spot_img

ذات صلة

جمع

“الموت تهديد مستمر”: اليونيسف ترسم صورة قاتمة لأطفال السودان في الذكرى الثانية للحرب

التحول: متابعات بعد عامين من الصراع في السودان، تكشف الأرقام...

اشتباكات دامية بين عناصر الدعم السريع في نيالا تسفر عن 12 قتيلاً بينهم ضابط برتبة لواء

نيالا: التحول اندلعت صباح السبت اشتباكات عنيفة بين عناصر من...

عامان على حرب السودان: الذخائر غير المنفجرة تهدد سلامة المدنيين وتعيق جهود الإغاثة

أجرى الحوار: عبد المنعم مكي

بعد عامين من النزاع المسلح في السودان، يواجه المدنيون تحديا صامتا ولكنه فتاك وهو الذخائر غير المنفجرة التي تهدد سلامة النازحين العائدين إلى ديارهم كما يقول صديق راشد رئيس برنامج الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام في السودان. ودعا راشد الأطراف المتحاربة والمجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياتهم في تطهير البلاد من هذه الذخائر وحماية أرواح المدنيين.

وفي حوار مع أخبار الأمم المتحدة، أوضح صديق راشد أن المناطق التي كانت في السابق آمنة أصبحت الآن ملوثة بشكل عشوائي بالذخائر غير المنفجرة، بما فيها العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة.

وأشار إلى أن هذه الأسلحة، غير المصممة للاستخدام في المناطق المأهولة بالسكان، تشكل خطرا دائما على المدنيين العائدين إلى ديارهم وعلى العاملين في المجال الإنساني.

أمثلة مأساوية تجسد الخطر
وقد تجسدت هذه المخاوف بالفعل في حوادث مأساوية، حيث لقي طفل مصرعه وأصيب آخرون بسبب انفجار ذخائر غير منفجرة. وفي ولاية النيل الأزرق، قُتلت ثلاث نساء نازحات في انفجار مماثل. وفي كادقلي، تسبب لغم أرضي جلبه طفل إلى المدرسة في وقوع إصابات.

وفي شهر كانون الثاني/يناير وحده، وردت تقارير عن وقوع 24 قتيلا وجريحا، بما في ذلك تفجير حافلة ركاب مدنية بلغم مضاد للدبابات في منطقة شندي، شمال السودان، مما أسفر عن مقتل 10 مدنيين كانوا على متنها.

ووصف السيد راشد الحادث بأنه مروع للغاية، مؤكدا أن “هذه المنطقة التي ورد منها تقرير الحادث لم تكن ملوثة قبل الحرب”.

وأعرب راشد عن قلقه بشأن احتمال تزايد هذه المخاطر في الفترة المقبلة: “إنه لأمر مقلق للغاية أن الذخائر غير المنفجرة، والتي يمكن أن ينفجر الكثير منها بأدنى لمسة أو حركة، ستكون موجودة في المنازل وفي الساحات، بعضها سيكون مرئيا وبعضها غير مرئي، وبعضها سيكون مختلطا بالأنقاض. الخوف من ذلك سيزداد مع عودة الناس والبدء في تنظيف منازلهم وتجهيزها للإقامة والعيش فيها. أعتقد أن الخطر كبير للغاية ومرتفع للغاية”.

حقيقة قاتلة
من الحقائق المثبتة جيدا، وفقا للسيد راشد “أنه عندما تحدث الصراعات وتستخدم الأسلحة الثقيلة، فإنها جميعا تقريبا تخلف وراءها ذخائر غير منفجرة خطيرة للغاية. فالذخائر والأسلحة المستخدمة حاليا ليست مصممة للمناطق المأهولة بالسكان. لذلك، تنتشر الذخائر غير المنفجرة بشكل عشوائي في المناطق السكنية وعلى الطرق وفي المستشفيات، وكل هذه البنية التحتية الحيوية”.

وأشار إلى بعض الإحصائيات بناء على مصادر مفتوحة، تفيد بأن إجمالي عدد الحوادث المرتبطة بالمعارك يُقدر بأكثر من 7,000 حدث قتالي منذ اندلاع الحرب.

ذخائر غير منفجرة في أحد أحياء العاصمة السودانية الخرطوم. Nezar Bogdawi

جهود أونماس للتوعية
وأكد راشد أن برنامج الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام (أونماس) يواصل عمله الدؤوب رغم الحرب، حيث يقوم بتوعية النازحين والسكان في المناطق المتضررة بمخاطر الذخائر غير المنفجرة عبر حملات مباشرة وغير مباشرة تشمل الرسائل الإذاعية والنصية ووسائل التواصل الاجتماعي. كما يتم تدريب العاملين في مجال الإغاثة على التعرف على المخاطر وتوعية المجتمعات المحلية.

وتابع قائلا: “على سبيل المثال، قمنا مؤخرا بتدريب أكثر من 200 عضو من غرف الطوارئ. كما تعلمون، هؤلاء هم العاملون في مجال الإغاثة في الخطوط الأمامية وهم موجودون بالفعل بالقرب من ساحات المعارك، وهم يساعدون الناس. لذلك قمنا برفع مستوى وعيهم، ونبذل قصارى جهدنا للتأكد من تمرير رسائل السلامة الأساسية للغاية إلى الناس”.

ومع ذلك، يواجه أونماس تحديات كبيرة تعيق جهوده تشمل نقص التمويل والقيود على الوصول إلى المناطق المتضررة والمعوقات الإدارية. وأشار راشد إلى أن البنية التحتية للإبلاغ عن الحوادث تضررت بشدة جراء الحرب، مما يجعل من الصعب الحصول على صورة كاملة عن حجم المشكلة.

وأضاف: “نحتاج إلى دعم السلطات الحكومية لتسهيل الأمور وجعلها أسهل لمنظمات الأعمال المتعلقة بالألغام”.

ذخائر غير منفجرة في أحد أحياء العاصمة السودانية الخرطوم.

رسائل عاجلة للأطراف والمجتمع الدولي
وفي ختام حديثه، وجه السيد صديق راشد رسالة عاجلة إلى الأطراف المتحاربة، مطالبا إياها بتجنب استخدام الأسلحة في المناطق المأهولة وتسجيل المناطق التي تشهد قتالا وتبادل هذه المعلومات مع برنامج الأعمال المتعلقة بالألغام لتسهيل عملية التطهير. كما ناشد المجتمع الدولي تقديم الدعم المالي والفني اللازم لجعل المناطق آمنة قبل عودة المدنيين.

وحذر المسؤول في برنامج أونماس من أن جهود التعافي المبكر وإعادة الإعمار ستواجه مخاطر كبيرة إذا لم يتم أخذ مشكلة الذخائر غير المنفجرة على محمل الجد ودمج جهود إزالة الألغام في خطط إعادة البناء. وأكد أن برنامج الأعمال المتعلقة بالألغام في السودان صغير نسبيا ولا يمكنه بمفرده تطهير جميع المناطق الملوثة، مما يستدعي تضافر الجهود وتكاملها مع العمل الإنساني وجهود التعافي المبكر.

واختتم صديق راشد حديثه بالقول: “هناك حاجة ماسة إلى دمج الأعمال المتعلقة بالألغام في كل من العمل الإنساني والتعافي المبكر وإعادة الإعمار”.

spot_imgspot_img