رشا عوض
السيد ضياء الدين بلال لم يجرؤ على تسمية الجرائم البشعة في مدني بعد ان اصبحت تحت سيطرة الجيش بالانتهاكات بل اختار لها اسم دلع : التجاوزات!
وفي حوار على قناة الجزيرة حاول ان يلتمس لها المبررات تارة بان الكمبو الذي ارتكبت فيه المجزرة تعاون بعض ابنائه مع الد.عم السريع ولا ادري هل فاق تعاون هؤلاء المساكين تعاون كيكل الذي هو الان لواء في جيش الهنا ! وتارة في ان هناك احتقانا ولد الرغبة في الانتقام!
وطبعا هذا تبرير فطير لان الجرائم التي ارتكبت لم يرتكبها مواطنون عاديون يحركهم الغبن والاحتقان المزعوم بل ارتكبتها عناصر عسكرية ترتدي زي القوات المسلحة فاذا كانت عناصر الجيش تتصرف تبعا لحالات الاحتقان والانتقام الهمجي فما هي ميزة الجيش؟ وما الفرق بينه وبين المليشيات؟ وكيف يكون مؤتمنا على امن البلاد والعباد وعلى اي اساس يطالبوننا بتقديم بيعة سياسية للجيش باسم الدولة وشرعية الدولة ونظامية الدولة؟!
المشكلة ان السيد ضياء الدين منذ بداية الحرب لم يتوقف عن اساءة القوى المدنية على اساس اسطوانة واحدة هي : عدم ادانة انتهاكات الدعم السريع او الادانة الخجولة لها!
رغم ان بيانات القوى المدنية تضمنت مرارا وتكرارا وصف ما يفعله الدعم السريع بالانتهاكات وبجرائم الحرب
المفارقة انه عندما ذبح المواطنون العزل وبقرت بطون النساء وتم القاء الناس مكبلين في النيل وعرضت الفيديوهات اكواما من الجثث وكل يوم ينتشل الناس قتلى من الترع وعندما رأينا امرأة كبيرة تضرب وتشتم باقذع الالفاظ من كوز منحط عديم المروءة له رتبة في الجيش ثم سمعنا بموتها تحت التعذيب ثم توالت فيديوهات التهديد بالذبح من جنود بكامل هيئتهم العسكرية والدبابير تلمع في بزاتهم، عندما حدث كل ذلك اختفت في ظروف غامضة مفردة انتهاكات وحلت محلها مفردة ” تجاوزات” مصحوبة بالتبريرات واللولوة وبهلوانيات التهرب من مناقشة اصل الجريمة واحالة المسؤولية الى اخرين حفاظا على خاطر وسلام وامان المجرم الاصلي مثل الحديث عن التضخيم بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي! والاستثمار السياسي من بعض الجهات!
عموما منهج التعامل مع انتهاكات الجيش في ود مدني يثبت المثبت ويؤكد المؤكد بان الموقف الاخلاقي والحقوقي في قضية الانتهاكات هو موقف يخص دعاة السلام والديمقراطية والمواطنين المنكوبين، اما ابواق الحرب والتطبيل للعسكر فالانتهاكات بالنسبة لهم هي مجرد ” عدة شغل سياسي” وهنا اكرر ما كتبته مرارا وتكرارا:
” الضلاليون يريدون عدم ربط الحديث عن الانتهاكات بواقع الحرب ومن ثم اعتبار الانتهاكات سببا قويا للمطالبة بإيقافها ! يريدون الحديث عن الانتهاكات كقضية معزولة هبطت على السودان من السماء بل وللمفارقة يريدون استخدام الانتهاكات في التعبئة الحربية والدعوة لتوسيع رقعة الحرب واستمرارها ومناصرة احد طرفيها ( الجيش والكيزان)!! وفي هذا السياق يطالبوننا ان نقول ان هناك طرفا واحدا فقط له انتهاكات وهو الد.عم السريع ويتم الصمت تماما عن انتهاكات الجيش رغم ان انتهاكاته لا تقتصر على قصف الطيران بل تشمل الاعتقالات والقتل على الهوية العرقية وتعذيب الاسرى ونهب المواطنين، يعني نفس انتهاكات الدعم السريع مضافا اليها الممارسات الداعشية!
عندما نقول ان الحرب هي جذر الانتهاكات يحتج البعض بان للحرب نفسها قوانين تفرض حماية المدنيين وكاننا دولة اسكندنافية محكومة بالقوانين! في ذهول تام عن حقيقة العطب والخلل البنيوي في كامل منظومتنا العسكرية والامنية الذي يجعل الجيش والشرطة والدعم السريع وجهاز الامن لا مساحة لديهم لشي اسمه قوانين حرب او حقوق انسان، وبالتالي فلا نجاة للمواطنين من الانتهاكات الا بايقاف الحرب نفسها .
ويجب ان نعلم ان تاريخ الانتهاكات في السودان لم يبدأ في 15 ابريل بل هناك سلسلة من الابادات والمجازر الجماعية والتعذيب والتشريد ومسح قرى باكملها من الوجود في جنوب السودان قبل الانفصال وفي دارفور، وضرب المدنيين بالبراميل المتفجرة في جبال النوبة وهذه الجرائم وقعت قبل ان يكون هناك شيء اسمه الد.عم السريع!
هذه هي الصورة الكاملة لما يجري في بلادنا والطهرانية والنزاهة تقتضي كشف و إدانة هذه الصورة كاملة! والسعي لتجاوزها بمشروع ديمقراطي في القلب منه عملية اصلاح امني وعسكري حقيقي وعدالة انتقالية!
اما حجب اجزاء رئيسية من هذه الصورة وتسليط الضوء فقط على الجزء الذي يريده الكيزان واذيال الدكتاتورية العسكرية لاغراضهم السياسية فهذا تدليس لن نتورط فيه مطلقا! وهذا هو سبب هيجانهم وصراخهم !
وكلما ازدادوا هيجانا وصراخا كلما ازددنا في كشف الحقائق التي يريدون طمسها.
” في التعليقات رابط لحوار قناة الجزيرة مع ضياء الدين بلال”