spot_img

ذات صلة

جمع

اتحاد صحفي جنوب السودان يطالب بإطلاق سراح عادل فارس

جوبا: التحول أدان الاتحاد العام للصحفيين في جمهورية جنوب...

أضرار كبيرة نتيجة حريق نشب في سوق الأدهم الحدودي بين جنوب السودان والسودان

الرنك: التحول التهم حريق هائل السوق الشعبي في منطقة الأدهم...

وزير المالية يؤكد إهتمامه بتنفيذ الخطة الإسعافية لإنقاذ الموسم الشتوي بالولاية الشمالية

بورتسودان: التحولأكد د.جبريل إبراهيم وزير المالية والتخطيط الاقتصادي إهتمامه...

انقسام داخل أكبر تحالف رافض للحرب في البلاد

بورتسودان: التحول أعلنت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية في السودان "تقدم"،...

المديرة العامة لليونسكو تدين مقتل الصحفي علاء الدين علي محمد في السودان

مدني: التحولأدانت المديرة العامة لليونسكو، أودري أزولاي، مقتل الصحفي...

لا تركعوا لجيش وضع الدوااعش فوق رؤوسكم

رشا عوض

ان المتابع بامانة لمقالاتي يعلم انني منذ بداية الحرب نزعت عنها المشروعية الوطنية و السياسية والاخلاقية، ووصفتها بانها صراع سلطة ارعن وقذر بين طرفين عسكريين القاسم المشترك بينهما الاستخفاف بحياة السودانيين والافتقار للحدود الدنيا من المسؤولية تجاههم والرغبة الجامحة في قمعهم بالقوة، وقلت بالحرف الواحد ان انتصار اي طرف منهما انتصارا حاسما معناه تدشين استبداد ارعن، ولذلك لم اتمنى شيئا منذ اندلاع الحرب سوى توقفها واستيعاب طرفيها او بالاحرى اطرافها لحقيقة ان طريق السلطة في السودان يجب ان لا يمر بفوهات البنادق لان ذلك سيشعل الحروب المدمرة نظرا لتعدد الجيوش. ولخصت الحرب بانها اخر تجليات ” المرض المناعي” الذي اصاب النظام الاسلاموي فجعل المنظومة الامنية والعسكرية لهذا النظام تقاتل بعضها البعض بدلا من ان تحمي النظام.

قمة الغباء والعبط ان تأتي جحافل “بني عالف” و”بني معلوف” وتتحدث معي حديث الشماتة الساذجة عن ما يسمى “انتصارات الجيش” وكأنني قائد عسكري في الد.عم السريع!! او كأنني اراهن على بندقية الدعم السريع وانتظر منها خلاصا!

يصنعون الكذبة ويصدقونها ويتعاملون معها كحقيقة مطلقة!

ان كل من يتحدث عن انتصارات بشكل قاطع ونهائي قبل ان تضع الحرب اوزارها وتتوقف تماما فهو احمق!

خمسة عشرة شهرا والدعم السريع متقدم والجيش ينسحب ، وفي الخمسة اشهر الاخيرة ظل الجيش يتقدم والدعم السريع ينسحب، وفي هذه المطاردة اللعينة المستمرة حتى هذه اللحظة قتل عشرات الالاف وتشرد الملايين وتجرعوا الوانا واشكالا من المذلة والهوان وتدمرت البلاد ، نتمنى ان يدفع تقدم الجيش ميدانيا نحو المفاوضات لانهاء الحرب لا ان يدفعه للارتهان للدوااعش وتمكينهم من ذبح الثورة والثوار .

عندما كان الد.عم السريع يدخل الى اي ولاية جديدة منذ بداية الحرب كنت اقول ان الخبر اليقين من وجهة نظري هو استمرار القتل والتشريد والدمار للبلد ولم يسبق مطلقا ان احتفلت بشيء اسمه ” انتصارات الد.عم السريع” لان الانتصار من وجهة نظري هو تحقيق السلام، وهو انعتاق مصيرنا من سيطرة كل الفصائل العسكرية. وهو استيعابنا لاهم الدروس والعبر من هذه الحرب والعزم على بناء المستقبل على ضوء هذه الدروس.

المواطن العادي الذي افقدته هذه الحرب كل شيء وذاق بسببها مرارة فقدان الاحبة وفقدان الكرامة له دين مستحق في رقبة كل اطراف الحرب سواء من انتصر او من انهزم لانه دفع ثمنا باهظا من دمه وماله وعرضه وامانه وطمأنينته وكل تفاصيل حياته في حرب قذرة محورها صراع السلطة بين الكيزان المسيطرين على الجيش والد.عم السريع الذي تمرد على وضعية الشريك الاصغر واصبح طامعا في السلطة ، وهذا الصراع يعكس الفساد الكبير والخلل الهيكلي في كامل المنظومة العسكرية والامنية ، ذلك الخلل الذي جعلها تنحرف عن اداء واجبها وهو توفير الامن والحماية للمواطن وتنخرط في الصراع على السلطة بالسلاح الثقيل وسط الاحياء السكنية ضاربة عرض الحائط بأرواح المواطنين. وهذا الخلل هو السبب في ان الجيش والد. عم السريع في هذه الحرب تشاركا ذات الجرائم والانتهاكات ضد المدنيين ابتداء من السرقة و” الشفشفة” وصولا الى المجازر الجماعية للعزل ، وتفوق الجيش على الد.عم السريع بالممارسات الداعشية من جز الرؤوس وبقر البطون.

ولكن الآلة الاعلامية التضليلية تعكس الاية تماما وتدخل في روع المواطن انه مدين للجيش ومطالب بالركوع له لان الجيش طرد الد.عم السريع من مدينة او قرية او حي سكني!

مع العلم ان المنطق القويم يقول ان المواطن العائد الى بيته المسروق او المدمر، والى مدينته المحطمة التي تكسو شوارعها الانقاض والالغام والشظايا والجثث المتحللة، من حق هذا المواطن ان يسأل ويلح في السؤال: لماذا حدث لي كل ذلك؟ لماذا يقتلني السلاح الذي دفعت الدولة ثمنه خصما على لقمة عيشي وميزانية صحتي وتعليم ابنائي ونوعية الخدمات التي اتلقاها؟ من حقه ان يسأل ويلح في السؤال لماذا سلبتني المؤسسة العسكرية الامن والامان باقتتالها على السلطة داخل منزلي ومدرستي ومشفاي وصيدليتي؟ لماذا انسحب الجيش ولم يحمني بل استبسل فقط في حماية ثكناته لانها رأس ماله الذي يفاوض به على السلطة؟ لماذا يستفزني الجيش بان يأتيني بعد كل هذا الدمار وهذه المعاناة حاملا على ظهره كتائب الاسلاميين الارهابية ويطلق العنان للسفهاء يهددون ويتوعدون كل من قال لا للحرب بالسجن والتعذيب والقتل بعد ان نفذوا ذلك بالفعل في كل المناطق التي دخلوها؟ لماذا يؤكد لنا الجيش انه ما زال حصان طروادة الذي سيخرج لنا منه نظام الحركة الاسلامية اسما الاجرامية فعلا التي صنعت الجنجويد وشاركتهم اجرامهم ومكنتهم عسكريا واقتصاديا لحراسة حكمها وعندما تمردوا على هذا الدور اشعلت هذه الحرب على اجسادنا وفرضت علينا ان ندفع ثمن جرائمها في حق الدولة السودانية؟ وبعد هذا الحريق تريد هذه العصابة المأفونة بكل بجاحة وصفاقة ان تعتلي هي محاكم التفتيش الوطني والاخلاقي وتصدر احكام الاعدام المادي والمعنوي وتنفذها على كل معارض لمشروع عودة الاستبداد والفساد الكيزاني مجددا!! على كل من عارض هذه الحرب القذرة واعتزل فتنتها!

ماكينة التضليل وتزييف الوعي التي تزدري العقل والمنطق ستجيب بان السبب هو الجنجوييد، حسنا، هل الجنجويد هبطوا من السماء يوم ١٥ ابريل ٢٠٢٣ ؟

الم يكن نظام الكيزان الذي يقاتل من اجل العودة الى السلطة الان هو من انشأ قوات الد.عم السريع وقنن وجودها كجيش موازي وفي برلمانهم اجتهدوا في ان لا يتضمن قانون الد.عم السريع مادة تمنح وزير الدفاع الحق في تعيين قيادته!

الم يكن السبب في الحاجة للد.عم السريع هو الخلل الفني في الجيش الذي جعله في حاجة دائما لمليشيات تقاتل نيابة عنه ، وبالفعل خاض الد.عم السريع حرب الكيزان ضد الحركات المسلحة في دارفور التي كانت مهددا لسلطتهم وفشل الجيش في حسمها؟

والجيش الذي اعتمد على الجنجوييد في محاربة الحركات المسلحة في دارفور هو ذات الجيش الذي يعتمد الان في حربه مع قوات الد.عم السريع على مليشيات الحركة الاسلامية اسما الاجرامية فعلا كالبراء بن مالك والبرق الخاطف والبنيان المرصوص، وعلى حركتي مناوي وجبريل ، وحركة مالك عقار ، اي على الحركات التي كانت بالامس القريب متمردة وعميلة ومرتزقة وقادتها خونة محكوم عليهم بالاعدام!

الى متى يستمر هذا العبث بالوطن والمواطن؟

لقد جعل نظام الكيزان القوة العسكرية هي اساس الشرعية السياسية، وفي ذات الوقت نسف وحدة المؤسسة العسكرية بصناعة المليشيات وهذه وصفة نموذجية للحروب الاهلية! والجيش حتى خلال هذه الحرب ما زال يصنع في عشرات المليشيات شمالا وجنوبا وشرقا وغربا ، الامر الذي يؤكد ان هذه الحرب بكل ما شهدناه من قسوتها ووحشيتها لو توقفت اليوم يمكن ان تتكرر بكل بساطة وقريبا جدا !! ولن يمنع تكرارها انتصار هذا الطرف او ذاك، الذي يمنع تكرارها هو معالجة اسبابها الجذرية بحكمة وعدالة ومصداقية وعلى رأس هذه الاسباب فساد واختلال كامل المنظومة العسكرية والامنية في البلاد وتعدد الجيوش والمظالم التنموية وقد كان للنظام الاسلاموي المدحور نصيب الاسد في المسؤولية عن هذه الكوارث.

spot_imgspot_img