spot_img

ذات صلة

جمع

الأمم المتحدة: نساء السودان يتحملن وطأة أسوأ أزمة إنسانية في العالم

التحول: وكالات مع دخول الصراع في السودان عامه الثالث...

الآلاف مهددون بالموت في السودان إذا تعذر الوصول الإنساني وتوفير الموارد

تتلقى الأسر خدمات الصحة والتغذية من عيادة تدعمها منظمة...

محكمة العدل الدولية تعلن بدء المداولات في قضية السودان ضد الإمارات

لاهاي: التحول
أعلنت محكمة العدل الدولية في لاهاي، الخميس، بدء مداولاتها في القضية المرفوعة من السودان ضد الإمارات، والمتعلقة “بتطبيق اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها”.
جاء ذلك عقب اختتام الجلسات العلنية التي استمرت في قصر السلام (مقر المحكمة) في لاهاي بهولندا، الخميس، وقدم خلالها الطرفان مرافعاتهما وطلباتهما الرسمية، بحسب ما ذكرت المحكمة عبر موقعها الإلكتروني.
وطلب السودان من المحكمة “إصدار تدابير مؤقتة تُلزم الإمارات باتخاذ خطوات لمنع ارتكاب أي أفعال قد ترقى إلى جريمة الإبادة الجماعية ضد جماعة المساليت في إقليم دارفور، إضافة إلى الامتناع عن تقديم أي دعم أو تواطؤ مع جهات مسلحة غير نظامية”.
كما طلب السودان أن “تقدم الإمارات تقريرا إلى المحكمة بشأن جميع التدابير التي تم اتخاذها لتنفيذ هذا الأمر خلال شهر واحد من تاريخ صدور هذا الأمر، ثم كل ستة أشهر إلى أن تصدر المحكمة قرارها النهائي في القضية”.
ad
من جانبها، دعت الإمارات المحكمة إلى “رفض طلب السودان وشطب القضية من السجل”.
وأفادت المحكمة بأنها ستبدأ مداولاتها، وسيتم إعلان موعد الجلسة العلنية التي سيصدر فيها القرار في الوقت المناسب.
ويتهم السودان الإمارات بدعم قوات الدعم السريع المتحاربة مع الجيش السوداني، وتحملها مسؤوليات “عمليات القتل والتهجير القسري”، فيما تقول أبو ظبي إنها منذ بداية الحرب في 2023 “لم تقدم أسلحة لأي طرف في النزاع، بل حرصت على تقديم الدعم الإنساني للسودانيين”.
ad
وخلال جلسة الاستماع بمحكمة العدل الدولية بلاهاي، الخميس، في دعوى بلاده ضد الإمارات، قال وزير العدل معاوية عثمان إن “الدعم الرئيسي واللوجستي المستمر للإمارات لمليشيا الدعم السريع هو السبب في الابادة الجماعية ، بما في ذلك القتل والاغتصاب والتهجير القسري والنهب وتدمير الممتلكات العامة”، وفق ما نقلت وكالة أنباء السودان (سونا).
فيما أعربت الإمارات عن رفضها القاطع لما وصفتها “الادعاءات الباطلة التي أدلت بها القوات المسلحة السودانية ضمن جلسة استماع أمام محكمة العدل الدولية، اليوم الخميس في لاهاي”.
وقالت إن “القوات المسلحة السودانية فشلت بتقديم أي دليل ذي مصداقية لإثبات ادعاءاتهم، ما عكس كونها قضية ضعيفة لا تملك شرعية ولا أسسا قانونية، ولا تلبي أيا من معايير الإثبات القضائي”، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية (وام).
وذكرت “وام” أن أبو ظبي “قامت بالرد بشكل حاسم على هذه الادعاءات خلال الجلسة، وأوضحت أن الدعوى المقدمة أمام محكمة العدل الدولية لا تستند إلى أي أساس واقعي”.
ووُقعت اتفاقية “منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها” عام 1948، وهي أول معاهدة لحقوق الإنسان اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتشير إلى التزام المجتمع الدولي بألا تتكرر فظائع الإبادة.
ومنذ أبريل/ نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.

 أنور قرقاش: الدعوى التي رفعتها القوات المسلحة السودانية لا تعفيها من مسؤوليتها حيال الأزمة الكارثية
 أنور قرقاش: الدعوى التي رفعتها القوات المسلحة السودانية لا تعفيها من مسؤوليتها حيال الأزمة الكارثية

وزعم وزير العدل السوداني بالوكالة معاوية عثمان في مستهل جلسات المحكمة الخميس أن الدعم الذي قدمته الإمارات لقوات الدعم السريع والميليشيات الحليفة لها “يبقى المحرك الرئيسي لعمليات قتل واغتصاب وتهجير قسري ونهب.”

وطالب المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات أنور قرقاش، في مقال نشره موقع “سي إن إن”، بمسار جاد نحو السلام، قائلا “لا تزال القوات المسلحة السودانية تتهرّب من أيّ مساعٍ لإنهاء الحرب، وتواصل تصعيدها، لقناعاتها بإمكانية الحسم العسكري، دون اعتبار لحجم المعاناة الإنسانية التي تجاوزت كل الحدود، مع الاستمرار في محاولاتها تحميل الآخرين مسؤولية ما اقترفته.”

ويواصل الجيش السوداني حملته الممنهجة ضد دولة الإمارات بحجج مكررة وواهية، في مسعى لصرف الأنظار عن إخفاقاته الداخلية والتهرب من مسؤولياته تجاه الأحداث التي قادت إلى هذه الحرب العبثية، التي جاءت بقرار من الجيش والميليشيات الإخوانية المساندة له، وانقلابه على الحكم المدني، واختيار الحرب لحسم الخلاف مع الدعم السريع والرفض المتكرر لوقف إطلاق النار والحل السياسي.

وأكد أنور قرقاش أن الدعوى التي رفعتها القوات المسلحة السودانية إلى محكمة العدل لا تعفيها من مسؤوليتها حيال الأزمة الكارثية ومن المسؤوليات القانونية والأخلاقية الناجمة عن ممارساتها الإجرامية، حيث قامت هيئات دولية موثوقة، بما فيها الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان والوكالات الإخبارية المعروفة، بتوثيق جرائم الحرب المرتبطة بالجيش وشملت القتل الجماعي للمدنيين والهجمات العشوائية على المناطق المكتظة بالسكان والعنف الجنسي، وغير ذلك.

ا

وقال المحلل السياسي السوداني سليمان سري لـ”العرب” إن خطوة اللجوء إلى محكمة العدل مثلت مفاجأة سلبية للشعبين السوداني والإماراتي، وأثارت التساؤل عن توقيتها ودوافعها الحقيقية، لأن العلاقات بين الدول مبنية على المصالح المشتركة.

وأضاف أن طريق العدالة الدولية طويل وشائك ومعقد وقد يستغرق سنوات مع عدم وجود آليات تنفيذ مُلزمة، ما يعني أنه لا جدوى من وراء الخطوة، التي لا تهم الشعب السوداني، في وقت يحقق فيه الجيش انتصارات على عدة جبهات واستعاد الكثير من الأراضي، ما يجعل خطوة محكمة العدل أشبه بتحرك إعلامي شكلي.

واعتبر سري اللجوء إلى محكمة العدل هروبا من معالجة جذور الأزمة وتغذية رواية المؤامرة الخارجية، بدلاً من الوقوف أمام الذات ومواجهة الأخطاء البنيوية التي أوصلت السودان إلى هذه الحالة الكارثية، لأن طرفي الحرب لا يحترمان معايير القانون الدولي الإنساني وقواعد الاشتباك لكونها تدور في أوساط مدنيين.

ويقول متابعون إن الحكومة السودانية استندت إلى قضية واهية لدعم اتهامات رددتها من قبل بغرض تبرير هزائم عسكرية لحقت بقواتها في الأشهر الأولى للحرب، لكن تفوق الجيش مؤخرا واسترداده الخرطوم يدحضان هذه الاتهامات تلقائيا.

سليمان سري: اللجوء إلى محكمة العدل هروب من معالجة جذور الأزمة وتغذية رواية المؤامرة الخارجية
سليمان سري: اللجوء إلى محكمة العدل هروب من معالجة جذور الأزمة وتغذية رواية المؤامرة الخارجية

ويشير خبراء قانونيون إلى أن قضية السودان سوف تتعثر بسبب مسائل الاختصاص القضائي، وعندما وقّعت دولة الإمارات اتفاقية الأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية، أدخلت تحفظا على بند رئيسي يُمكّن الدول من ملاحقة إحداها الأخرى أمام محكمة العدل الدولية بشأن نزاعات.

وكتب خبير القانون الدولي من كلية ترينيتي في دبلن مايكل بيكر، في مقال نُشر أخيرا على موقع “أوبينيو جوريس”، بما أن الإمارات العربية المتحدة أبدت تحفظا على المادة التاسعة عند انضمامها في 2005 إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية “يحتمل أن تخلص محكمة العدل إلى عدم اختصاصها في النظر في هذا النزاع.”

وشدد سليمان سري في حديثه لـ”العرب” على أن السودان يمر بمنعطف خطير يتمثل في وجود شبح التقسيم الذي يلوح في الأفق، والأولوية لوقف معاناة الشعب وحماية المدنيين بصورة عاجلة، وأن العودة إلى التفاوض عبر منبر جدة يجب أن تكون من الأولويات للوصول إلى اتفاق ينهي الحرب ويفضي إلى الدخول في عملية سياسية تقود إلى انتقال سلمي ديمقراطي.

وذكر سري أن اللجوء إلى محكمة العدل الدولية يأتي في وقت تستمر فيه الاستثمارات الإماراتية داخل السودان، ما يؤكد أن الشراكات الاقتصادية قائمة ولم يتم تجفيفها، ودولة الإمارات لم تتخذ خطوات تصعيدية تجاه وقف التعاون الاقتصادي.

وبلغت قيمة المساعدات الإنسانية الإماراتية المقدمة للشعب السوداني منذ بدء الأزمة الراهنة 600.4 مليون دولار، بما في ذلك 200 مليون دولار تعهّدت بها الإمارات في المؤتمر الإنساني رفيع المستوى من أجل الشعب السوداني، وعقد في أديس أبابا في فبراير الماضي، ليصل بذلك مجموع ما قدمته الإمارات من مساعدات إنسانية للسودان خلال السنوات العشر الماضية إلى 3.5 مليار دولار.

وقدمت الإمارات 30 مليون دولار دعما للاجئين في الدول المجاورة للسودان، وأعلنت عن تقديم 10.25 مليون دولار للأمم المتحدة لدعم اللاجئات السودانيات المتضررات من الأزمة المستمرة في السودان.

spot_imgspot_img