بورتسودان: التحول
أعلن السودان، الأحد، الاستغناء عن خدمات منصة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي وسحب عضويته منها، وذلك احتجاجا على المعلومات التي شملها تقرير اللجنة بشأن وجود مخاطر مجاعة في البلاد. رافضاً تسييس قضايا الأمن الغذائي.
وقال وزير الزراعة، أبو بكر البشري، خلال مؤتمر صحفي عقده في بورتسودان، إن بلاده ترفض استخدام المجاعة كذريعة للتدخل من قبل أطراف لم يسمها، وبعض المنظمات الدولية “ذات الأجندة” في السودان.
إدعاءات المجاعة:
وفي ذات السياق أكدت وزارة الخارجية السودانية التزام السودان الثابت بالتعامل مع المنظمات الدولية “التي تراعي الشفافية وتحترم سيادة البلاد وترفض تسييس قضايا الأمن الغذائي واستخدام ادعاءات المجاعة لتنفيذ الأجندة الخفية تجاه البلاد.
وأشارت الخارجية السودانية إلى حرص حكومة السودان على التخفيف من معاناة شعبها وتعزيز الأمن الغذائي ومعالجة الأسباب الجذرية للأزمة الإنسانية.
وأكدت مبادرة عالمية تعنى بقضايا الأمن الغذائي، وتضم وكالات الأمم المتحدة وشركاء إقليميين ومنظمات إغاثة. الثلاثاء الماضي في بيان، انتشار المجاعة في 5 مناطق على الأقل داخل السودان، فيما يتوقع أن تواجه 5 مناطق أخرى المجاعة بين ديسمبر 2024 ومايو 2025.
وقالت مبادرة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)، ومقرها إيطاليا، إن هناك 17 منطقة أخرى مهددة بخطر المجاعة. بينما يواجه نصف سكان السودان وعددهم 24.6 مليون نسمة، مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد.
وحذرت المبادرة من أن هذا الوضع يعكس تعمقا وتوسعا غير مسبوق لأزمة الغذاء والتغذية في السودان، الذي نجم عن الصراع المدمّر الدائر في البلاد منذ نحو عامين، وتسبب في نزوح جماعي غير مسبوق، وانهيار اقتصادي، وتفكك الخدمات الاجتماعية الأساسية، واضطرابات مجتمعية شديدة، وضعف في الوصول الإنساني.
محض إفتراء
مفوضة العون الإنساني قالت إن الادعاءات بشأن عرقلة المساعدات الإنسانية ليست سوى محض افتراء، مشيرة إلى أن السلطات أصدرت من بورتسودان نحو عشرة آلاف تصريح لتسهيل حركة المساعدات إلى الولايات المختلفة..
شنت مفوضة العون الإنساني بالسودان، سلوى آدم بنية، هجوماً عنيفاً على المبادرة وقالت إن الحديث عن وجود مجاعة في السودان لا يعدو كونه “محض افتراء”. وأضافت أن جميع المعايير التي تحدد وقوع المجاعة غير متوفرة في السودان، حيث لا توجد مسوحات مشتركة تدعم هذه الادعاءات، ولا يمكن فرض واقع غير صحيح للتدخل تحت ذريعة الغذاء.
واتهمت بعض المنظمات بالسعي لتحقيق أجندات معينة باستخدام قضية الغذاء كغطاء، مؤكدة رفضها القاطع لاستخدام العمل الإنساني كأداة لتحقيق أهداف سياسية. وقالت: “نرفض تمامًا زج العمل الإنساني في العمل السياسي”.
واشارت مفوضة العون الانسانى خلال مؤتمر صحفي عقد الأحد بمدينة بورتسودان، العاصمة الإدارية المؤقتة، الى حرص حكومة السودان على وصول المساعدات للمتأثرين.
وأكدت أن الادعاءات بشأن عرقلة المساعدات الإنسانية ليست سوى محض افتراء، مشيرة إلى أن السلطات أصدرت من بورتسودان نحو عشرة آلاف تصريح لتسهيل حركة المساعدات إلى الولايات المختلفة.
تجويع السكان:
قالت أن التسهيلات المقدمة عبر معبري أدري والطينة أسفرت عن دخول 1700 شاحنة تحمل مساعدات إلى أربع ولايات في دارفور، باستثناء الفاشر ومعسكر زمزم، حيث تفرض الدعم السريع حصارًا خانقًا يهدف إلى تجويع السكان بشكل ممنهج.
وانتقدت بنية بشدة غياب الإدانات الكافية من جانب المنظمات الدولية والدول لهذا النهج غير الإنساني.
وحذرت المسؤولة، أي منظمة أو وكالة مسجلة لا تلتزم بالضوابط وأسس العمل الإنساني، بما في ذلك احترام سياسة الدولة، ستواجه إجراءات قانونية صارمة. وقالت: “نحن بصدد اتخاذ خطوات ضد كل من يساهم في نشر معلومات خاطئة ضد السودان، ولن يُسمح له بممارسة أي نشاط داخل البلاد”.
وشددت المفوضة سلوى آدم بنية خلال مؤتمر صحفي الأحد على التزام حكومة السودان، ممثلة في مفوضية العون الإنساني، بتقديم كافة التسهيلات وتسريع الإجراءات لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى الولايات المتأثرة، لتصل إلى كل مواطن سوداني دون استثناء.
وأشارت إلى تمديد عقد إيصال الإغاثة لشهرين إضافيين، شملت نقل 4,000 طن متري إلى كادوقلي ومنطقة جلد، بما في ذلك عبر الإسقاط الجوي.
وقالت إن التسهيلات تشمل إصدار التصاريح خلال أسبوع من خلال مجمع مخصص لتسهيل الإجراءات يضم جميع المؤسسات ذات الصلة. لكنها انتقدت عدم التزام بعض المنظمات بالإجراءات المتبعة، مثل عدم إبلاغ المفوضية في حال تغيير المسارات بسبب اعتراض قوات الدعم السريع، أو تجاوزات تتعلق بالحصول على تصاريح شحن دون شحن المواد الإغاثية فعليًا.
دعم دول عربية:
ودعت المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية لإدانة نهج الدعم السريع في منع واعتراض وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين، خاصة في الفاشر ومخيمات النزوح بدارفور.
كما استعرضت المفوضة الدعم المقدم من عدة دول، منها السعودية، قطر، مصر، إندونيسيا، تركيا، ليبيا، الكويت، الصين، البحرين، الأردن، وماليزيا، والذي شمل توفير مواد غذائية ودوائية وطبية لدعم الجهود الإنسانية في السودان.
وتتبادل الأطراف المتصارعة في السودان الاتهامات بشأن عرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتأثرة بالحرب. حيث يتهم الجيش قوات الدعم السريع بمنع وصول الإغاثة للمناطق المتضررة في دارفور والفاشر، بينما تتهم قوات الدعم السريع الجيش بتعطيل إيصال المساعدات عبر الحواجز الأمنية، مما يزيد من معاناة المدنيين.
ويشهد السودان منذ 15 أبريل 2023 قتالاً عنيفاً بين الجيش وقوات الدعم السريع، بدأ في العاصمة الخرطوم وامتد إلى مناطق واسعة من دارفور وكردفان والجزيرة وسنار، متسببًا في مقتل الآلاف وتشريد الملايين داخل البلاد وخارجها.
وفي 24 ديسمبر الجاري، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش عن القلق إزاء تدهور حالة الأمن الغذائي بسرعة في السودان، حيث يستمر تدهور القدرة على الوصول إلى الغذاء والتغذية لملايين الأشخاص في جميع أنحاء البلاد وفقا للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي.
الحكومة يقظة:
من جهته قال وكيل وزارة الخارجية السفير حسين الأمين الفاضل، إن الحكومة يقظة لما يحاك ضد السودان تحت ذريعة المجاعة والتدثر خلف غطاء الوضع الإنساني لتنفيذ اجندة سياسية للضغط على الحكومة.
وقال في مؤتمر صحفي مشترك مع وزراء الزراعة والصحة والإعلام ومفوض العون الإنساني حول أوضاع الأمن الغذائي في السودان عقد ببورتسودان اليوم، إن الحكومة مدركة تماما لهذه التحركات المستمرة والحملة التي تقودها بعض الدول والدوائر التي اتخذت اشكال ومنابر متعددة لخدمة اجندة واهداف سياسية بدأت بدعاوى المجاعة.
واكد ان الدولة ملتزمة بكافة مسؤولياتها وبدأت تحركات مع الدول الشقيقة والصديقة على مستوى بعثات السودان في محطات جنيف ونيويورك وأن اللقاءات مستمرة مع المندوبين الدائمين وسيتم تقديم تقرير لمجلس الأمن لدحض دعاوى التقرير المرحلي المتكامل للأمن الغذائي للوضع في السودان.