د. مجدي إسحق
كريستيان ستاد هذه المدينة الصغيرة في جنوب السويد التي لم اسمع بها من قبل ومازلت اتعثر في نطقها بعد اربع ليال في ربوعها لكني أجلس لأسطر حروفي عنها كمحطة في الذاكره نبعا للأمل وفيضا من المحبة والجمال محطةدخلت في القلب وسكنت في المسام ابتداء بمجتمع سوداني صغير يجعلك تفتخر وتحتفي بإنتمائك لهذا الشعب من قلوب صافية عامرة بالمودة وبيوتا مفتوحة مشرعة بالضبافة والكرم وعفوية وفرح بوجودك يجعلك تتمنى الا تفارقهم وانت ترتل في دواخلك ديل ناسي وأهلي وشعبي وأفتخر… ولكن ما دفعني للكتابة ليس هذا الإحتفاء والجمال والسحر السوداني الأصيل بل كان عمق التجربة وما تحمله من مبادرة تزرع الأمل والفرح بأن الوطن بخير والقادم أجمل بدأت هذه التجربة بمكالمة عبر الأسافير من غير سابق لقاء او معرفة سوى تقاطعات في الهم العام علموا منه اهتمامي في مجالات سايكولوجية الحب والزواج علم النفس السياسي.طلبوا مني بكل تهذيب وحماس أن أساعدهم في مشروع دعم العلاقات الاسرية والمجتمعية للجالية السودانية الصغيره في مدينتهم .طرحوا اهدافهم في محورين النظر للأسرة السودانية وكيفية نجاوز تأثير الغربة وبناء المشاعر الايجابية التي توفر الإستقرار والمحبة،المحور الثاني في كيفية بناء مجتمع سوداني يحترم التباين والاختلاف ويحارب التشظي والعمل كأسرة واحده تحافظ وتفتخر بهويتها.
مع هذه الاهداف التي هي مشروع حياتي لم استطع الا ان نقول سمعا وطاعا وشددنا لهم الرحال كانت الجلسة الأولى تحاورا عن مفهوم الاسره ودورها في الحفاظ على التوازن. نظرنا لمكوناتها من مشاعر الحب وما يقابل الزواج من منحنيات و طرق تجاوزهفي اليوم الثاني تلمسنا محور التمازج المجتمعي وكيفية المحافظة عليه وتطويره وأزمات التشظي والإنقسام و كيفية علاجها وتجاوزها لفد مرت الورشتين في سرعة لم نستطع ان نتلمس كل القضايا ولا وصولنا لحلول لكل العقبات لكن الرسالة التي وصلنا اليها جميعا أولا إن الأسرة المتوازنة والمجتمع السوداني المتمازج هو البلسم والترياق ليس فقط لكل معاناة الهجرة والاغتراب بل هو العلاج الناجع لقضايا الوطن والطريق لوطن السلم والاستقرار ثانيا ان القضايا الاسرية والمجتمعية تحتاج لمنهج علمي للتظر اليها والبحث عن العلاج وانها لا تنتهي بالتناسي بل ان تجاهلها والزمن قد يجعلها أكثر تعقيدا وصعوبة في الحل ثالثا ان واقع المرأة والرجل اليوم من تطور ومسئوليات وواقع مختلف يجعل من الضروري إعادة النظر في مفاهيم الحب والزواج بصورة علمية ومعرفة عوامل التطوير ومحاربة جراثيم الضعف والتدهور.
رابعا ان مجتمعاتنا السودانية تعاني حالات متعددة من التشظي والانقسام تتراوح أسبابها من الموروث والتشظي القبلي والتعالي العرقي مغ ضعف ثقافة العمل المؤسسي وفوق ذلك العوامل الذاتية السالبه عند بعض الأفراد.
هذه العوامل لن تزول بالتمني ولا بالتجاهل بل ان استمراريتها لا يفاقم الإنقسام خارج الوطن فقط بل يساهم في تعميق التشظي والعنف داخل الوطن خامسا ان التمازج المجتمعي وتوحيد منظمات المجتمع المدني يمكن تحقيقه اذا استعملنا مناهج علمية تساعدنا في تأسيس ثقافة ادب الاختلاف واحترام الاخر أعزائي إن الإحتفاء بهذه التجربة ليس إدعاء أو توهما بتحقيق نجاحات في هذه المحاور إنما هو إحتفاء بنقطتين اساسيات اولا قراءة الواقع بتحرد والاعتراف بأهمية التمازج الأسري والمجتمعي. ثانيا عدم القبول بهذا الواقع والبحث عن مدخل علمي لمعالجة هذه القضايا الاعزاء نعم أحتفي بهذا الإهتمام بقضايا التباين والاختلاف واتشرف ان اسعى في محاولات العلاج بمنهج علمي وموضوعي إحتفاء يطالبنا ان نكون جميعا مثل مجتمع كريستيان ساد الذي شمر عن ساعده لمعاجة همومه…يطالبنا ان ننظر لمجتمعاتنا في في داخل الوطن وخارجه وفي كل مدينة في الشتات سنجد هنالك المسكوت عنه من أزمات أسرية عاطفية وتربوية لا حدود لها .
مبادرة تذكرنا بضرورة النظر لواقع سوداني اتسم بالتشطي والصراع حيث في كل بقعة هنالك جالية منقسمة لثلاث جاليات ومنظمات اقليمية تحافظ على ارتباطها الاثني وترفض ماعداه ونقابات وتجمعات مهنية ينفر منها الأغلبية. ولانحتاج لكتير عناء أو ذكاء لنرى ان هذا التشظي هو الشرارة وقد كان وقود الحرب ودمار الوطن ولانحتاج ان نقول ان وطن السلم لن يتحقق اذا لم نقاوم ونعالج قضايا التباين والتنازع والصراع. أحبتي قام أبناء الوطن في كريستيان ستاد بأخذ زمام المبادرة في محاربة جراثيم التنازع والبحث عن مناهج علمية لترسيخ ثقافة الاختلاف ومحاربة التشظي وزرع المحبة…. فهل نسمع لهم ونلبي النداء؟ فلهم التحية والانحناءة والاحترام هي مبادرة صغيرة وجهد بسيط ولكنها بارقة أمل في معركة السلام والمحبة هي دعوة لنا جميعا داخل الوطن وفي الشتات للنظر في واقعنا وتحمل دورنا ومسئولينا في رتق الفتق ومنع التشظي وتوحيد الاجسام المتصارعه وحصار جراثيم التناحر…وهكذا سنبني الوطن الذي نحلم به… فلهم الفخر والتقدير والانحناءة…
وللوطن المحبة