جوبا: التحول
واصل الكثير من التجار السودانيين في مدينة جوبا عاصمة جمهورية جنوب السودان إغلاق محالهم التجارية في أعقاب احتجاجات عنيفة أدت إلى مقتل وإصابة عدد من السودانيين، وذلك بعد موجة غضب على خلفية قتل عدد من مواطني جنوب السودان على يد الجيش السوداني والقوات المتحالفة معه في ولاية الجزيرة عقب تحرير مدينة ود مدني.
ونقلت وسائل إعلام في جنوب السودان صورا لمتاجر يملكها سودانيون وهي مغلقة، على الرغم من الهدوء الأمني في جوبا بعد احتجاجات قادها الشباب بصورة انتقامية في جميع أنحاء البلاد. ومع ذلك أكد المتحدث باسم الشرطة استقرار الأمن في البلاد وحث التجار السودانيين على استئناف عملياتهم الطبيعية.
فيما أطلقت حكومة ولاية غرب بحر الغزال، حملة تفتيشية واسعة في عدة أحياء بمدينة واو بهدف استعادة الممتلكات التي تم نهبها في الآونة الأخيرة، وجاء ذلك بعد اجتماع طارئ للجنة أمن الولاية برئاسة الحاكم إيمانويل بريمو أوكيلو، الذي شدد على أهمية تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.
وأوقعت أعمال عنف ضد سودانيين 12 قتيلا خلال يومين في جنوب السودان، حيث عاد الهدوء النسبي خلال الساعات الـ24 الماضية، على ما أعلنت القوات الأمنية في البلاد التي تعاني انعداما مزمنا للأمن.
وقد تحولت تظاهرة في العاصمة جوبا احتجاجا على تقارير عن مقتل 29 مواطنا من جنوب السودان في ود مدني بولاية الجزيرة في السودان المجاور، مساء الخميس إلى عمليات نهب استهدفت محال تجارية مملوكة لمواطنين سودانيين.
وأطلقت الشرطة النار لتفريق التجمع، ما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة سبعة آخرين.
وقد فرضت الدولة الأحدث نشأة في العالم الجمعة حظر تجوال ليلي مع تمدد الاحتجاجات إلى مدن أخرى.
وقالت الشرطة في تقرير أصدرته السبت إن “تسعة أشخاص لقوا حتفهم في مدينة أويل” في شمال البلاد الجمعة، مشيرة إلى أن اثنين من جنوب السودان وسبعة سودانيين كانوا من بين الضحايا.
والجمعة أيضا، أصيب 13 شخصا من جنوب السودان بالرصاص في تبادل لإطلاق النار في أماكن مختلفة في جوبا، وفق الشرطة.
وقال الناطق باسم الشرطة جون كاسارا في بيان السبت إن الوضع الأمني “هادئ ومستقر نسبيا في كل أنحاء البلاد خلال الساعات الـ24 الماضية”.
وأشار مراسل وكالة فرانس برس إلى أن الأمور عادت إلى طبيعتها في العاصمة بحلول المساء، باستثناء متاجر سودانية بقيت مغلقة، وسط انتشار كثيف لقوات الأمن.
ونقلت شرطة ولاية وسط الاستوائية 278 سودانيا، بينهم 35 طفلا، إلى أماكن آمنة. وفي العاصمة، لا يزال 551 سودانيا في ملاجئ آمنة.
وقالت وزيرة الداخلية أنجلينا تينج الجمعة “لقد أوجدنا كارثة إنسانية جديدة”.
ودعا الرئيس سلفا كير إلى “ضبط النفس”.
ويعيش السودان منذ نيسان/ابريل 2023 حربا يتواجه فيها الجيش بقيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان مع قوات الدعم السريع بقيادة حليفه السابق الفريق أول محمد حمدان دقلو.
وقد أدى الصراع إلى مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص، ونزوح 12 مليون شخص، كما ترك مئات الآلاف تحت رحمة الجوع.
وتستضيف جنوب السودان عددا كبيرا من السودانيين المقيمين أو اللاجئين. وقد نالت البلاد استقلالها عن السودان المجاور في عام 2011، وتعاني مذاك من عدم استقرار مزمن.
وفي عام 2013، انزلقت البلاد إلى حرب أهلية دامية بين سلفا كير ورياك مشار، ما أسفر عن مقتل أكثر من 400 ألف شخص ونزوح الملايين.
ورغم توقيع اتفاق السلام في عام 2018، لا تزال البلاد تعاني من صراعات على السلطة، مع استشراء الفساد والصراعات العرقية المحلية.
وأعلنت جنوب السودان العام الماضي تأجيل أول انتخابات في تاريخها الحديث لمدة عامين، والتي كان من المفترض أن تنهي الفترة الانتقالية المنصوص عليها في الاتفاق.
وأعلن وفد حكومي على تلفزيون جنوب السودان أنه غادر السبت إلى العاصمة الكينية نيروبي، حيث من المقرر أن تُستأنف محادثات السلام الاثنين مع جماعات مسلحة لم توقّع على اتفاق العام 2018.
ولا تزال هذه المفاوضات تراوح مكانها منذ اتفاق لوقف إطلاق النار في 2020 لم يتم احترامه.