spot_img

ذات صلة

جمع

مؤتمر لندن ينجح في جمع 902 مليون دولار ودول عربية تفشل مساعي لحل الصراع في السودان

التحول: وكالات انهارت محاولة بريطانية لتأسيس مجموعة اتصال تُسهّل محادثات...

حزب البعث يحذر من كارثة شاملة ويطالب باستنهاض الحركة النقابية لوقف الحرب

الخرطوم: التحول حذّر حزب البعث العربي الاشتراكي (الأصل) من استمرار...

الفاشر على حافة الانفجار: تصاعد القتال، مأساة النازحين، وتجاذب المواقف حول مصير المدنيين

الفاشر: التحول

تشهد مدينة الفاشر ومحيطها بإقليم دارفور أوضاعًا إنسانية وعسكرية حرجة تنذر بانفجار وشيك للأوضاع، في ظل تدهور متسارع في الخدمات الأساسية، وتكثيف العمليات العسكرية، وتصاعد الأصوات الدولية والمحلية بشأن مصير آلاف المدنيين المحاصرين في المدينة ومخيمات النزوح القريبة.

وحذرت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان، كليمنتين نكويتا سلامي، من أن الوضع في مخيم زمزم شمال دارفور لا يزال مأساويًا. وأكدت أن السكان في حاجة ماسة لمساعدات إنسانية عاجلة، مطالبة بتأمين وصول آمن ومستدام لها.

في السياق نفسه، رسمت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر صورة قاتمة للوضع الصحي والإنساني، مشيرة إلى نقص حاد في الأدوات الطبية والأدوية، وعجز المرافق الصحية عن استيعاب الجرحى والمرضى.
وتواجه مدينة الفاشر ومخيمات النزوح المحيطة بها، وعلى رأسها زمزم وأبو شوك وأبوجا، أزمة غذائية خانقة تهدد حياة الآلاف. فقد أدى الحصار الذي تفرضه قوات الدعم السريع إلى ارتفاع حاد في أسعار السلع الغذائية، مع انعدام شبه كامل للمواد الأساسية في الأسواق والمتاجر.

كما أطلقت المنسقية العامة لمخيمات النازحين نداءً إنسانيًا عاجلًا، طالبت فيه بوقف فوري لإطلاق النار في الفاشر، والسماح بدخول المساعدات. وأكدت أن آلاف العائلات تعيش تحت القصف والجوع، في ظل شح المياه وارتفاع أسعارها بشكل جنوني.
وقال المتحدث الرسمي بإسم المنسقية آدم رجال إنّ سوء التغذية الحاد ينتشر بين الأطفال في مخيمات النازحين، في ظل غياب تام للمساعدات الإنسانية. وأفاد سكان مخيم أبو شوك بأنهم اضطروا لحفر خنادق للاختباء من القصف العشوائي، بينما يعتمدون في غذائهم على خليط من الأمباز والدقيق. أما البالغون، فغذاؤهم لا يتجاوز شرب الماء.

https://twitter.com/CNkwetaSalami/status/1908847529686413681

تقديم التسهيلات:
من جهته أكد عضو مجلس السيادة الانتقالي، الفريق مهندس إبراهيم جابر، حرص الحكومة السودانية على تقديم كافة التسهيلات لوكالات الأمم المتحدة لتيسير وصول المساعدات الإنسانية للمناطق المتضررة، لاسيما مدينة الفاشر ومعسكر زمزم للنازحين. جاء ذلك خلال لقائه وفد الأمم المتحدة برئاسة نائب الممثل المقيم للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية بالسودان كريستينا هامبورك.

وخلال اللقاء، أعربت هامبورك عن استعداد الأمم المتحدة لتقديم مقترح يهدف لمعالجة الأوضاع الإنسانية المعقدة في الفاشر، في وقت طالبت فيه الحكومة السودانية الأمم المتحدة بالتدخل المباشر عبر طائراتها وناقلاتها لإنقاذ أرواح المدنيين، إلى جانب رصد جرائم الدعم السريع ورفعها إلى الجهات الأممية المعنية.

https://twitter.com/TSC_SUDAN/status/1908589108303118810

توفير ممرات آمنة:
وفي السياق شدد الطاهر حجر، رئيس تجمع قوى تحرير السودان، على استعداد قواته لتوفير ممرات آمنة للمدنيين للخروج من الفاشر إلى المناطق التي يصفها بـ”المحررة”، مؤكداً أن مؤسسات الحركة الإنسانية جاهزة لتلبية احتياجاتهم. كما أعاد التذكير بمبادرة الجبهة الثورية لإخلاء المدينة من المظاهر المسلحة وتسليم إدارتها لقوة مشتركة، وهي مبادرة لم تجد طريقها للتنفيذ بسبب خلافات بين الأطراف المسلحة.

وفي ذات الاتجاه، دعت حركة تحرير السودان ــ المجلس الانتقالي بقيادة الهادي إدريس المواطنين في الفاشر ومخيم زمزم ومخيم أبو شوك إلى مغادرة ديارهم إلى مناطق سيطرة الحركة في كورما ومحليات شمال دارفور الأخرى.
وقالت إن قواتها، بالتعاون مع قوات تأسيس الأخرى التي تضم الدعم السريع والحركة الشعبية بقيادة الحلو وتجمع قوي تحرير السودان ، جاهزة لتوفير الحماية وفتح ممرات آمنة من الفاشر إلى كورما.
كما وجه مؤتمر البجا نداءً عاجلًا إلى جميع المواطنين القادرين على الخروج، خاصة الأسر والأطفال وكبار السن، بمغادرة المدينة فورًا إلى مناطق أكثر أمانًا، تفاديًا للمخاطر المحدقة وحفاظًا على الأرواح.

لكن هذه الدعوة لاقت رفضاً من أطراف فاعلة، أبرزها حركة جيش تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي، التي اعتبر ناطقها الرسمي، الصادق علي النور، أن دعوة الهادي إدريس لإخراج المدنيين من الفاشر هي محاولة لـ”دس السم في العسل”، واتهمه بالمشاركة في القتال إلى جانب الدعم السريع، نافياً وجود سيطرة فعلية للمناطق المقترحة كملاجئ.
وفي ذات السياق اتهم حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، قوات الدعم السريع، بالتخطيط لتهجير سكان الفاشر وزمزم، عبر تضليلهم بواسطة الحركات المسلحة الموالية لها.
ووصف مناوي، الحصار بأنه ذو طابع عرقي، وكتب في منشور: “رغم ما عانوه، رفض سكان الفاشر مغادرة أرضهم، ونحن نؤكد التزامنا بتحريرهم من الجوع والمرض”.

وقال مناوي في منشور على حسابه في منصة “إكس”، إن اتفاق نائب قائد الدعم السريع، مع المنظمات الأممية بتوفير المركبات لنقل السكان بمقابل مالي ولوجستي يعد الأسوأ من نوعه، داعيا النازحين في زمزم والفاشر بعدم الانصياع لهذا المخطط تفاديا لتكرار تجربة بوابة كبكابية التي انتهت بالقتل والنهب واختطاف العائلات مقابل إطلاق سراحها بالفدية.

https://twitter.com/ArkoMinawi/status/1908981947566530869

وقال مناوي إنّ الحكومة السودانية تعمل المستحيل في انزال المواد الغذائية والدوائية لاهالي الفاشر ومعسكرات زمزم وأبو شوك وغيرها من معسكرات النازحين المحاصرة من قبل الدعم السريع، التي قال بأنها مدعومة من الدول ذات عضوية في الأمم المتحدة ، وأضاف أنها تقوم باسقاط الطائرات التي تقوم بدور إنساني لدعم المنكوبين.
معارك مصيرية:
من جهته، أعلن جبريل إبراهيم، وزير المالية ورئيس حركة العدل والمساواة، أن قواته تستعد لـ”معارك مصيرية” لفك الحصار عن الفاشر، مؤكدًا من على جبهة محور الصحراء جاهزية القوة المشتركة لخوض هذه المعركة.

القوة المشتركة المساندة للجيش، من جانبها، وصفت دعوات الخروج من الفاشر بأنها محاولة لخداع المدنيين وتكرار سيناريو كبكابية الذي تعرض فيه المدنيون للاستدراج ثم الهجوم، مؤكدة أنها، بالتنسيق مع الجيش والمقاومة الشعبية، ستواصل الدفاع عن المدينة.

وفقًا لشهادات متطابقة نقلتها منصة “دارفور24″، يصطف المواطنون في طوابير طويلة أمام معاصر الزيوت للحصول على بقايا الفول السوداني – أو ما يُعرف بـ”الأمباز” – كمصدر رئيسي للطعام، خصوصًا للأطفال. وقال المواطن الطيب السيد هرون إن الدعم السريع أوقف كل وسائل نقل البضائع من القرى إلى المدينة، بما في ذلك النساء اللواتي يحملن سلعًا على ظهور الحمير.

جميع الطرق المؤدية إلى الفاشر أُغلقت، بما في ذلك طرق عطبرة – الدبة – مليط، وليبيا – المالحة – مليط، والطينة – مليط، وطريق الإنقاذ الغربي كوستي – الأبيض – النهود – الفاشر. وذكر التاجر موسى محمد إبراهيم أن التجار كانوا يدفعون مبالغ ضخمة لقوات الدعم السريع للسماح بدخول الشاحنات، لكن حتى هذه الاتفاقات توقفت.

دعوات لتدخل دولي

ويرى مراقبون أن أمام هذا المشهد الإنساني القاتم، تتصاعد الدعوات لتدخل دولي عاجل لفرض ممرات آمنة، وضمان وصول المساعدات، وتحييد المدنيين عن آلة الحرب. ومدينة الفاشر، بمكوناتها السكانية المتعددة، تقف على حافة مجاعة طاحنة وكارثة إنسانية غير مسبوقة، ما لم يتم تدارك الأمر بسرعة وبموقف دولي حاسم في مقدمتها حماية المدنيين.

spot_imgspot_img