spot_img

ذات صلة

جمع

احتجاز معتقلين في حاويات.. تقرير لخبراء الأمم المتحدة يدين “انتهاكات مروعة” للجيش السوداني

التحول: متابعات اتهم تقرير أممي جديد الجيش السوداني والقوة المشتركة بارتكاب...

“الدعم السريع” تسيطر على مدينة النهود وسط اشتباكات عنيفة وتدهور أمني وانتهاكات بحق المدنيين

النهود: التحول

أعلنت قوات الدعم السريع، الخميس 1 مايو 2025، سيطرتها الكاملة على مدينة النهود، العاصمة الإدارية المؤقتة لولاية غرب كردفان، وعدد من المواقع الحيوية، بما في ذلك مقر رئاسة المحلية، وذلك بعد معارك عنيفة استمرت لساعات طويلة ضد الجيش السوداني والقوات المحلية الموالية له. وتُعد النهود من أبرز المدن الحضرية والتجارية في غرب البلاد، مما يضفي على سقوطها بُعدًا استراتيجيًا جديدًا في سياق الصراع الدامي الذي يعصف بالسودان منذ أبريل 2023.

معارك من 3 محاور

وبدأ الهجوم النهائي على النهود مساء الأربعاء، بقصف مدفعي مكثف استهدف الأحياء الشمالية والغربية للمدينة، وأعقبه فجر الخميس تقدم بري واسع النطاق من ثلاث محاور بأكثر من 300 مركبة عسكرية ، قتالية، بقيادة القائد الميداني علي رزق الله “السافنا”.

وبحسب مصادر ميدانية ومقاطع “فيديو” متداولة، فإن القوات المهاجمة تجاوزت الخطوط الدفاعية لقوات الجيش والمليشيات المحلية التابعة له، مما أدى إلى اشتباكات متفرقة، تسببت في حركة نزوح جزئي، وإغلاق تام للأسواق والمرافق الصحية والتعليمية داخل المدينة.

وأفاد سكان محليون بأن اقتحام قوات الدعم السريع للمدنية تسبب في إثارة الذعر والهلع والخوف وسط المدنيين، واستباحة المدنيةبهجوم واسع على المدنيين وارتكبت جرائم قتل وسرقة واغتصاب.

وأفادت مصادر عسكرية أن الجيش السوداني انسحب تدريجيًا من وسط المدينة إلى مقر قيادة اللواء 18 مشاة في الجزء الشرقي، إلا أن الدعم السريع تمكن أيضاً دخول الحامية وفرض سيطرته عليها، مع أنباء عن تواصل المقاومة في بعض الجيوب، في حين وثقت منصات موالية لقوات الدعم السريع انتشار قواتها في رئاسة المحلية، السوق الكبير، سجن المدينة، ومقر قيادة الفرقة 18 مشاة إضافة إلى قوات الاحتياط، حيث جرى إطلاق سراح عدد من السجناء

رمزية النهود:

وتقع النهود على تقاطع طرق رئيسية تربط دارفور بولايات كردفان الثلاث، وتشكل نقطة عبور تجارية مهمة لإمدادات الفول السوداني والصمغ العربي والماشية. وهي أيضًا مقر لنظارة “الحمر”، إحدى أكبر مكونات قبيلة الجوامعة، مما يجعلها ذات ثقل اجتماعي وقبلي وسياسي في التوازنات المحلية والإقليمية.

وكانت المدينة حتى وقت قريب تخضع للجيش وتُمثل مقراً لحكومة غرب كردفان المؤقتة، بعد أن فقد الجيش سيطرته على مدينة الفولة عاصمة الولاية في وقت سابق.

خلفية الصراع:

منذ اندلاع الحرب بين الجيش والدعم السريع في 15 أبريل 2023، برزت ولايات كردفان، وخاصة غربها، كساحة قتال مركزية بسبب موقعها الجغرافي الرابط بين دارفور، النيل الأبيض، وجنوب السودان. وقد شهدت مدن كبرى مثل بابنوسة، المجلد، والفولة معارك كرّ وفرّ، انتهى معظمها بسيطرة الدعم السريع على مناطق واسعة.

وتُتهم قوات الدعم السريع بتجنيد عناصر قبلية من دارفور وتوسيع نفوذها العسكري عبر طرق التهريب القديمة، مستغلة الانقسام القبلي وضعف البنية الأمنية في كردفان. في المقابل، راهن الجيش على تعبئة مكونات محلية من قبائل دار حمر والمسيرية، بالإضافة إلى قوات الدفاع الشعبي السابقة، كخط دفاع أول عن هذه المناطق.

“مقطع فيديو يوضح دخول قوات الدعم السريع لرئاسة المحلية”:

خلايا نائمة ونهب ممنهج:

في أعقاب دخول الدعم السريع للمدينة، تحدث شهود عيان وناشطون عن انفلات أمني ونهب واسع للمنازل والمحال التجارية، إضافة إلى تصفية ميدانية لعدد من الأشخاص المدرجين على “قوائم استهداف”، حسب مصادر مقربة من الجيش. وادعى كاتب محسوب على التيار الإسلامي أن “خلايا نائمة” ساعدت الدعم السريع من الداخل في تنفيذ الهجوم، في محاولة من تقليل انتصار الدعم السريع، مشيرًا إلى أن القائد الميداني المصاب “وثق جراحه بنفسه” ليثبت مشاركته في القتال. في إشارة للقائد علي رزق الله الشهير بـ”السافنا”.

حماية الأمير منعم منصور:

في هذا السياق، أصدر المجلس الأعلى لشؤون دار حمر بياناً رسمياً تحصلت صحيفة “التحول” على نسخة منه، أعرب فيه عن قلقه العميق من الانزلاق العسكري داخل المدينة، وحذّر من التداعيات الإنسانية التي قد تنتج عن القتال وسط الأحياء السكنية.

وقال المجلس الأعلى في البيان أنهم ظلوا يبذلون جهودهم لتجنيب مدينة النهود المواجهات العسكرية لما لها من آثار سلبية على حياة المدنيين. داعيين قوات الدعم السريع، إلى الحفاظ على أرواح المواطنين وممتلكاتهم وتأمين المدينة بما يسمح بعودة الحياة إلى طبيعتها.”

كما وجه المجلس في بيانه عدة رسائل مباشرة إلى قوات الدعم السريع، أبرزها، ضرورة ضبط الجنود وعدم استهداف المدنيين أو دخول منازلهم، ووقف أي ممارسات قد تؤدي إلى انتهاكات تمس صورة القوات في المنطقة. داعياً إلى حماية ناظر عموم دار حمر، الأمير عبد القادر منعم منصور، وتوفير كافة سبل السلامة له ولأسرته.

وناشد، المجلس الأهلي، أهالي النهود بعدم الانخراط في دعوات حمل السلاح التي يصدرها من وصفهم البيان بـ”الفلول والموتورين”، مؤكدًا أن من يرتدون زي الدعم السريع هم “أبناء دار حمر” ويجب تجنب تأجيج الكراهية.

مخاوف محتملة:

تأتي هذه السيطرة في وقت تشهد فيه المنطقة توترات متصاعدة بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني، حيث تسعى كل قوة لتعزيز مواقعها في مناطق التماس بين كردفان ودارفور. ويثير هذا التحرك الجديد مخاوف كبيرة من اتساع رقعة القتال إلى مناطق جديدة لم تشهد من قبل هذا النوع من الانفلات الأمني.

كما يُخشى من أن تتحول النهود إلى مركز عسكري جديد، مما قد يعرضها لقصف محتمل أو موجات انتقامية، ويؤدي إلى نزوح آلاف المدنيين نحو مناطق مثل الفولة أو الأبيض، وهو ما قد يفاقم الوضع الإنساني المتدهور أصلًا في ولايات كردفان ودارفور.

في ظل هذه المعطيات، تبرز مطالب عاجلة من قيادات محلية ومنظمات إنسانية بضرورة تدخل المنظمات الدولية لمراقبة الوضع ميدانيًا وضمان عدم تعرض المدنيين لانتهاكات، إلى جانب فتح ممرات آمنة للإغاثة الإنسانية وتقديم الحماية للكوادر الطبية والشرائح الضعيفة داخل المدينة.

spot_imgspot_img