spot_img

ذات صلة

جمع

“لن تتضرروا”.. إثيوبيا تدعو مصر والسودان للحوار حول سد النهضة

أديس أبابا: التحولدعا رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في...

اتفاقية سلام جوبا: التمادي في بذل العهود المستحيلة (6-7)

عبد الله علي إبراهيم لم تخرج اتفاقية جوبا كغيرها من...

رئيس جنوب السودان يقيل حاكم ولاية أعالي النيل بعد اشتباكات

جوبا: التحول أقال رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت، حاكم...

بدء إجراءات محاكمة (950) متهماً من المتعاونين مع قوات الدعم السريع بمدني

مدني: التحول بدأت اليوم بمحكمة جنايات مدني إجراءات محاكمة...

على طريق الانعتاق من الهيمنة المصرية (15 – 20)

"لنْ يستطيعَ أحدٌ أنْ يركبَ على ظهرِك، ما لمْ...

معتقلات الجيش السوداني: تفاصيل مروعة من داخل زنازين الموت

التحول: متابعات

شهد السودان انتهاكات مروعة لحقوق الإنسان ارتكبها طرفا الحرب، الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في سياق صراع دموي كان الضرر الأكبر فيه على المدنيين العزل، مما أدى إلى خسائر جسيمة في الأرواح والممتلكات. وقد تناولت تقارير عديدة هذه الانتهاكات، إلا أن معظمها—إن لم يكن جميعها—ركز على الجرائم التي ارتكبتها قوات الدعم السريع، وهي بالفعل انتهاكات خطيرة تستحق التوثيق والإدانة. غير أن هذا التركيز الأحادي أدى إلى إغفال الجرائم والانتهاكات الجسيمة التي ارتكبها الجيش السوداني والميليشيات المتحالفة معه، مما منحها نوعًا من الحصانة الضمنية وشجعها على مواصلة ارتكاب المزيد من الفظائع دون خوف من المحاسبة.

وقد بلغ هذا التغاضي ذروته في المجازر والانتهاكات التي تعرض لها سكان الكنابي في ولاية الجزيرة، حيث استخدم الجيش وحلفاؤه العنف المفرط، بما في ذلك القتل والحرق والتهجير القسري. كما أدى التغاضي عن جرائم الجيش إلى حالة بين أفراده والميليشيات الإسلامية والقبلية المتحالفة معه تشبه ضمان الإفلات من العقاب، مما تسبب في تصاعد العنف ضد المدنيين، وزيادة عمليات الاعتقال العشوائي في سجون رسمية ومعتقلات سرية تشبه بيوت الأشباح، وانتشار أعمال القتل، والنهب والسلب المنظم، ضمن حملة ترهيب ممنهجة لا تزال مستمرة حتى لحظة إعداد هذا التقرير.

في هذا التقرير، نسلط الضوء على هذه الجرائم المسكوت عنها، ونسعى إلى كشف التجاوزات والانتهاكات التي ارتكبها الجيش السوداني والميليشيات المتحالفة معه، بهدف توثيق الحقيقة وإبراز معاناة الضحايا الذين غُيبت أصواتهم وسط السرد المنحاز. كما سنستعرض الانتهاكات في العاصمة الخرطوم بمدنها الثلاث (الخرطوم، بحري، وأم درمان)، بالإضافة إلى مدينة ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة.

معتقلات سرية
بحسب شهادات مواطنين من أم درمان، من بينهم ثلاثة معتقلين سابقين، توجد العديد من المعتقلات السرية في العاصمة الخرطوم، جميعها في أم درمان. وهي عبارة عن شقق في بنايات، وبيوت منفصلة تخص مواطنين فرّوا منها بعد الحرب، بالإضافة إلى بعض المستشفيات، والمدارس، ورياض الأطفال المغلقة. هذه المعتقلات عديدة إلى حد يصعب إحصاؤها، وهي منتشرة في منطقة ممتدة من كرري مرورًا بحارات الثورات وحتى مدينة النيل.

وتتوزع هذه المعتقلات بين جهات مختلفة؛ فبعضها تحت إشراف جهاز الأمن الرسمي، وأخرى تتبع لأمن التنظيم الإسلامي (الإسلاميين)، بينما يقع بعضها تحت سيطرة ما يُعرف بقوات العمل الخاص، وهي مجموعة مختلطة من عناصر رسمية وأفراد ميليشيات، جميعهم ينتمون إلى التنظيم الإسلامي. كما توجد معتقلات خاصة بميليشيا “كتيبة البراء بن مالك”، التي تتمركز معظم معتقلاتها في مدينة النيل.

جميع هذه المعتقلات مخصصة للمدنيين، أما من يتم اتهامهم بالعمل أو التعاون مع قوات الدعم السريع، فيتم إما تصفيتهم فورًا، أو إرسالهم إلى مراكز خاصة بالاستخبارات العسكرية.

في هذه المعتقلات السرية، تمارس جميع أشكال التعذيب البدني والنفسي، وسط انعدام شبه كامل للغذاء والرعاية الصحية.

يقول أحد المعتقلين، ممن تم الإفراج عنهم بعد احتجازه لمدة خمسة أسابيع في معتقل بمنطقة كرري، إن صلته بأحد ضباط الجيش ساعدت في إطلاق سراحه. يروي شهادته قائلًا:

“التعذيب داخل هذا المعتقل كان بجميع أشكاله. تم اعتقالي بوشاية بعد معارضتي للحرب، ومكثت هناك خمسة أسابيع شهدت خلالها ما لا يمكن لعقل أن يتخيله. كنا حوالي 35 معتقلًا داخل غرفة ضيقة، بلا طعام أو ماء، حيث كان يُقدَّم لنا رغيف خبز واحد وكوب ماء يوميًا. في المساء، كانوا يخرجوننا لحفلات التعذيب، وعندما تتم إعادتنا، يكون عددنا قد نقص. بعض المعتقلين كانوا يموتون تحت التعذيب، بينما تتم تصفية آخرين بإطلاق النار عليهم، وغالبًا ما يكون هؤلاء من أصول تنحدر من غرب السودان، فيُقتلون على الفور.”

بالفعل تأكدنا من مقتل المعتقل سليم الصادق وأخيه ماجد الصادق لا لأي سبب سوى لأن أهلهما من عرب دارفور.

معتقل جبل سركاب
يقع معتقل جبل سركاب داخل القاعدة العسكرية شمال مدينة أم درمان، بعد قاعدة وادي سيدنا الجوية التابعة للجيش. يُدار المعتقل من قبل استخبارات الجيش بالتعاون مع جهاز الأمن.

يُعد المعتقل ضخمًا، إذ يضم خمسة أقسام، أربعة منها مخصصة للمعتقلين المدنيين، بينما يُخصص القسم الخامس لعناصر قوات الدعم السريع أو من يُتهمون بالتعاون معهم. ووفقًا لأحد المصادر العسكرية الموثوقة، قد يكون هذا القسم الآن خاليًا من المعتقلين، حيث تُنفَّذ فيه إعدامات يومية، وصلت في بعض الأحيان إلى 50 عملية إعدام في اليوم الواحد.

تتطابق هذه الشهادة مع إفادة مكتوبة لرحاب مبارك، وهي عضوة في المكتب التنفيذي لمنظمة “محامو الطوارئ” والشبكة السودانية لحقوق الإنسان. وبحسب شهادات معتقلين سابقين، ذكرت رحاب:

“يوميًا، يتم دفن ما بين 7 إلى 8 أشخاص في المتوسط، بينما كان أقل عدد من القتلى خلال اليوم 4، وأعلى رقم وصل إلى 30 جثمانًا جرى دفنها في يوم واحد.”

وأكدت شهادات الناجين أن أكثر من 1500 شخص قُتلوا داخل المعتقل بسبب التعذيب، ونقص الرعاية الصحية، والجوع، مشيرين إلى أن أغلب الجثامين التي دُفنت كانت متحللة.

معتقل البرج
يقع المعتقل ضمن عمارات “الأبراج” في مدينة أم درمان، تحديدًا عند تقاطع شارع الوادي مع شارع الأبراج، المعروف أيضًا بـ”استوب الأبراج”. يُعرف هذا المعتقل بأنه أحد أكثر المعتقلات وحشية، ويديره عناصر من جهاز الأمن، وكتيبة البراء بن مالك، وقوات العمل الخاص.

يضم المعتقل عدة شقق في بناية البرج الشمالي، حيث تُخصص إحداها كمكاتب للاستجواب والتحقيق، بينما تُستخدم شقة أخرى في نفس البناية للتعذيب.

قال لنا مصدر كان يقيم بالقرب من المعتقل، وكانت تربطه علاقة بأحد أفراد الأمن العاملين هناك، إن عمليات تصفية جسدية تتم داخله، مضيفًا أنه كان يرى عربة “بوكس” تصل دائمًا قبل المغرب وتغادر بعده مغطاة. وأضاف: “علمت لاحقًا أنها كانت تحمل جثثًا”

ولاية الجزيرة: سجن مدني
يعد سجن مدينة ود مدني المركزي، الذي كان قبل الحرب مخصصًا للمدانين جنائيًا، المركز الرئيسي للاعتقالات في المنطقة. تشرف عليه “الخلية الأمنية المشتركة”، وهي قوة هجينة تتألف من الجيش والشرطة وميليشيات قبلية، وتتبع مباشرة لقائد الجيش الجنرال عبد الفتاح البرهان.

يُعتبر ياسر عبد الرسول، وهو ميليشياوي يحمل رتبة رائد في حركة العدل والمساواة، المسؤول المباشر عن السجن، حيث يدير عمليات التحقيق والتعذيب داخله.

السجن مقسم إلى قسمين، شمالي وجنوبي، ووفقًا لتعداد أجري قبل أسبوعين، بلغ عدد المعتقلين داخله نحو 1,800 معتقل، حيث يضم القسم الشمالي 912 معتقلًا، بينما يوجد في القسم الجنوبي 884 معتقلًا، بينهم 170 امرأة و5 أطفال.

بالإضافة إلى ذلك، هناك معتقل آخر داخل مستشفى علوب للصحة النفسية، الذي تم تحويله إلى مركز احتجاز، فضلًا عن مراكز اعتقال سرية أخرى داخل أحياء المدينة.

شهد السجن ارتفاعًا كبيرًا في معدل الوفيات نتيجة التعذيب وسوء التغذية وتفشي الأمراض.

جميع المعتقلين تم احتجازهم بتهم كيدية، أبرزها التعاون مع قوات الدعم السريع. كما أن الغالبية العظمى من المعتقلين ينتمون إلى المجموعات العربية في دارفور، حيث تتم الاعتقالات بناءً على الهوية العرقية.

من بين المعتقلين 18 من الكوادر الصحية، بينهم الدكتور آدم محمد إبراهيم، استشاري الجراحة في المستشفى الرئيسي بالمدينة، والذي يحظى بتقدير واسع من سكان ود مدني نظرًا لاختياره البقاء خلال الحرب لعلاج المدنيين. ومع ذلك، تم اعتقاله بسبب انتمائه العرقي.

300 وفاة خلال أسبوعين في سجون مدني
كشف مؤتمر الكنابي عن الظروف المأساوية في مراكز احتجاز الجيش بمدينة ود مدني، مؤكدًا أن أكثر من 300 محتجز لقوا حتفهم في أسبوعين بسبب:

  • سوء التغذية
  • التعذيب الوحشي
  • تفشي الكوليرا

وأضاف البيان أن معظم المعتقلين تم احتجازهم فقط بسبب عرقهم أو أصولهم الجغرافية، وخاصة من دارفور وجبال النوبة.

– ⁠حاولنا التواصل مع المتحدث الرسمي للجيش للتعليق حول هذه الافادات والمعلومات، لكنه رفض الرد وأغلق الخط فور سماعه السؤال.

المصدر: الراكوبة

spot_imgspot_img