د. احمد التيجاني سيد احمد
في الوقت الذي تغلي فيه شوارع إسطنبول وأنقرة باحتجاجات شعبية واسعة ضد القبضة الأمنية لنظام أردوغان، وتنهار الليرة التركية تحت وطأة التضخم والفساد، نرى مشهدًا متناقضًا على المسرح الإقليمي: تركيا تُكافَأ على سلوكها التخريبي في السودان، لا تُعاقَب.
منذ بداية الحرب السودانية، لعبت أنقرة دورًا مشبوهًا في دعم أطراف مسلحة تسعى إلى تمزيق البلاد، تحت غطاء “النفوذ الإسلامي” وتصفية الحسابات مع القوى الديمقراطية في السودان. قدمت تسهيلات مالية واستخباراتية للبرهان الانقلابي الشرير ولفلول الكيزان وللميليشيات الإسلامية، واستفادت من الفوضى لتمرير صفقات مشبوهة للذهب والموارد، بل وفتحت أراضيها لتكون ملاذًا للقيادات الهاربة من العدالة السودانية.
ولكن ما هو الثمن؟:
-* ها هي تركيا تستضيف محادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا، وتعيد تموضعها كوسيط إقليمي موثوق رغم سجلها المظلم.
-* تحصد صفقات سياسية وتجارية مع أوروبا والغرب مقابل دورها في كبح الهجرة أو ضبط التوازنات في البحر الأحمر.
-* تُمنح تركيا صمتًا دوليًا على قمعها الداخلي، فقط لأنها “تؤدي الأدوار القذرة” في أماكن مثل السودان وليبيا وسوريا.
ما هي النتيجة؟
تركيا دولة تترنح داخليًا، لكنها تُكافأ خارجيًا. نظام يعتقل العُمداء والصحفيين، لكنه يُستقبل في القصور العالمية. بلد تنهشه السموم المهرّبة وقتلى الزلازل، بينما يُروَّج له كصانع سلام.
إنها مفارقة العصر: من يزرع الفوضى، يُكافأ بالشرعية.
فهل يستيقظ العالم، أم أننا أمام مرحلة جديدة من إعادة تدوير الشر باسم “النفوذ الجيوسياسي”؟
د احمد التيجاني سيد احمد
١٧ مايو ٢٠٢٥ روما – نيروبي