spot_img

ذات صلة

جمع

مساعي لحل مشكلة مياه الشرب بوادي حلفا وعبري

آوادي حلفا : التحول التقي المدير التنفيذي لمحلية حلفا ابو...

730 طالبة وطالب ممارس للمهنة يجلسون لامتحان مجلس المهن الطبية والصحية

بورتسودان: التحول انطلقت في التاسعة بالسبت 25 يناير 2025م ،...

ما أسوأ أن تكون شعبا

حيدر المكاشفي العبارة أعلاه (ما أسوأ ان تكون شعبا)،...

لجان المقاومة تستنكر تصرفات منسوبي لواء البراء بن مالك وتقول: رمزية الشهداء خط أحمر

الخرطوم: التحول أعربت تنسيقيات لجان المقاومة السودانية عن غضبها الشديد...

في قراءات الحزب الشيوعي السوداني للمنعطفات (الثورية)

طارق بشري (شبين) منذ أرسطو، بدا أنه من المستحيل الكتابة...

بمعدل 24 بص يومياً.. معاناة لا توصف ( للمرحلين) من مصر ومضاعفة أسعار الترحيل !

·

استطلاع : الصادق مصطفى الشيخ

  • مُرحلة: ظللت وأفراد أسرتي لأكثر من 15 يوم فى معاناة متواصلة فى مصر.
  • مُرحلة: كانت أمنيتي العودة للسودان لكن لم أكن أريدها بهذه الصورة المهينة.
  • أسرة: فقدنا أكثر من مليار جنيه ولانزال مرابطين ما بين المعبر والميناء البرى بحثاً عن أمتعتنا التي تخلفت.
  • مُرحلة: بقينا فى السجن 12 يوماً حتى تم تجميعنا فى مكان واحد بالسجن الفسيح.
    ازداد المعدل اليومى لما يسمى ببصات الترحيل من مصر الى معبر أشكيت وحده الى 24 رحلة فى اليوم الواحد، بما يعادل 1200 شخص بينهم العجزة والمرضى والنساء، وحتى ذوى الإحتياجات الخاصة والأطفال، حيث تزداد المعاناة بعد الوصول لمدينة وادى حلفا التى ضاقت سعتها على تحمل هذا الضغط المتزايد، فى وقت تشهد فيه الولاية الشمالية إنخفاض درجات الحرارة والرطوبة العالية حيث إكتظت الفنادق وأغلقت المساجد والمدارس ومراكز الإيواء (الثلاثة) (الكلية والحديقة وبيت الشباب) فى وجه القادمين الذين يعانون أوضاعاً مأساوية ويفترشون أرض الميناء البرى الجديد دون أى حماية من الأتربة وأشعة الشمس …
    وشهد مطلع الأسبوع الجارى زيادة مهولة فى أسعار تذاكر البصات السفرية والحافلات (الشريحة) إلى ضعف السعر السابق (70 الف جنيه) الى مدينة عطبرة بدلاً عن (35 الف) الأسبوع الفائت، وقد عزت غرفة النقل ذلك الى فرض السلطات للزكاة بواقع 350 الف وإجبار الشركات على الدفع الفورى قبل مغادرة الميناء، وشهد الميناء البرى وما يزال حركات تنازع بين السلطات وأصحاب الشركات، بحصر حصص النقل على الشركات المصدقة بمحلية حلفا، وهى لا تتعدى الخمس شركات أبرزها أبوعامر والعزيزيزية وأبوهشام، الأمر الذى أدى الى خروج عدد كبير من البصات المصدقة على مدن أخرى من دائرة الخدمة، الأمر الذى ضاعف من الأسعار، حيث عادت هذه البصات الى مناطقها دون ركاب رغم إكتظاظ الموقف بعشرات المرحلين من جمهورية مصر، الذى إعتبره المواطنون تخبطاً وإنحيازاً أشبه بالفساد يحدث عنه المجتمع بصوت عالى…
    (الميدان) زارت الميناء البرى الجديد الذى يشهد حركة إصلاحات وتشييد لعدد من الدكاكين حول الموقف، الذى بدأت فيه عملية السفلتة حيث تتراص الأمتعة فى قلب الساحة، وحولها يفترش المرحلون الأرض المطلة على البحيرة التى أصبح ماحولها مكاناً لقضاء الحاجة، رغم توافر الحمامات وذلك لإنعدام السيولة وضعف شبكة الإتصالات وتعطيل تطبيق بنكك وغياب سماسرة العملة، لعدم وجود رغبة فى شراء الجنيه المصرى وبقية العملات…
    فى الأثناء تشهد مكاتب المحاميين بقلب المدينة ومنطقة الطواحين التى لجأ اليها العشرات من الشباب بحثاً عن فرص العمل وتقديم شكاوى قانونية ضد السلطات المصرية، التى إنتهكت حقوقهم الدستورية خاصة الذين يحملون بطاقات ملونة من المفوضية السامية للاجئين ..
    وفى ذات السياق طالب حقوقيون وناشطين بوادى حلفا بضرورة مراجعة أداء الجهات المناط بها خدمة المبعدين من مصر وتحديداً الجهات التى تتلقى الدعم المباشر من منظمة الهجرة الدولية، وطالبوا بإشرافها بنفسها على عملية دعم وتسهيل وصول المبعدون الى ديارهم، حيث كان ديوان الزكاة يقوم بدعم المرحلين بتزاكر السفر الى مدينة عطبرة، وكانت المنظمة تدعم مالياً ذات الفئات بشرط الحصول على ختم الترحيل فى الجواز أو خطاب ترحيل فى معابر الوصول، حيث تم إيقاف هذه العملية دون إيقاف الدعم الذى لا يصل لمستحقيه…
  • تزاحماً شديداً .. معاناة لا توصف:
    ست البنات صلاح علي قالت إنها وأفراد أسرتها ظلوا لأكثر من 15 يوم فى معاناة متواصلة فى مصر، بعد أن تم القبض عليهم داخل الشقة مع بناتها الثلاثة، ولم تتاح لهم الفرصة لأخذ متاعهم أو إستلام أموال محولة لهم بمصر، وهم الآن فى حيرة من أمرهم ولا يملكون ما يسد رمقهم ولا متطلبات الترحيل التى تكلف ما يقارب المليار على حد قولها، وأبانت أنهم تركوا شاباً صغيراً لم يتعدى السابعة عشر من العمر خرج لإحضار بعض الإلتزامات وهو لا يملك مالاً ولا إتصال بأى من أقاربهم فى الخارج.
    وأشارت ست البنات الى أن معانتهم تفاقمت فى السودان وتخشى من طول الإقامة بهذا المكان …
    من جهتها قالت أسماء الزين إنها سعيدة بالوصول للسودان، كانت أمنية لكن لم تكن تريدها بهذه الصورة المهينة، وقالت إنها تحمل كارتاً من المفوضية وتسلمت دعماً لعدة مرات وتعرضت لعملية نهب من ضمنها الكارت الذى كان سبب ترحيلها الى السودان ..
    جمال بابكر على عمر وزوجته أمانى إبراهيم علي عمر حكوا مرارة ما واجهوا، حيث وصلوا إسوان من بورتسودان بعد ثلاثة ليالى قاسية، وباتوا ليلة بأسوان وأقبلوا على قطع تزاكر البص الى القاهرة، وبعد الدفع مباشرة منعوا من الجلوس فى مقاعدهم بالقطار، حيث تم إقتيادهم الى السجن ومن ثم وادى حلفا بعد أن فقدوا أكثر من مليار جنيه وهم الآن مرابطين ما بين المعبر والميناء البرى بحثاً عن أمتعتهم التى تخلفت بأسوان…
    (ع. م ك) إستمع للحوار السابق وأصر لإصطحابنا الى أسرته التى تتكون من أمه وأخته وشاب معاق، وقال إنهم صرفوا كل ما يملكوا من مدخرات جراء رحلتهم الى القاهرة هرباً من جحيم الحرب وتداعياتها، ولم تمر أشهر قليلة حتى تمت إعادتهم الى المربع الأول، وقال إنه محتار بالذهاب الى أمدرمان أو البقاء فى الشمالية التى طرق فيها أبواب مراكز الأيواء ليضمن وجبة عدسية لأسرته كما قال، حيث لا يوجد عائل غيره بعد أن فقدت الأسرة كافة مقتنيات المنزل، وناشد المسؤلين والمنظمات العاملة فى مجال حقوق الإنسان بالنزول للمواطن الذى لا يريد سوى السترة والتواجد بمناطق آمنة ..
    صفية محمود 25 سنة كانت تتجادل مع سائق الشريحة الوحيدة المصدق لها بنقل الركاب بعد أن غادرت الثلاثة الأخريات، قالت إن السائق طلب منهم مبلغ 180 الف جنيه للراكب الواحد كيما يتسنى له توصيلهم إلى منطقة الكريبة شمال ود مدنى، وبعد إنتهاء الجدل التفتت إلينا وقالت لماذا لا تتدخلوا وتجبروا هؤلا الظلمة الإستغلاليين على حد وصفها بمراعاة ظروف المواطنون، فسيأتي المرحلين ومعاناة كبارنا صمتنا جميعاً ولكنى إستأذنتها بنشر كلماتها وكشف حجم المعاناة التى تعرضوا لها داخل بلاده، فرحبت بالطرح وشرحت كيف تم القبض عليها وأمها وأربعة من إخواتها وأطفالهم الـ (11)، والذين رسموا لوحة حزينة حول موقف البصات، وظلوا يشكلون مادة تخفيفية لأسرتهم ومرافقيهم المعاناة، قالت بقينا فى السجن 12 يوم حالما تم تجميعنا فى مكان واحد بالسجن الفسيح، وأضافت كما ذهبنا عدنا لا نحمل غير الشوق لأرض بلادنا ولعزاء الأسرة التى فقدت ثلاة من الأخوان مازلت أمهم لا تعلم الا بإستشهاد الأول فقط…
    صفية سألت عن مصير من لا يجدون مبالغ الترحيل الباهظة هل سيظلون على هذا الوضع الى ما لا نهاية، وهمست فى أذن المسؤلين طالما عجزتم عن إنصافنا من ظلم الجارة الكذوب فأنصفونا داخل أرضنا ..
    وكان عدد من الشباب قد عزفوا بالحديث إلينا رغم أنهم يشكلون الأغلبية العظمى من محتملى المعاناة إلا أن ( س.م) 20 سنة قال إنه لجأ مع أسرته الى مصر وعاد وحيداً بعد أن تم القبض عليه وهو فى طريقه الى العمل، وأبان أنه فى مفاضلة بمواصلة الرحيل الى مسقط رأسه بالقضارف أو العودة لأسرته بمصر، خاصة أن تكاليف الترحيل تكاد تكون هى نفسها بعد الواقع الجديد، وأضاف أن الشباب فى مصر يدفعون بصبر وجلد نتاج هذه الحرب التى لا يدرى أحد متى ستتوقف ..
    أسماء علي تم القبض عليها بعد إسبوع من وصولها للقاهرة وتركت خلفها طفلين ووالدهم وعمتهم، وأنها تفاجئت بالوضع المادى وإنعدام السيولة، وقالت إنها لم تتذوق طعم الطعام منذ أن وصلت الى حلفا وليس لها الرغبة فى ذلك الى أن تعود الى أسرتها أو تصل لجيرانها بالحتانة…
    سيف الدين سليمان من شمبات قال إنه لم تراوده أى رغبة فى الخروج من بحرى، إلا أن ماشهدته المنطقة فى الشهرين الآخيرين أجبراه على الخروج، وإعترف بأنه إختار المنطقة الخطأ، وقال بحسرة لكن المصيبة الكبرى إننا لا نستطيع الذهاب لشمبات فى الوقت الحالى ليس لإنعدام الخدمات وتبادل الضربات، لكن لأننا فقدنا كافة مقتنيات المنزل ..
  • خاتمة:
    هذه مقتطفات سريعة من أفواه مرحلون قسرياً وسط صمت الجهات القانونية والحقوقية، وغياب السلطات المحلية والخيرين الذين كانوا فى مثل هذه الحالات يوفرون الكساء والغذاء ومياه الشرب وصالونات الإستراحة ..
    وإن تعمدت أطراف الحرب مفاقمة معاناة المواطنين بتشريدهم ثم الإتفاق مع دول الجوار لإعادتهم ليكونوا وقوداً للحرب، وكان لعزوف العدد الكبير من الشباب العزوف عن الحديث والتعبير عن معاناتهم بسبب المعاملة وعمليات الرصد، التى تطالهم فيما يسمى بالتفتيش وموضة رفع أسماء بعض الشباب بحجة التعاون مع هذا الطرف أو غيره، وبعيداً عن كل ذلك نناشد السلطات المحلية والمنظمات الدولية وقبلهم الضمير الشعبى بمصر، الضغط على الحكومة المصرية لمراعاة معاناة الأسر السودانية وإحترام النظم واللوائح الدولية التى إتاحت للعالم العربى إستضافة الفلسطينين لعشرات السنين والسوريين، وفشلت فى إستضافة السودانين لعام واحد رغم ماوفره هذا العام من عائد مادى مهول.

المصدر: صحيفة الميدان.

spot_imgspot_img