 من جراء القتال، الذي أدى إلى نزوح الآلاف من منازلهم في الفترة بين الثالث والعشرين من مايو. وأضافت أنه جرى استهداف مناطق مكتظة بالمدنيين، بما في ذلك منشأة طبية تديرها منظمة أطباء بلا حدود.
ودعت منظمة العفو الدولية، في وقت سابق، مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، “الأربعاء”، إلى إنفاذ وتجديد حظر الأسلحة المفروض على جنوب السودان، متهمة أوغندا بخرق هذا الحظر من خلال نشر قوات ومعدات عسكرية في الدولة التي تعاني نزاعات مستمرة.
وأكدت المنظمة الحقوقية،أن تحرك القوات الأوغندية ووصول المعدات العسكرية يشكل انتهاكا لحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة، والذي من المقرر أن ينتهي في 31 مايو. واستندت المنظمة في اتهاماتها إلى مقاطع فيديو تُحُقِّق من صحتها تُظهر قوات أوغندية تهبط في جوبا ومركبات مدرعة، بما في ذلك دبابات، تعبر الحدود في 17 مارس.
كير يقرب صهره بول ميل:
ويأتي ذلك بعدما أجرى رئيس جنوب السودان سلفا كير تعديلات على القيادة العليا للحزب الحاكم بموجب مرسوم رسمي في وقت تشهد فيه البلاد اندلاع قتال جديد بين فصائل مسلحة متنافسة وتكهنات واسعة النطاق حول خطط كير المتعلقة بخلافته. وأصدر كير (73 عاماً) مرسوماً بتعيين “صهره” الخاضع لعقوبات نائب الرئيس الثاني بنيامين بول ميل نائبا لرئيس الحزب الحاكم “الحركة الشعبية لتحرير السودان” الذي ينتمي إليه، وأذاع التلفزيون الرسمي النبأ مساء الثلاثاء بعد أسابيع من إعلان الأمم المتحدة أن البلاد على شفا حرب أهلية.
ويرى محللون سياسيون أن بول ميل هو الخليفة المختار الأقرب لكير، الذي يستعد للتنحي بعد أن ترددت أنباء عن تدهور حالته الصحية، ما قد يثير القلق من تفجر الأوضاع في جنوب السودان.
وكانت الولايات المتحدة فرضت عقوبات على بول ميل عام 2017 للاشتباه في أن شركته تلقت معاملة تفضيلية في منح العقود الحكومية.
وفي حالة تنحى كير، فإن الدور الجديد الذي سيضطلع به بول ميل نائبا لرئيس حزب الحركة الشعبية لتحرير السودان من شأنه أن يجعله قائما بأعمال رئيس البلاد.
ويأتي التعديل الوزاري بعد أشهر من حالة عدم اليقين السياسي بعد أن فرضت السلطات الإقامة الجبرية على رياك مشار، النائب الأول للرئيس ومنافس كير، متهمة إياه بمحاولة إثارة تمرد.
ونفى حزب المعارضة بزعامة مشار هذه الاتهامات، وأشار إلى أن هذه الخطوة أبطلت فعلياً سريان اتفاق السلام المبرم عام 2018 الذي أفضى إلى إنهاء حرب أهلية دامت خمس سنوات في جنوب السودان بين قوات الدينكا التابعة لكير ومقاتلي النوير الموالين لمشار.
ومنذ استقلاله عن السودان عام 2011، يواجه جنوب السودان أعمال عنف تحول دون وضع حد للحرب الأهلية الدامية. وأدى الصراع إلى مقتل حوالي 400 ألف شخص ونزوح أربعة ملايين بين العامين 2013 و2018 عندما جرى توقيع اتفاق سلام تتهدّده الاشتباكات الجديدة.
صراعات داخل السلطة :
وشكل كير ومنافسه، النائب الأول للرئيس رياك مشار، حكومة وحدة في عام 2020 بموجب اتفاق السلام لعام 2018، إلى جانب شخصيات معارضة أخرى في مناصب رئيسية. ومع ذلك، وضع كير مشار قيد الإقامة الجبرية في 26 مارس.
في خطوة غير متوقعة أخرى، أقال كير، جيمس واني إيقا من الأمانة العامة عقب استبعاده من القصر الرئاسي كأحد نواب كير الخمسة، أقبل كير على إقالة دانيال أويت أكوت من منصب النائب الثاني لرئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان، وكول منيانق جوك من منصب النائب الثالث لرئيس الحركة. وعين ميري أباي أيغا نائبة ثانية للرئيس وسايمون كون فوج، نائبا ثالثا للرئيس.
وألغت مراسيم إضافية منصب إيقا كأمين عام ومنصب أباي كنائبة للأمين العام ولم يصدر من إيقا أي رد فعل خاصة بعد الإقالة الثانية ورفض مدير مكتبه الصحفي التعليق على القرار، بحسب “راديو تمازج”، بأن إيقا لم يخضع الأمر للدراسة والتشاور بعد، لكنه في انتظار ما ستسفر عنه الأيام.
وترددت أنباء عن تمدد نفوذ بول ميل داخل القصر الرئاسي خاصة بعد أن استجلب القوات الأوغندية بصفقة بلغت قيمتها 200 مليون دولار، في أعقاب تلقي حكومة جنوب السودان دعماً مالياً بلغ قيمته 500 مليون دولار من دولة الإمارات العربية إبان زيارة سلفاكير بمعية وفد وزاري رفيع المستوى إلى أبو ظبي، فبراير الماضي.
وتم تسليم حكومة جنوب السودان 200 مليون دولار وعلى أن يتم دفع المبلغ على دفعات.
واحتج مسؤولون على تصرف بول ميل، بأن الأولوية هي صرف المتأخرات من الأجور المتراكمة لأكثر من خمسة أشهر وتم إبلاغ الرئيس سلفاكير بالأمر، إلا أن كير حسم الجدل بالانحياز لموقف بول ميل.