جوبا: التحول
نفت حكومة جنوب السودان، يوم الخميس، تقارير متداولة على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي تفيد بوفاة الرئيس سلفا كير ميارديت، الذي يتولى رئاسة البلاد منذ استقلالها عن السودان في عام 2011.
وفي بيان رسمي، وصفت وزارة الخارجية الشائعات بأنها “زائفة وكيدية”، معتبرة أنها “مفبركة من قبل من سمتهم بأعداء السلام والتنمية والاستقرار”، في إشارة إلى جهات لم تسمّها. وأكد البيان أن كير، البالغ من العمر 73 عامًا، يتمتع بصحة جيدة ويواصل أداء مهامه.
بدأت الشائعة في الانتشار على منصات وسائل التواصل الاجتماعي مساء الأربعاء إثر منشورات لمؤثرين كينيين على منصة “إكس” (تويتر سابقًا)، زعموا فيها أن الرئيس “قضى نحبه”، ما أثار موجة من التكهنات، لا سيما في ظل غياب كير المتكرر عن الساحة الإعلامية خلال الأشهر الماضية.
رغم ذلك، كانت وسائل الإعلام الرسمية قد نشرت مؤخرًا صورًا حديثة للرئيس خلال لقاءات سياسية، بينها ترؤسه لجلسات التعديلات الحكومية الأخيرة، ما بدد جزءًا من الشكوك المتعلقة بوضعه الصحي.
صراع مع مشار وتجاذبات عرقية:
وتولى كير، الذي ينحدر من قبيلة الدينكا، كبرى قبائل جنوب السودان، السلطة خلفًا للزعيم الراحل جون قرنق، وأصبح أول رئيس لجمهورية جنوب السودان بعد الانفصال. وخلال سنوات حكمه، تعرض مرارًا لتساؤلات بشأن حالته الصحية، خصوصًا في ظل ظهوره العلني المتقطع ومعلومات غير مؤكدة عن إصابته بأمراض مزمنة.
وتزامن تداول الشائعات مع تصاعد التوترات السياسية والعسكرية بين معسكري كير ونائبه رياك مشار، المنتمي إلى قبيلة النوير، ما أعاد إلى الأذهان الحرب الأهلية الدموية التي اندلعت بين الطرفين في عامي 2013 و2016، وأسفرت عن مقتل الآلاف وتشريد الملايين.
وكان كير قد فرض مؤخرًا إقامة جبرية على مشار، واعتقل عددًا من أبرز حلفائه، في خطوة وصفتها المعارضة بأنها “تصفية سياسية” تهدف إلى إحكام قبضته على السلطة قبل الانتخابات المقررة في ديسمبر 2024.والتي تم تأجيلها حتى 2026م.
مخاوف من الانزلاق نحو العنف:
ويرى مراقبون أن الشائعات حول وفاة كير تأتي في وقت بالغ الحساسية، وتكشف حجم هشاشة المشهد السياسي في الدولة الوليدة، التي لم تنعم بالاستقرار منذ تأسيسها. كما أنها تعكس درجة الاستقطاب العرقي والسياسي الذي بات يهدد بعودة شبح الحرب الأهلية.
وتُعد اتفاقية السلام التي وُقعت بين كير ومشار في عام 2018، بعد تدخل إقليمي ودولي، هشة في ظل استمرار الخلافات حول تقاسم السلطة والأمن، ما يضع البلاد أمام مفترق طرق جديد.