بورتسودان: التحول
في تصريحات مثيرة أدلى بها قائد قوات “درع السودان”، أبوعاقلة كيكل، كشف تفاصيل نادرة عن تحركات قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، خلال أشهر الحرب الطويلة، موضحًا أنه ظل متواجداً في قلب العاصمة الخرطوم حتى فبراير الماضي، وظل يوجّه العمليات الحربية من مواقع سرية.
وقال كيكل في حديثه لمجموعة من الصحفيين في بورتسودان: إن حميدتي “ظل موجودًا في الخرطوم 2، وكان يعقد الاجتماعات مع القادة ليلاً فقط، عبر جهاز هاتف خاص للتواصل المشفر”، مضيفاً أن قائد الدعم السريع “غادر الخرطوم نهائيًا بعد عبور الجيش لكوبري سوبا في فبراير 2025”.
حراسة مشددة وأنظمة تشويش
وبحسب إفادات كيكل، فإن حميدتي كان محاطًا بأنظمة تشويش تغطي دائرة قطرها 100 كيلومتر، ما يعني قدرات تقنية عالية تمنع الطائرات المسيّرة أو وسائل الرصد من تتبعه. كما كانت ترافقه قوة حماية ضخمة مكوّنة من 150 عربة قتالية مزوّدة بمدافع ثنائية.
وأوضح كيكل أن حميدتي كان يتواصل بشكل دائم مع قادة ميدانيين في مختلف الجبهات، وأحيانًا يتصل به شخصيًا 15 مرة في اليوم “لمتابعة الإمدادات والنواقص”.
لقاءات سرية وتعليمات صارمة
وقال كيكل “لم نكن نلتقي به إلا في الليل”، في إشارة إلى طبيعة الاجتماعات التي وصفها بأنها “محفوفة بالحذر والسرية”. وأضاف: “كان يشدد علينا استخدام الهاتف الخاص فقط وعدم الإفصاح عن موقعه أو تنقلاته لأي طرف”.
ووفقاً لكيكل، فإن آخر لقاء جمعه بحميدتي وجهاً لوجه كان قبل انضمامه إلى القوات المسلحة بـ12 يوماً، أي أوائل أكتوبر 2024.
صورة إنسانية في مواجهة الاتهامات
في تعليقه على اتهامات الاغتصاب والانتهاكات التي وُجهت لقوات الدعم السريع، قال كيكل إن “حميدتي كان يبكي كلما أثير هذا الموضوع”، وإنه “كان يصمت دون تعليق”.
كما نفى كيكل شائعات إصابة حميدتي، موضحًا أن النحافة الظاهرة عليه تعود إلى كونه صائماً منذ اندلاع الحرب، إلى جانب معاناته من مشاكل صحية في البطن تطلبت علاجاً خارجياً دام أسبوعين.
واعتبر صحفيون ومحللون سياسيون تداولوا تصريحات كيكل على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي أن هذه الإفادات تنسف فرضية غياب حميدتي عن القيادة الميدانية، وتدل على إدارة مركزية شديدة من داخل العاصمة.
واعتبر البعض أن السردية العاطفية حول “دموع حميدتي” تتناقض مع التقارير الحقوقية التي تتهم قواته بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، مما يفتح المجال لتحليل فجوة القيادة والمحاسبة.
وأشار البعض إلى أن أنظمة التشويش والحماية تشير إلى دعم تقني متقدّم، يثير تساؤلات حول الأطراف الخارجية المساندة أو المشاركة.