spot_img

ذات صلة

جمع

كيف تؤثر الحرب في السودان على دول الجوار؟

التحول: متابعاتمنذ نيسان/أبريل 2023، عانى السودان من حرب ضارية...

الأمم المتحدة تحث العالم على عدم نسيان السودان وسط تصاعد الأزمة

التحول: متابعاتمع اقتراب الصراع الوحشي في السودان من إكمال...

الفاشر: ارتفاع حصيلة القتلى إلى 74 شخصاً وكارثة إنسانية تلوح في الأفق وتحذيرات أممية من تصاعد الانتهاكات في معسكرات

الفاشر: التحول

تواصلت موجات الهجوم العنيف على مدينة الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور ومعسكرات النازحين المحيطة، وسط تحذيرات متصاعدة من منظمات أممية وطبية من خطر مجاعة وشيكة وتدهور كارثي في الوضع الصحي والإنساني. وأعلنت غرفة طوارئ الفاشر عن تصاعد استهداف معسكر زمزم وأبو شوك من قبل قوات الدعم السريع بالطائرات المسيّرة، وأدى القصف المستمر، الحصار الخانق، نقص الإمدادات الغذائية والطبية، بالإضافة إلى تجدد موجات النزوح، تسبب في سقوط ضحايا وسط المدنيين، بينهم نساء وأطفال.

وارتفعت حصيلة ضحايا الهجوم المتواصل لقوات الدعم السريع على مخيم زمزم للنازحين، غرب مدينة الفاشر، إلى 74 قتيلاً و17 جريحًا، بحسب ما أعلنه الجيش السوداني، السبت. ويمثل هذا الهجوم حلقة جديدة في سلسلة الاعتداءات الممنهجة على المدنيين في إقليم دارفور، حيث تدور معارك شرسة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ أبريل 2023.

ووفق بيان رسمي للجيش، تعرض المخيم، الجمعة، لهجومين منفصلين من قبل قوات الدعم السريع، أحدهما من الجهة الغربية تمكنت القوات المسلحة من صده، فيما أسفر الثاني عن حرق منازل وقتل مدنيين داخل المخيم. وبحسب شهود ومصادر ميدانية، تواصل القصف المدفعي والاشتباكات صباح السبت، وسط حالة من الذعر والفرار الجماعي من المخيم نحو ضواحي مدينة الفاشر.

تصفية طلاب خلاوي وكوادر طبية

ووفق بيان منسوب للجان مقاومة الفاشر، فإن الهجوم الأخير شهد تصفية عشرات من طلاب خلوة الشيخ فرح لتحفيظ القرآن، إلى جانب مقتل جميع الكوادر الطبية العاملة داخل المخيم، نتيجة للقصف والاقتحام المتعمد. ولم يصدر حتى الساعة أي رد من قوات الدعم السريع بشأن هذه الاتهامات الخطيرة.

أما المنسقية العامة للنازحين واللاجئين، فوصفت الوضع بأنه “حرج للغاية”، محذرة من كارثة إنسانية وشيكة قد تطال عشرات الآلاف من المدنيين المحاصرين في المخيمات دون حماية أو مساعدات.

دكتور محمود أحد ضحايا القصف المدفعي من قبل الدعم السربع على معسكر زمزم زضمن طاقم مستشفى رليف

استهداف ممنهج:

وقالت قيادة الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش السوداني بالفاشر، في بيان أمس الجمعة، إن قوات الدعم السريع أطلقت سرباً من المسيرات الانتحارية منذ صباح اليوم، مصحوبة بقصف مدفعي من مدافع عيار 120 وقناصات من شرق وشمال شرق الفاشر.

وأكد البيان أن حصيلة القتلى حتى عصر الجمعة بلغت 32 شخصاً، بينهم 4 نساء و10 أطفال تتراوح أعمارهم بين عام وخمسة أعوام، بالإضافة إلى إصابة 17 آخرين.

وفي هذا السياق، قال مراقب ميداني تحدث لـ”العربي الجديد”:

“ما يجري في زمزم هو فصل جديد من سياسة الأرض المحروقة.. لم تعد هناك خطوط حمراء تُحترم. المستشفيات، الخلاوي، والأطفال.. الكل مستهدف”.

صمت دولي مقلق

رغم تزايد وتيرة المجازر، يظل الموقف الدولي حذرًا وبطيئًا. لم تصدر حتى الآن إدانة واضحة من الأمم المتحدة أو الاتحاد الإفريقي أو شركاء السودان الدوليين، في وقت تتفاقم فيه معاناة ملايين النازحين في دارفور.

ويأتي هذا التصعيد في وقت تحذر فيه منظمات حقوقية من خطر انزلاق دارفور إلى حالة إبادة جماعية جديدة، في ظل عجز الآليات الأممية والإقليمية عن التدخل أو حتى التوثيق الفوري لما يجري على الأرض.

وأكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في بيان حديث، أن مدينة الفاشر أصبحت مركزاً للأزمة الإنسانية في دارفور، محذرة من أن استمرار القتال سيُؤدي إلى “انهيار المنظومة الصحية وزيادة عدد النازحين داخلياً”، خاصة مع خروج معظم المستشفيات عن الخدمة وانقطاع سبل الإمداد.

انعدام الأمان وانقطاع الإغاثة
وأفادت تقارير ميدانية وشهادات لمتطوعين من غرفة الطوارئ الموحدة بالفاشر بأن معسكر زمزم للنازحين تعرّض خلال الأيام الماضية لهجمات متكررة بالطائرات المسيّرة والمدفعية الثقيلة، ما أجبر مئات العائلات على الفرار إلى مناطق أكثر بُعدًا مثل طويلة وجبل مرة، وسط انعدام وسائل النقل ونقص في الغذاء والمياه.

أما في معسكر أبو شوك، فقد سُجّلت حالات اختطاف واعتداء على مدنيين، إضافة إلى تعطّل تام لحركة المنظمات الإنسانية بعد سيطرة الدعم السريع على الطرق المؤدية للمعسكر. وحذرت غر ف الطوارئ من “وضع كارثي أشبه بعزلة جماعية يعيشها آلاف المدنيين المحاصرين في المعسكر”.

الصليب الأحمر: تحذير من الانهيار
وفي بيان حديث، وصف مركز “فكرة” للدارسات والتنمية الوضع في معسكرات الفاشر بـ”الانفجار الإنساني” وأشار إلى أن “المؤشرات الحالية تدل على انهيار منظومة الأمن الغذائي والرعاية الصحية”، داعياً المجتمع الدولي إلى فرض ممرات إنسانية عاجلة وإرسال فرق مراقبة.

كما عبّرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عن قلق بالغ إزاء توقف خدمات الإسعاف والمياه في معسكرات الفاشر، قائلة إن “استمرار القتال في محيط المعسكرات سيؤدي إلى كارثة صحية لا يمكن السيطرة عليها”.

تحذيرات من مجاعة وشيكة
وفي أحدث تقييم أمني وإنساني، قال مسؤول أممي لـ”رويترز” – فضّل عدم ذكر اسمه – إن “الظروف الحالية في الفاشر تنذر بمجاعة خلال أسابيع إذا لم يُسمح بإيصال الغذاء والدواء فوراً”، مشيراً إلى أن أكثر من 600 ألف نازح مهددون بخطر المجاعة وسوء التغذية، لا سيما الأطفال دون سن الخامسة.

غرف الطوارئ توجّه نداءً عاجلاً
وفى ذات السياق وجّهت غرف الطوارئ في الفاشر وطويلة ونيالا نداءً إنسانيًا عاجلًا إلى المجتمع الدولي لتوفير ممرات آمنة للنازحين الفارين من الفاشر، مشيرة إلى أن القصف العشوائي أجبر آلاف الأسر على النزوح في ظروف بالغة القسوة دون ماء أو غذاء أو علاج.

كما شددت الغرف على أهمية دعم الجهود المحلية “التي تبذل في ظروف مستحيلة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه”، محذرة من أن التأخير في التدخل الدولي قد يُفضي إلى مجزرة إنسانية صامتة.

التطورات العسكرية:

ومنذ بداية النزاع، سعت قوات الدعم السريع إلى السيطرة على الفاشر، في محاولة لتوسيع رقعة نفوذها في دارفور. ومع ذلك، ورغم أن بعض التقارير تشير إلى تراجع قوات الدعم السريع في بعض المناطق، إلا أن تصعيد هجماتها على المدنيين والمخيمات مستمر، ما يساهم في تصعيد الأزمة الإنسانية.

في الأيام الأخيرة، تعرضت مخيمات النازحين في الفاشر مثل مخيم “أبو شوك” و”زمزم” لقصف مدفعي عنيف من قبل قوات الدعم السريع، مما أسفر عن مقتل عشرات المدنيين وإصابة المئات. الهجمات هذه تأتي في وقت حرج، حيث يعاني النازحون من ظروف صحية ومعيشية غاية في الصعوبة، تشمل انعدام الغذاء والماء والأدوية.

تؤكد تقارير منظمة “أطباء السودان” أن قوات الدعم السريع تستهدف بشكل متعمد الكوادر الطبية والمنشآت الصحية، حيث تم تصفية عشرة أطباء في مناطق مختلفة من دارفور، مما يزيد من حدة الأزمة الصحية.

الوضع الإنساني في مخيمات النازحين:

تواجه مخيمات النازحين في الفاشر وضعًا إنسانيًا كارثيًا. يعاني السكان من نقص حاد في المواد الغذائية الأساسية، بالإضافة إلى معاناة شديدة في توفير الأدوية والرعاية الصحية. تعاني النساء والأطفال بشكل خاص من الجوع الشديد وسوء التغذية. في مخيم “زمزم”، على سبيل المثال، توفي العديد من الأطفال جراء الجوع، بينما تشهد المخيمات الأخرى أوضاعًا مشابهة من العجز التام في توفير الحد الأدنى من احتياجات الحياة.

الحصار المفروض على الفاشر من قبل قوات الدعم السريع أدى إلى انقطاع إمدادات الطعام والمساعدات الإنسانية. وعلى الرغم من الجهود الحكومية لإرسال مساعدات، إلا أن القصف المتواصل للطائرات المسيّرة يعيق وصول هذه المساعدات إلى الفئات المحتاجة. وفقًا لتقرير برنامج الأغذية العالمي ومنظمة “أطباء بلا حدود”، تم تعليق الأنشطة الإنسانية في المخيمات جراء الهجمات المستمرة.

الشهادات الميدانية:

شهادات النازحين في المخيمات تكشف عن الواقع المرير الذي يعيشونه. أحد النازحين في مخيم “أبو شوك” تحدث عن كيف أن القصف المدفعي كان يوقع ضحايا بين الأطفال والنساء يوميًا، كما أشار إلى أن بعض النازحين اضطروا إلى ترك مخيماتهم والانتقال إلى مناطق أكثر أمانًا، رغم أن هذه المناطق أيضًا لا تكاد تملك أي موارد.

في سياق آخر، أفاد متحدث باسم تنسيقية لجان المقاومة في الفاشر أن الهجمات المتواصلة في المدينة تهدد بتدمير ما تبقى من بنية تحتية، حيث استهدفت المدفعية

مراكز صحية ومدارس كانت تستخدم كملاجئ للنازحين.

التفاعل الدولي:

رغم النداءات المستمرة من منظمات حقوق الإنسان الدولية والإنسانية، لا يزال المجتمع الدولي في موقف متردد، خاصة فيما يتعلق بتطبيق قرارات الأمم المتحدة بشأن حماية المدنيين وإيصال المساعدات الإنسانية. آخر التحذيرات أطلقتها منظمة “يونيسيف” التي أكدت أن قرابة مليون طفل في الفاشر والمخيمات المجاورة يواجهون خطر الموت بسبب تدهور الوضع الصحي والمجاعة.

في الوقت نفسه، دعمت الأمم المتحدة عدة تقارير حقوقية تشير إلى أن بعض الجهات الدولية قد فشلت في اتخاذ إجراءات حاسمة لوقف الاعتداءات على المدنيين في دارفور. هذا الوضع أثار انتقادات حادة من بعض الحكومات، مثل حكومة إقليم دارفور، التي وجهت اللوم للمجتمع الدولي في عدم الضغط بشكل كافٍ على الأطراف المتنازعة.

الاستجابة الإنسانية وجهود الإغاثة:

تحاول حكومة السودان بالتعاون مع منظمات دولية ومحلية توفير بعض الاحتياجات الأساسية للنازحين. في هذا السياق، أعلن حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، عن الجهود التي تبذلها الحكومة لإيصال المواد الغذائية والدوائية، وأكد على أن هذه الجهود تتعرض لعراقيل شديدة بسبب الهجمات المتواصلة من قبل قوات الدعم السريع على خطوط الإمداد.

فيما تعمل تنسيقية لجان المقاومة في الفاشر على تعزيز دور المنظمات المحلية في إجلاء المدنيين إلى مناطق أكثر أمانًا، فقد تمكنت قوات تحالف “السودان التأسيسي” من إجلاء أكثر من 8,500 أسرة إلى مناطق مثل “طويلة” و”كورما”، حيث تم توفير احتياجاتهم من الطعام والماء.

إلى ذلك يشير الوضع الحالي في الفاشر إلى استمرار أزمة إنسانية غير مسبوقة، حيث يعاني المدنيون من القصف المستمر، الحصار، والمجاعة، بينما يتعرض العديد من النساء والأطفال للقتل والتهجير القسري. كما أن عرقلة وصول المساعدات الإنسانية من قبل قوات الدعم السريع تساهم في تفاقم المعاناة.

إن الأزمة الحالية تتطلب تحركًا دوليًا عاجلًا لفرض وقف إطلاق النار بشكل غير مشروط، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع المدنيين في دارفور. من الضروري أن يتم تفعيل آليات حماية المدنيين وتقديم الدعم اللازم لهم، حتى لا تزداد مأساة الشعب السوداني في ظل هذا النزاع العبثي.

spot_imgspot_img