بورتسودان: التحول
بينما يتقدم الجيش السوداني ميدانيًا على مدار الأسابيع الماضية وتتسع رقعة سيطرته على الأرض، تتسارع بالمقابل وتيرة التحركات السياسية والدبلوماسية.
وشهد يوم الأحد الماضي، وصول موفدين من الرئيس التشادي، محمد إدريس ديبي، إلى بورتسودان، في زيارة غير معلنة للتفاوض مع السودان لاستعادة العلاقات بين البلدين الجارين، ولترتيب لقاء قمة بين ديبي مع البرهان، الذي اشترط تفكيك قاعدة أم جرس وإغلاق الحدود، كشرط مسبق للقاء.
وتوالت التعليقات الرافضة لحراك قوات الدعم السريع وحلفائها في نيروبي من أجل تشكيل حكومة موازية في السودان، فبعد الرفض القوي من الدول العربية، والولايات المتحدة ومجلس الأمن، نقل نائب رئيس مجلس السيادة، مالك عقار، عن الرئيس الأوغندي، يوري موسفيني، الذي أجرى معه مشاورات في العاصمة الأوغندية كمبالا، رفضه لوجود حكومة موازية.
ودبلومسيًا كذلك، وصل الخلاف بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة إلى أروقة محكمة العدل الدولية، حيث رفعت الخرطوم دعوى ضد أبوظبي، موجهة لها اتهامات بدعم وتسليح قوات الدعم السريع، والمسؤولية عن الإبادة الجماعية التي وقعت في غرب دارفور في يوليو 2023.
ووصلت وحدات عسكرية تابعة للجيش قادمة من الولاية الشمالية إلى ولاية شمال دارفور، لفك حصار الفاشر، حسبما قال مصدر عسكري. كما تمكنت قوات الجيش والحركات المسلحة يوم الأربعاء الماضي، من التقدم في المحور الشرقي بمدينة الفاشر مدمرة ارتكازات لـ«الدعم السريع».
موفدان تشاديان
قال مصدر رفيع المستوى في مجلس السيادة، إن موفدين للرئيس التشادي، محمد إدريس ديبي، زارا مدينة بورتسودان الأحد الماضي، للتباحث حول تحسين العلاقات الثنائية بين الخرطوم وإنجامينا، بما في ذلك طرح قمة رئاسية بين البرهان وديبي.
وتأتي زيارة الوفد التشادي في ظل تطور جديد على صعيد العلاقات الدبلوماسية السودانية-التشادية التي توترت بعد اندلاع الحرب في السودان، إثر اتهام الخرطوم المستمر لإنجامينا بلعب دور مركزي في الحرب وذلك بفتح أراضيها للدعم اللوجستي الذي ترسله الإمارات من مطاراتها إلى قاعدة أم جرس العسكرية لصالح الدعم السريع.
البرهان من جانبه، اشترط للقاء ديبي، إيقاف مساعداته لقوات الدعم السريع وإغلاق الحدود وتفكيك قاعدة أم جرس العسكرية، حسبما قال مصدر رفيع في مجلس السيادة لموقع “مدى مصر”.
وقال المصدر إن ديبي أوفد موفدين إلى بورتسودان الأحد الماضي، من أجل بحث وضع العلاقات السودانية- التشادية، حيث طرح الموفدان عقد قمة رئاسة بين البرهان وديبي من أجل إعادة بناء الثقة، مشيرًا إلى أن موفدي ديبي غادرا إلى إنجامينا مساء الثلاثاء.
وقال مصدر مقرب من الوفد التشادي الذي زار بورتسودان، إن لجنة مكونة من أعيان الزغاوة، القبيلة المشتركة بين السودان وتشاد، والتي ينحدر منها معظم قيادات القوة المشتركة المتحالفة مع الجيش، طرحت مبادرة على ديبي لتحسين العلاقات مع السودان حيث اجتمعوا به بشكل غير رسمي في 28 فبراير الماضي، في مدينة أم جرس التشادية.
وأضاف المصدر أن اجتماعًا مطولًا جرى بين أعضاء اللجنة وديبي حول ما يجري في السودان، بما في ذلك التقدم المستمر للجيش حاليًا، موضحًا أن هناك تخوفًا تشاديًا من أن انتصار الجيش في الحرب قد ينقل الأزمة إلى تشاد، خاصة أن هناك إرثًا كبيرًا للسودان في تغيير أنظمة دول جواره، فقد دعم السودان سابقًا المعارضة التشادية، كما سخر قدراته الاستخباراتية في تقويض نظام الحكم في تشاد.
وأوضح المصدر أن ديبي عرض على اللجنة أن ترسل وفدًا إلى بورتسودان من أجل مناقشة الأمر مع البرهان ومعرفة المطالب التي يطرحها من أجل أن تستعيد إنجامينا مجددًا علاقتها مع الخرطوم، خاصة أن هناك تذمرًا وسط قيادات الجيش التشادي من دور بلادهم في حرب السودان، حسبما طرح بالنقاش بين اللجنة وديبي.
وللعام الثاني على التوالي تستمر عمليات نقل العتاد العسكري الثقيل عبر مطار أم جرس والحدود التشادية-الليبية لصالح قوات الدعم السريع، حيث وفرت الإمارات دفعات من المرتزقة والسلاح عبر الحدود الليبية التشادية المشتركة مع السودان، حسبما قال مصدر من المخابرات السودانية، مضيفًا أن الهجمات على قواعد «الدعم السريع» في نيالا دفعت الإمارات لمواصلة دعمها لقوات الدعم السريع عبر تشاد.