قيسان: التحول
في الوقت الذي تتصاعد فيه وتيرة المعارك بين طرفي النزاع بتساقط القنابل والمسيّرات على رؤوس المدنيين في دارفور وكردفان وبورتسودان، تساقطت ثمار المانجو، صباح اليوم السبت، في سوق محلية قيسان بولاية النيل الأزرق في حالة شبيهة لقصف مباغت على رؤوس المواطنين والباعة بفعل الرياح ما اجبر السلطات المحلية على إغلاق السوق.
ونشر مواطنون من داخل سوق مدينة قيسان مقاطع “فيديو” توضح تساقطت ثمار “المانجو” بكثافة على رؤوس الباعة والمتسوقين، وسط حالة من الدهشة والاستغراب لهذا الحدث النادر ، بينما تسبب تساقط المانجو في تحطم الأواني المنزلية “الزجاجية” المعروضة للبيع. كما أغلق الباعة محالهم التجارية تفادياً لوقوع خسائر، قبل أن تقوم السلطات بإغلاق السوق بالكامل حفاظاً على سلامة المواطنين.
وبدأ المتسوقون والباعة مع هطول الثمار الناضجة بكثافة من أشجار المانجو العملاقة على رؤوسهم، في التقاطها وتجميعها كل حسب حاجته مع تحاشي تعرضهم لإصابات من “قصف” مباغت، لكنه غير مؤذٍ، ما أشاع أجواء من البهجة والسرور مع جمال الطقس البارد.
وعلق أحد سكان المدينة “ضاحكا”: “لم نشهد من قبل تساقط الثلوج، لكننا اليوم شهدنا سقوط المانجو هكذا.. وبدون سابق إنذار!!”
موارد مهدرة وغياب التخطيط:
وتتميز ولاية النيل الازرق عن غيرها من الولايات الأخرى بكثافة الغطاء النباتي ومناخ السافنا الغنية الذي تمتد فيها فترة الخريف لأكثر من ثمانية أشهر. وتتمدد على كل مساحات الولاية أشجار غابية كثيفة مع تنوع الأشجار المثمرة.
ويُعتبر موسم المانجو في ولاية النيل الأزرق أحد أكثر المواسم الزراعية وفرة، لكن هذه الحادثة النادرة تسلط الضوء على غياب التخطيط في تصميم الأسواق القريبة من البساتين الكبيرة، وعدم وضع الاستراتيجيات بالاستثمار في توطين الصناعة في مناطق الانتاج وفتح أسواق خارجية بتعزيز الصادرات الصناعية.
رسالة للأطراف المتحاربة:
ولعل حادثة تساقط ثمار المانجو يمثل مشهداً نادراً في أزمنة الحرب ملئ بالدلالات ويحمل عدة رسائل للأطراف المتحاربة في هذا التوقيت، بالالتفات لوقف القتال وإنهاء الحرب وتحقيق السلام والاستفادة من ثروات وموارد البلاد في تحقيق التنمية والازدهار والرخاء والنهوض بحياة المواطن لمستوى الرفاهية.
كما تعيد هذه الحادثة إلى الأذهان صورة السودان الذي كان يمكن أن يكون سلة غذاء العالم، كما كان يتردد في بداية تسعينيات القرن المنصرم. لمايتميز به من أراضي زراعية خصبة ومساحات شاسعة لم يتم استغلالها بالشكل الأمثل.
