spot_img

ذات صلة

جمع

د.عبد الله علي ابراهيم ورقصة التانغو!

رشا عوض يا دكتور عبد الله علي ابراهيم ، هذه...

السودان يتهدده التفكك والتفتت

د. الشفيع خضر سعيد بتاريخ 14 مايو/أيار 2025، وبالتعاون مع...

بين رؤيا الشيخ الحكيم ودعاوي (الجاهلية)

 أحمد الملك مجرد اعلان الرؤيا حتى وان كانت لم تحدث...

كوزنوسترا السودان: نهاية وهم، وبداية وطن

دكتور الوليد آدم مادب “الطغيان لا يقوم إلا على أعمدة...

دُعاة الحرب على السفود: محاكمة على الهواء..!

مرتضى الغالي جرت أمس وعلى قناة الجزيرة (للمفارقة..!) أكبر محاكمة...

‏مستقبل السودان ليس التقسيم يل المزيد من الحرب

مقال راي لماي حسن وأحمد كدودة في مجلة فورين افيرز الاميركية

ماي حسن أستاذة مشاركة في العلوم السياسية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ومديرة هيئة التدريس لبرنامج MIT-Africa.
أحمد كدودة خبير في السياسات الإنسانية والعمليات، متخصص في النزاعات والحكم والتنمية في الدول الهشة.

بعد عامين من القتال المدمر، وصلت الحرب الأهلية في السودان إلى حالة من الجمود غير المستقر.

فقد حققت القوات المسلحة السودانية والميليشيات المتحالفة معها منذ بداية عام 2025، مكاسب كبيرة ضد قوات الدعم السريع – الميليشيا القوية المتهمة بارتكاب جرائم إبادة جماعية – في ظل تنافس الطرفين للسيطرة على البلاد، وقد استعادت القوات المسلحة وبحلول أواخر مارس، العاصمة الخرطوم، واستعادت القصر الرئاسي وأعادت معظم المدينة إلى سيطرتها بعد طرد مقاتلي الدعم السريع.

ولكن بالرغم مما تقدم، من غير المرجح أن تتمكن القوات المسلحة من هزيمة الدعم السريع بشكل كامل؛ إذ لا تزال هذه الميليشيا تحتفظ بسيطرة قوية على نحو ربع أراضي البلاد، لا سيما في الغرب، وتبدو قوات الدعم السريع عاجزة عن استعادة المناطق التي خسرتها في الأجزاء الشرقية والشمالية والوسطى من البلاد، وقد باتت تركز جهودها على تعزيز قبضتها على إقليم دارفور الشاسع.

لقد بدأت وتيرة القتال بين الطرفين بالتراجع في الأسابيع الأخيرة، إلا أنها عادت لتشتد في الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، التي تمثل آخر معقل للقوات المسلحة في غرب السودان.

وبما أن خطوط المواجهة تبدو مستقرة إلى حد كبير، فإن السوابق التاريخية تشير إلى أن هذا هو الوقت المثالي لوقف إطلاق النار أو حتى بدء مفاوضات سلام، ففي العديد من النزاعات الأفريقية السابقة، دفع الجمود الميداني الأطراف الدولية إلى الضغط من أجل التفاوض، كما حدث في عام 2005 عندما أنهت محادثات برعاية أميركية الحرب الأهلية السودانية الثانية بعد أكثر من عقدين من القتال بين متمردي الجنوب والحكومة في الخرطوم، بل قد يبدو أن التقسيم الرسمي، على غرار انفصال جنوب السودان في عام 2011، هو الخيار الأقل سوءًا، فالشعب السوداني بأمس الحاجة إلى هدنة؛ بعد ان أدى هذا النزاع الأخير إلى دمار هائل في البلاد، أسفر عن مقتل ما يصل إلى 150 ألف شخص، وتشريد نحو 13 مليونًا، ووقوع ما يصل إلى 25 مليونًا تحت خطر انعدام الأمن الغذائي أو المجاعة.

لكن في حالة الحرب الأهلية الحالية في السودان، فإن أي أمل بأن تسفر المفاوضات – إن بدأت – عن سلام دائم، هو أمل واهم، فقد عمّق الصراع الانقسامات العرقية والمناطقية القائمة أصلًا؛ كما أن الفظائع التي ارتكبتها قوات الدعم السريع، على وجه الخصوص، جعلت من الصعب قبول فكرة التفاوض بالنسبة لكثير من داعمي القوات المسلحة.

كما ان هناك مجموعة واسعة من الجهات، من بينها دول أجنبية قوية، تمتلك مصلحة في بقاء الفصائل التي تدعمها في موقع النفوذ، ما يجعل من الصعب التوصل إلى تسوية سلمية تفضي إلى حكومة موحدة.

غير أن التاريخ يشير بوضوح إلى أن أي نوع من التقسيم الإقليمي لن يحقق الاستقرار كذلك، فلم يُسهم انفصال جنوب السودان في إخماد النزاع في المنطقة؛ بل أدى إلى انتقال القتال إلى داخل الدولة الجديدة، حيث انقسمت الجماعة المتمردة التي كانت تقاتل الخرطوم وبدأت فصائلها تتقاتل فيما بينها.

وإذا ما استمرت الأطراف المتحاربة في رفض وقف إطلاق النار أو الدخول في مفاوضات سلام، فإن ذلك قد يؤدي إلى وضع مشابه لما جرى في ليبيا واليمن: انقسام فعلي يجعل السودان موحدًا بالاسم فقط، وستبرز مراكز قوى متنافسة في مناطق مختلفة من البلاد، وستستمر الجماعات المتقاتلة حاليًا، إلى جانب أخرى جديدة قد تظهر، في خوض المعارك.

انقسامات طويلة الأمد
الحرب الأهلية الحالية في السودان بعيدة كل البعد عن كونها صراعًا بسيطًا بين طرفين، فقد بدأت كصراع بين فصيلين داخل الجهاز الأمني في البلاد: القوات المسلحة السودانية بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، المعروف أيضًا باسم “حميدتي”.

تحالف البرهان وحميدتي لإسقاط الحكومة الانتقالية المدنية التي نشأت بعد الإطاحة بالدكتاتور السوداني عمر البشير في عام 2019، لكنهما انقلبا على بعضهما في أبريل 2023.

تحوّل هذا الانقسام الذي استمر مدى عامين، إلى حرب شاملة ضمت عددًا كبيرًا من الجماعات السودانية وجهات خارجية غنية بالموارد مثل مصر، وإيران، وروسيا، والسعودية، وتركيا، والإمارات، وقد ظهرت ميليشيات جديدة انضمت إلى كل طرف، كما أعلنت جماعات مسلحة قديمة اصطفافها إما مع القوات المسلحة أو مع الدعم السريع.

من بين هذه الجماعات القديمة ميليشيات قبلية وإقليمية كبرى، مثل “جيش تحرير السودان” و”حركة العدل والمساواة”، وكلاهما يتمركز في دارفور ومتحد مع القوات المسلحة، وكذلك “الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال”، وهي جماعة متمردة قديمة تحالفت مع الدعم السريع.

ولا تدّعي أي من القوات المسلحة أو الدعم السريع أنها تخوض الحرب لأسباب أيديولوجية، فعلى الرغم من أن قيادة القوات المسلحة تصف صراعها بأنه معركة غير طائفية من أجل بقاء الدولة السودانية، إلا أن الإسلاميين يهيمنون على السلك العسكري الأعلى فيها منذ نحو أربعة عقود، وبعد أن سلّح نظام البشير ميليشيات الجنجويد لمواجهة تمردات الجماعات غير العربية في دارفور، قام في عام 2013 بتنظيمها رسميًا تحت اسم “قوات الدعم السريع”.

الميليشيات التي تشكل الدعم السريع متهمة بشكل موثوق بارتكاب جرائم إبادة جماعية، إلا أن هذه القوات تتبنى اليوم الخطاب ذاته الذي كانت ترفعه الحركات المتمردة العرقية التي أُنشئت في الأصل للقضاء عليها.

في الواقع، فإن أحد أهم الدوافع وراء الحرب الحالية هو الثروات المعدنية والزراعية الهائلة التي يمتلكها السودان، فالبلاد تحتوي على احتياطيات ضخمة من الذهب، ولديها ثاني أكبر مساحة من الأراضي الصالحة للزراعة في أفريقيا، وتتنافس المصالح المحلية والخارجية على السيطرة على هذه الموارد.

كما اصطفّت فصائل أصغر خلف أحد الطرفين لخوض صراعات سلطة محلية أو لتحقيق مكاسب شخصية: فقد انحاز جبريل إبراهيم، زعيم حركة العدل والمساواة، على سبيل المثال إلى صف القوات المسلحة للحفاظ على موقعه المربح كوزير للمالية في السودان.

قد يوحي أن كون الحرب مدفوعة بمصالح مادية وليست أيديولوجية بوجود احتمال واقعي للتوصل إلى تسوية تفاوضية، حتى وإن كان تحقيق ذلك معقدًا.

وتقول احدى النظريات، إذا حصل كل فصيل مهم على ما يريده من موارد طبيعية أو مناصب وزارية، فقد يتوقف القتال.

كما قد يؤدي الجمود العسكري أيضًا إلى دفع الأطراف المتحاربة إلى طاولة المفاوضات حيث تمتلك القوات المسلحة عددًا أكبر من الجنود وتفوقًا في القوة الجوية، إلا أن قوات الدعم السريع متمرّسة في تكتيكات التمرد ولديها ميزة واضحة في القتال داخل المدن، كما يتضح من قدرتها على السيطرة على الخرطوم ومدن كبرى أخرى لمدة عامين.

وقد جرت جولات عدة من المحادثات، بما في ذلك مفاوضات رسمية بوساطة السعودية والولايات المتحدة، ومحادثات سرية بوساطة مصر والإمارات، لكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل.

من الخارج إلى الداخل
لقد فشلت هذه الجهود لحل النزاع السوداني لأنها أساءت فهم ديناميكياته، فعلى الرغم من أن أياً من الطرفين لا يستطيع القضاء على الآخر، فإن كلًا من القوات المسلحة والدعم السريع نجح في تحقيق مكاسب إقليمية والاحتفاظ بها في مناطق يعتبرها أنصاره المحليون والدوليون ذات أهمية قصوى.

ولا يزال العديد من الأطراف الفاعلة في هذه الحرب غير مستعدين للدخول في تسوية قد تُنهي التدفق المستمر للأرباح التي تدرّها آلة الحرب الخاصة بهم.

لقد سعى الطرفان في بداية الحرب، إلى دعم خارجي لتمويل جهودهما الحربية، وقد حافظت الإمارات على العلاقة التي بنتها مع قوات الدعم السريع بين عامي 2015 و2019، عندما استعانت بها كمقاتلين مرتزقة في اليمن.

وأرسلت أبو ظبي – من أجل تأمين ممر تصدير للسلع السودانية – شحنات جوية مليئة بالأسلحة القوية والطائرات المسيّرة والمركبات المدرعة إلى الدعم السريع عبر حليفتها (وجارة السودان الغربية)، تشاد.

في المقابل، تسعى مصر إلى وجود حليف متعاطف معها في الخرطوم لضمان نفوذها على نهر النيل في ظل محاولات إثيوبيا بسط سيطرتها على هذا المجرى المائي الحيوي، ولهذا الغرض، قدمت القاهرة مساعدات عسكرية للقوات المسلحة، ويُعتقد أنها نفّذت ضربات جوية ضد قوات الدعم السريع.

كما تعتمد مصر أيضًا على الموارد السودانية – التي يُهرّب الكثير منها – لدعم اقتصادها المتعثر.

دعم خارجي متباين
لقد دعمت دول أخرى كلٌّ من الطرفين المتحاربين أيضًا، فعلى الرغم من أن السعودية قد قدمت نفسها علنًا كوسيط سلام، فإنها انحازت ضمنيًا إلى جانب القوات المسلحة السودانية خلال جولات التفاوض السابقة، جزئيًا بسبب تنافسها الإقليمي مع دولة الإمارات.

كما سعت القوات المسلحة إلى كسب دعم روسيا، التي تسعى إلى إنشاء قاعدة عسكرية على البحر الأحمر، وقد حصلت مؤخرًا على طائرات مسيّرة من إيران وتركيا، وهما طرفان يسعيان أيضًا إلى تعزيز نفوذهما في الممرات البحرية المجاورة.

بالنسبة لهؤلاء الشركاء الدوليين، فإن الجمود غير الرسمي لا يختلف كثيرًا عن السلام المتفاوض عليه، فطالما بقيت مناطق السيطرة لكل تحالف على حالها إلى حد كبير، يمكن استمرار الأنشطة الاقتصادية المهمة لتلك الجهات الراعية دون عناء الدخول في تسوية سياسية معقدة، ويمكن للداعمين الأجانب الحفاظ على خطوط الإمداد المربحة من دون الأعباء المرتبطة بالتعامل مع دولة شرعية (مثل اللوائح الجمركية والضرائب) أو مواجهة احتجاجات شعبية ضد استغلال الموارد الذي لا يفيد سوى نخبة ضيقة.

روابط ضعيفة
ربما تكمن أكبر العقبات أمام تحقيق سلام تفاوضي في السودان في الداخل نفسه، فكل تحالف واسع في الصراع الحالي هش للغاية، ومعرّض للصراعات والانشقاقات، ونظرًا إلى أن القوات المسلحة والدعم السريع لا تستندان إلى هوية عرقية أو طائفية صارمة، ولا تتبنيان خطابًا أيديولوجيًا معلنًا، فلا يوجد ما يضمن ولاء الميليشيات الأصغر سوى الموارد التي تحصل عليها في الوقت الراهن.

لقد شهدت الحرب بالفعل انشقاقات بارزة، مثل انشقاق أبو عقلة كيكل وقوات “درع السودان” التابعة له، فقد كان كيكل متحالفًا في البداية مع القوات المسلحة، ثم انشق إلى صفوف الدعم السريع منتصف عام 2023، ولعب دورًا حاسمًا في استيلاء الميليشيا على ولاية الجزيرة، في قلب السودان الخصيب، لكن حين استعادت القوات المسلحة السيطرة على المنطقة في أواخر عام 2024، عاد كيكل وانقلب مجددًا إلى صفها.

كما يتحدى هذا الصراع الروايات المبسطة التي تصوّر الحروب السودانية كصراعات بين “عرب” و”أفارقة”، إذ تجاوز هذا النزاع الروابط العرقية، ما أضعف تماسك كل تحالف.

ففي أكتوبر 2024 ومع استعادة القوات المسلحة لولاية الجزيرة، هاجمت بعض وحداتها وميليشياتها الموالية جماعات غير عربية، وردًا على ذلك، وبدافع حماية المكونات غير العربية الأخرى، اشتبكت قوات جيش تحرير السودان وحركة العدل والمساواة مع ميليشيات عربية موالية للقوات المسلحة، رغم أن هاتين الجماعتين حليفتان رسميًا لها.

وبقدر ما يستمر تغير السيطرة على الأراضي بين الأطراف في الهوامش، فإن ذلك قد يدفع إلى مزيد من الانشقاقات، ويُوحي انسحاب الدعم السريع مؤخرًا من وسط السودان بأن الميليشيا قد تكون مستعدة للتخلي عن تلك المنطقة للتركيز على تعزيز قبضتها على دارفور.

وسيترك هذا القرار الجماعتين الدارفوريتين الرئيسيتين المتحالفتين مع القوات المسلحة — جيش تحرير السودان وحركة العدل والمساواة — من دون أراضٍ تحت سيطرتهما، ما قد يجعل خيار الانشقاق عن الجيش مغريًا لهما.

إن هذه الديناميكيات المعقدة تُصعّب من جهود التفاوض، لأن ما يمكن لكل طرف أن يقدّمه فعليًا غالبًا ما يكون غير واضح.

وحتى لو أمكن التوصل إلى هدنة قصيرة الأمد، فإن التعدد الكبير في الجماعات العرقية والمخيمات الأيديولوجية المتحالفة مع كل جانب يعني أن استعادة التماسك الاجتماعي ستكون أكثر صعوبة.

لقد كانت شبكة المصالح في السودان معقدة حتى قبل اندلاع الحرب الأهلية، وقد أصبحت الانقسامات بعد عامين من القتال، أكثر تجذرًا، وتحولت إلى خطوط صدع عاطفية.

سباق المصالح
لقد بدأت فعليًا عملية تقسيم السودان بحكم الأمر الواقع.

تُظهر خريطة السيطرة على الأرض اليوم بلدًا منقسمًا: فالغرب — باستثناء مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور — يقع إلى حد كبير تحت قبضة قوات الدعم السريع، بينما تسيطر القوات المسلحة السودانية على الشرق والشمال ووسط البلاد.

وقّعت قوات الدعم السريع وشركاؤها في نيروبي في فبراير، اتفاقًا دستوريًا انتقاليًا يمهد الطريق لإعلان حكومة موازية على مساحات واسعة من الأراضي التي يسيطرون عليها.

ورغم أن الانقسام قد يبدو مخرجًا جذابًا ظاهريًا، إلا أنه من غير المرجّح إطلاقًا أن يؤدي إلى سلام دائم، فكلا التحالفين — تحالف القوات المسلحة وتحالف الدعم السريع — هشّ للغاية: إذ يضم التحالف الجديد للدعم السريع أطرافًا غير متجانسة، مثل الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال ذات التوجه العلماني الصارم، إلى جانب فصائل منشقة من طرق صوفية تعتبر العلمانية من المحرمات السياسية.

أما تحالف القوات المسلحة، فيشمل جماعات مسلحة علمانية وميليشيات إسلامية متحالفة مع جماعة الإخوان المسلمين، رغم أن أبرز داعميه الإقليميين — مصر والسعودية — يعادون الإخوان بشدة.

كما ان أي كيانات جديدة ناشئة لن تتبع حدودًا عرقية متصلة، ما يجعل حُكم هذه المناطق المتنوعة مهمة بالغة التعقيد في ظل ضعف مؤسسات الدولة السودانية أو غيابها، خصوصًا في المناطق المهمشة تاريخيًا التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، وإذا استمر التقسيم، فإن الكيانين الوليدين — وأحدهما غير ساحلي — سيكونان أقل قابلية للبقاء اقتصاديًا من حال بقائهما ضمن دولة موحدة.

بالإضافة إلى ذلك، بدأت القوات المسلحة والدعم السريع بالابتعاد عن المعارك البرية، وتركّزان بدلًا من ذلك على زعزعة استقرار مناطق الخصم عبر الضربات الجوية أو المسيّرة، ما يجعل البلاد ككل تزداد صعوبة في الحكم.

ومن المفارقات أن درجة التشظي العالية التي تجعل تشكيل حكومة موحدة أمرًا بالغ الصعوبة، هي نفسها ما يجعل أي حل يقضي بتقسيم البلاد إلى عدة حكومات غير مستقر.

ففي الوقت الراهن، يجد كلا التحالفين صعوبة في تحديد منطقة جغرافية متصلة يرضيان بالاحتفاظ بها، وأخرى مستعدان للتخلي عنها، وبالنظر إلى كثرة الاتهامات بارتكاب جرائم حرب من كلا الطرفين، فلا أحد منهما يملك تفويضًا صلبًا أو شرعية حقيقية لحكم الأراضي الواقعة تحت سيطرته.

من المرجّح أن تظل التحالفات في حالة تبدل، والانشقاقات مستمرة، وتشكُّل جماعات جديدة أمرًا دائمًا لان هذا الصراع مدفوع إلى حد كبير بصراع على النفوذ الإقليمي والموارد، وليس برؤية سياسية شاملة لمستقبل البلاد.

وللأسف، فإن أكثر السيناريوهات ترجيحًا لمستقبل السودان ليس السلام ولا التقسيم، بل المزيد من الحرب.

spot_imgspot_img