الفاشر – التحول
ارتفعت حصيلة ضحايا القصف الجوي الذي استهدف “سوق الإثنين” في منطقة طرة شمالي الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، وسط تضارب في الأرقام حول عدد القتلى والجرحى، في حين واجهت الحادثة إدانات واسعة من منظمات حقوقية وناشطين. كما شهدت المنطقة موجة نزوح واسعة شملت أكثر من 15 ألف شخص من المالحة، في وقت استقبلت مدينة الجنينة نحو 10 آلاف نازح قادمين من ولايات شمالية.
وفيما أوردت قوات الدعم السريع إحصائية تشير إلى أن عدد الضحايا تجاوز 400 قتيل ومئات الجرحى، نشر المتحدث الرسمي باسم معسكرات اللاجئين والنازحين بدارفور، آدم رجال، قائمة مفصلة أكدت أن عدد القتلى بلغ 52 شخصًا، إضافة إلى 17 جريحًا و7 مفقودين.
أكدت قوات الدعم السريع، في بيان لها، أن الطيران الحربي للجيش نفذ سلسلة غارات جوية دمرت بالكامل سوق طرة الأسبوعي، وألحقت أضرارًا جسيمة بعدد من المنازل القريبة منه، ما أدى إلى مقتل أكثر من 400 شخص وإصابة مئات آخرين، بينما لا تزال عمليات حصر الخسائر مستمرة.
من جهته، قال آدم رجال إن القصف استهدف السوق عمدًا وأدى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى، واصفًا ما جرى بأنه “جريمة ضد الإنسانية” وانتهاك صارخ للقوانين والمواثيق الدولية. وانتقد التبريرات التي تسوغ قتل المدنيين بحجة وجود أطراف النزاع بينهم، مؤكدًا أن الانتهاكات ضد الأبرياء مدانة بغض النظر عن الجهة المنفذة، سواء كانت الجيش، الحركات المسلحة، أو قوات الدعم السريع وميليشياتها.
نزوح ومطالب بتحقيق دولي
ونددت “شبكة مراقبة حقوق الإنسان” باستهداف المناطق المدنية، مؤكدة أن سوق طرة هو مركز تجاري يجتمع فيه السكان أسبوعيًا لتلبية احتياجاتهم، ما يجعل قصفه خرقًا فادحًا للقوانين الدولية. وألقت الشبكة بالمسؤولية الكاملة على الجيش والأطراف المتورطة، داعية إلى وقف القصف العشوائي وحماية المدنيين، مع ضرورة إجراء تحقيقات عاجلة ومستقلة لمحاسبة المتورطين وضمان عدم إفلاتهم من العقاب.
كما أدانت مجموعة “محامو الطوارئ” القوات المسلحة السودانية بارتكاب مجزرة مروعة عبر قصف جوي استهدف سوق طرة بشمال دارفور، ما أسفر عن مقتل مئات المدنيين وإصابة العشرات، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني. ووصفت المجموعة الحادث كـ”جريمة حرب ممنهجة” وفقاً لاتفاقيات جنيف ونظام روما الأساسي، مؤكدةً على ضرورة تحرك دولي عاجل لملاحقة المسؤولين وإنهاء سياسة الإفلات من العقاب، مع استمرار توثيق الانتهاكات والعمل على تقديم الجناة للعدالة.
وأعلنت منظمة الهجرة الدولية أن 15 ألف أسرة نزحت من منطقة المالحة بولاية شمال دارفور خلال 48 ساعة جراء الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع، فيما ذكرت الأمم المتحدة أن إجمالي عدد النازحين من شمال دارفور بلغ 605 آلاف شخص منذ أبريل 2024 حتى يناير 2025.
ويعتبر سوق الإثنين الأسبوعي في طرة من أكبر التجمعات التجارية في المنطقة، حيث يرتاده مئات التجار والمتسوقين.
تصاعد العنف في الفاشر
وفي تطور آخر، لقي ثمانية مدنيين مصرعهم، بينهم ستة أطفال وامرأة، في قصف مدفعي شنته قوات الدعم السريع على أحياء متفرقة بمدينة الفاشر يوم الأحد.
وأفادت الفرقة السادسة مشاة بالفاشر بأن القصف وقع في الساعة الثانية عشرة ظهرًا والخامسة مساءً، مستخدمًا المدفعية الثقيلة والأسلحة المتوسطة، مما أدى إلى سقوط ستة قتلى وإصابة آخرين، إضافة إلى موجة نزوح جديدة نحو مناطق أكثر أمنًا داخل الفاشر.
كما أكدت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر مقتل وإصابة خمسة مدنيين إثر استهداف معسكر أبو شوك للنازحين بقذائف مدفعية.
من جانبه، قال حزب الأمة القومي، إن طيران القوات المسلحة نفَّذ غارة جوية على سوق “طرة” بولاية شمال دارفور، مما أسفر عن عشرات القتلى ومئات الجرحى، أغلبهم في حالة حرجة.
وأضاف في بيان “ندين بأشد العبارات هذه الجريمة البشعة والتي تمثِّل جريمةَ حربٍ مكتملةَ الأركان وانتهاكًا صارخًا للقانون الإنساني الدولي، ودعا المنظمات الدولية والمحلية إلى “توثيق هذه الجريمة وإدانتها”، والمطالبة بحماية المدنيين من هذه الانتهاكات المُروِّعة..
كما أدان حزب الأمة القومي مقتل أكثر من 40 مدنيًا في محلية المالحة، متهمًا قوات الدعم السريع بارتكاب انتهاكات جسيمة ضد المدنيين عقب انتهاء المعارك. ووصف الحزب هذه الجرائم بأنها انتهاك صارخ للقانون الإنساني الدولي، مطالبًا بحماية السكان ووضع حد لهذه الأعمال العدائية.
كما أكدت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر يوم السبت أن قوات الدعم السريع شنت هجمات على محلية المالحة، ما أسفر عن مقتل 45 مدنيًا.
في المقابل، أكدت الفرقة السادسة مشاة بالفاشر أن الطيران الحربي للجيش نفذ غارات جوية استهدفت تجمعات قوات الدعم السريع في عدة محاور بمحيط الفاشر، ما أدى إلى مقتل الرائد عماد العمدة، قائد وحدة “الفزاعة”، وتدمير عدد من الآليات العسكرية، إضافة إلى تشتيت مجموعات كانت تحاول التقدم نحو جبال كسا.
تصعيد أمني وإضراب في الضعين
وفي سياق متصل، واصل العاملون بالمستشفيات والمراكز الصحية في مدينة الضعين، عاصمة ولاية شرق دارفور، إضرابهم عن العمل لليوم الثالث على التوالي احتجاجًا على اختطاف أخصائي الباطنية وأستاذ كلية الطب بجامعة الضعين، د. طاهر محمد، على يد مجموعة مسلحة تابعة لقوات الدعم السريع.
ويأتي هذا التصعيد في ظل تفاقم الأوضاع الإنسانية والأمنية في دارفور، واستمرار النزاع المسلح والتدهور الحاد في الأوضاع المعيشية.





