spot_img

ذات صلة

جمع

حزب البعث يحذر من كارثة شاملة ويطالب باستنهاض الحركة النقابية لوقف الحرب

الخرطوم: التحول حذّر حزب البعث العربي الاشتراكي (الأصل) من استمرار...

والقَصَر إِنَّ البُرهان لفِي خُسرٍ 

فتحي الضو يقول السودانيون في أمثالهم الدارجة: (حبل الكضب قصيِّر)...

قطيعة مع دولة الحزب والحرب

ربما لم يكن القيادي بالمؤتمر الوطني الداعي إلى التصالح...

السودان في عامه الثاني من الحرب: أكبر أزمة نزوح في العالم تواجه تجاهلاً دوليًا وتمويلاً متراجعًا

الخرطوم / جنيف: التحول

بينما يدخل الصراع في السودان عامه الثاني دون أي مؤشرات على انحساره، تزداد المؤشرات قتامةً، مع تحول البلاد إلى بؤرة أسوأ أزمة نزوح في العالم، وسط انهيار شبه كامل للمنظومة الإنسانية والخدمية وتراجعٍ حاد في حجم التمويل الدولي المطلوب للاستجابة.

وقالت المتحدثة باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أولغا سارادو، في مؤتمر صحفي عقد مؤخرًا بقصر الأمم المتحدة في جنيف: “رغم مرور عامين على اندلاع الصراع في السودان، ما زالت الأخبار الواردة من البلاد قاتمة بشكل متزايد. السودان يشهد أسوأ أزمة نزوح في العالم، وسط تدهورٍ في مستوى التمويل الإنساني لم نشهد له مثيلًا منذ عقود.”

الحدود مفتوحة ولكن المساعدات تتآكل

تقول المفوضية إن الدول المجاورة للسودان لا تزال تُبقي حدودها مفتوحة رغم الأعباء، فيما تستمر المجتمعات المحلية في تقاسم مواردها المحدودة مع الواصلين الجدد. إلا أن الانخفاض الحاد في التمويل الدولي يهدد بإغلاق المساحات الآمنة، وتقليص البرامج الصحية، وتوقف الدعم النفسي والاستشارات الاجتماعية، خاصة للنساء والفتيات.

13 مليون نازح والرقم في تصاعد

بحسب المفوضية، فإن عدد من اضطروا للفرار من ديارهم في السودان بلغ نحو 13 مليون شخص، من بينهم 4 ملايين عبروا الحدود إلى دول الجوار، مثل مصر، وجنوب السودان، وتشاد، وليبيا، وإثيوبيا، وأوغندا. وتمثل هذه الأرقام أكبر موجة لجوء من بلد واحد في إفريقيا، في ظرف زمني متسارع. ويشير التقرير إلى أن أكثر من مليون شخص نزحوا خلال عام 2024 فقط، فيما يتعرّض كثيرون لانتهاكات ممنهجة، تشمل العنف الجنسي والمجازر، في طريقهم نحو النجاة.

الأطفال يمثلون نصف أعداد النازحين، بينهم الآلاف ممن فقدوا ذويهم، في ظاهرة مقلقة ترسم ملامح أزمة مستقبلية متشابكة الأبعاد: اجتماعية، ونفسية، وتعليمية.

نافذة ضيقة للأمل:

في ظل توقف مؤقت للقتال في العاصمة الخرطوم، سُجّل بدء عودة محدودة للمدنيين إلى مناطق مثل أم درمان وود مدني، بعد عامين من النزوح القسري، إلا أن الأعداد ما زالت ضئيلة مقارنة بالملايين الباقين في ظروف قاسية داخل المخيمات أو على الحدود. وتبقى عودة السكان محفوفة بالمخاطر، في ظل دمار هائل للبنية التحتية وانعدام الخدمات الأساسية.

كارثة تمويلية:

حذّرت المفوضية من أن خطة الاستجابة الإقليمية لم تتلق سوى 10% من التمويل المطلوب، ما جعل من توفير المياه النظيفة، والمأوى، والرعاية الصحية مهمة شبه مستحيلة. وأدى هذا التراجع إلى خفض برامج حيوية، وترك مئات الآلاف من النازحين في مناطق حدودية عشوائية يفتقرون إلى أدنى مقومات الحياة.

في جنوب السودان وتشاد، ما يزال أكثر من 280 ألف لاجئ عالقين في مواقع حدودية غير مجهزة. وفي أوغندا، أدى ضغط اللاجئين إلى تكدس المدارس وضعف جودة التعليم، ما زاد من مخاطر التسرب والزواج المبكر.

إغلاق المساحات الآمنة

يشير تقرير المفوضية إلى إغلاق تدريجي للمساحات الآمنة، ووقف الدعم النفسي والاجتماعي، مما يترك آلاف النساء والفتيات بلا حماية، ويدفع البعض إلى خيارات محفوفة بالخطر، كاللجوء إلى أوروبا. وارتفعت نسبة السودانيين الوافدين إلى أوروبا بنسبة 38% خلال الشهرين الأولين من 2025، مقارنة بالعام السابق.

ضرورة التوصل إلى حل سياسي

“تنحسر مساحة الأمل في ظل استمرار النزوح ونفاد الموارد،” كما تقول أولغا سارادو. وتضيف أن الحاجة إلى حل سياسي لإنهاء الحرب في السودان باتت أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى. فالاستجابة الإنسانية وحدها لم تعد كافية، والمجتمعات المحلية في دول الجوار تقترب من حافة الانهيار.

في وقتٍ ينصب فيه اهتمام المجتمع الدولي على أزمات أخرى، يتفاقم الوضع في السودان ليشكّل أكبر كارثة نزوح تُقابل بأقل قدر من الاستجابة. وبحسب المفوضية، فإن عدم التحرك العاجل سيمثل فشلاً أخلاقياً وسياسياً وإنسانياً سيبقى وصمة في جبين العالم.

بلد ممزق بين قوتين

وفي مقابلة خاصة مع وكالة “فرانس برس”، قال عبد الرؤوف غنون كوندي، المسؤول الإقليمي في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين:”لقد أسفرت الحرب عن تهجير 13 مليون شخص – بينهم 8.6 مليون نازح داخلي و3.8 مليون لاجئ خارجي، وتشكل النساء والأطفال نحو 88% من هؤلاء الذين فروا بحثًا عن الأمان”.

وأوضح كوندي، الذي تحدّث من العاصمة السنغالية داكار عقب زيارة ميدانية إلى السودان، أن النزاع الذي بدأ في أبريل 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي” أدى إلى “أزمة إنسانية تُعد من الأسوأ في التاريخ الحديث”.

أصبحت السيطرة في السودان – ثالث أكبر بلد إفريقي مساحة – مقسّمة فعليًا؛ فالجيش يسيطر على مناطق واسعة في الشمال والشرق، بما في ذلك بورتسودان، بينما تُهيمن قوات الدعم السريع على أجزاء كبيرة من دارفور وغرب وجنوب البلاد، إلى جانب مواقع داخل العاصمة الخرطوم.

تسببت الحرب في مقتل عشرات الآلاف من المدنيين، وانهيار النظام الصحي، وتدمير البنية التحتية الأساسية، بما فيها المستشفيات ومحطات المياه ومراكز التعليم. كما أجبرت الملايين على العيش في العراء، دون مأوى، أو تحت الأشجار، أو في مراكز إيواء مؤقتة لا تتوفر فيها أدنى مقومات الحياة.

spot_imgspot_img