spot_img

ذات صلة

جمع

تصاعد الحرب الكارثية علي السودانيين وتقاطعات وتداعيات الأزمه أقليميا ودوليا

شريف يس اجتماع الرباعيه الذي عقدة نائب وزير الخارجيه الأمريكي...

قصف متسلسل يستهدف مواقع “الدعم السريع” في نيالا

نيالا: التحول أفاد شهود عيان ومصادر طبية في مدينة نيالا...

غياب صفوة السودان عن أزماته

جمال محمد إبراهيم ظاهرة لم يلتفت إلى سبر أغوارها كثيرون،...

“هل يجيز القانون الأمريكي إنزال قوات المارينز في الشوارع؟ تحليل قانوني لأزمة كاليفورنيا”


🔴 الولايات المتحدة الأمريكية الآن تُوشك تقريبًا على الدخول في حرب أهلية جديدة!
في حال لم تكن تتابع ما جرى خلال الـ 72 ساعة الماضية، فاسمح لي أن أُخبرك أن أمريكا تمر حاليًا بإحدى أخطر المراحل التي مرت بها منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر.
⚫️ فهل يا تُرى، ما الذي يحدث هناك حاليًا؟ وكيف وصلت الأمور إلى هذا الاستقطاب الشديد؟!
🔴 بدأت القصة منذ نحو أسبوع تقريبًا، بينما كنا في عطلة عيد الفطر ولم نكن نتابع المستجدات… حيث أصدرت حكومة الرئيس السابق دونالد ترامب تعليمات لإدارة شؤون الهجرة الأمريكية (ICE) بتنفيذ حملات موسعة في مدينة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا، تستهدف توقيف المهاجرين غير الشرعيين وترحيلهم من الولايات المتحدة…
وقد بدأ التنفيذ فعليًا، حيث نفذت قوات الشرطة على مدار أسبوع حملات أمنية ومداهمات واسعة النطاق على محال الملابس والمطاعم ومحال بيع الدوناتس للقبض على المهاجرين وترحيلهم. وقد أسفرت هذه الحملات عن توقيف أكثر من 118 شخصًا، من بينهم 44 شخصًا في يوم السبت وحده.
🟢 لكن المشكلة لم تكن في الاعتقالات ذاتها، بل في الطريقة التي تمت بها… فقد تخيل أن مركبات مدرعة تقتحم الشوارع فجأة، وتنزل منها قوات أمن فدرالية مزودة بأسلحة ثقيلة، تقتحم الأماكن من دون أي إنذار أو إذن قانوني، وتقوم بخطف الأشخاص أمام أعين الأهالي والموظفين والعمال…
كان المشهد أقرب إلى أفلام هوليوود، وإن شاهدته فلن تصدق أنك في الولايات المتحدة، التي يُطلق عليها “بلد الحريات”… فالمشاهد التي جرت هناك، لن تراها حتى في الدول العربية التي تُوصف بالقمعية.
🔵 المشكلة الكبرى أن نحو 70% من سكان لوس أنجلوس، ليسوا من أصول أمريكية أصلًا، بل ينحدرون من أصول مكسيكية أو من أمريكا اللاتينية… أي أنك تحاول توقيف ما يقارب نصف سكان المدينة، وانتزاعهم من وسط أسرهم وأصدقائهم وأحبتهم، والزجّ بهم في السجون تمهيدًا لترحيلهم خارج البلاد… فهل يُتوقع أن تمر الأمور بسلاسة؟!
بالطبع لا… فقد انفجر الموقف، ونزل المواطنون إلى الشوارع في مظاهرات ضخمة، تُعد الأكبر منذ احتجاجات عام 2020 التي أعقبت مقتل جورج فلويد.
وبعد دقائق فقط من بدء هذه المظاهرات، تحولت إلى مواجهات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن ومكافحة الشغب، وسرعان ما تطورت الأحداث إلى ما يشبه ثورة مصغرة… حيث أُطلقت قنابل المولوتوف، وأُحرقت السيارات، واستُخدمت الألعاب النارية والصواريخ ضد قوات الأمن، في أجواء تقترب من الحرب الأهلية.
🟡 فما الذي فعله ترامب عند رؤيته للوضع بهذا الشكل؟
كعادته، اتسم رد فعله بالاندفاع، وكأنه كان ينتظر فرصة لتصعيد الأمور وإشعالها أكثر… فبمجرد بدء الأحداث، قرر إرسال 2000 عسكري من قوات الحرس الوطني إلى لوس أنجلوس، دون الحصول على إذن من حاكم ولاية كاليفورنيا، وذلك استنادًا إلى قانون قديم يُعرف بـ Title 10، والذي يمنحه صلاحية تجاوز سلطات الولايات في حالات الطوارئ.
بمعنى آخر، الرئيس قرر نشر قوات عسكرية داخل ولاية أمريكية دون موافقة سلطاتها المحلية، وهو ما يشبه شكلًا من أشكال الاحتلال الداخلي… وهو أمر لا يجوز حدوثه، خصوصًا في دولة “الولايات المتحدة” كما يدل اسمها، حيث تمتلك كل ولاية قوانينها وحكامها، ولا يجوز للرئيس التدخل بقرار أحادي الجانب بهذه الطريقة.
🟠 ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل إن وزير الدفاع الأمريكي “بيت هيجسيث” أدلى بتصريحات أكثر حدة…
إذ قال إنه في حال استمر العنف، فلن يُكتفى بالحرس الوطني، بل سيتم نشر قوات من مشاة البحرية الأمريكية “المارينز” من قاعدة “كامب بندلتون”، لتنتشر في شوارع المدينة بالكامل.
🟣 تخيّل أن قوات “المارينز” المدرّبة على خوض الحروب النظامية، والتي شاركت سابقًا في حروب أمريكا في العراق وأفغانستان وفيتنام، ستنتشر الآن في شوارع مدينة أمريكية لمواجهة المدنيين!
وبالطبع لم يلتزم المسؤولون في كاليفورنيا الصمت، فقد اتهم الحاكم “جافين نيوسوم” الرئيس ترامب بأنه يستعرض سياسيًا لتحقيق مكاسب شعبية، وقال بالحرف: “ترامب يريد مشهدًا استعراضيًا على حساب المواطنين”… أما عمدة لوس أنجلوس “كارين باس”، فقد صرحت بأن إرسال الحرس الوطني “لا مبرر له” وسيؤدي إلى تفاقم الوضع، وربما يتسبب في كارثة قد تتطور بسرعة إلى حرب أهلية بين الجيش والمدنيين.
🟢 فما هو الدافع الحقيقي وراء تحركات ترامب هذه؟
في الواقع، فإن ترامب منذ فترة طويلة يصعّد حملته ضد المهاجرين، لاسيما في الولايات الليبرالية مثل كاليفورنيا، التي تعارض سياساته اليمينية بشكل واضح… وقد أطلق سياسة تُعرف باسم “صفر تسامح” تجاه الهجرة، وهدفه المعلن هو تنفيذ نحو 3 آلاف اعتقال يوميًا على مستوى البلاد، وترحيلهم جميعًا دون النظر إلى ظروفهم أو وضعهم القانوني.
لكن ما يقوم به ليس مجرد سياسة أمنية كما يدعي… بل هو يسعى إلى خلق مواجهة كبرى بين المهاجرين والأجهزة الأمنية، في محاولة لكسب التأييد الشعبي الداخلي، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية والتوتر السياسي الذي تسبب فيه.
فهو يرى أن هذه المظاهرات وأعمال العنف تصب في مصلحته، ويستطيع استخدامها كوسيلة لإثبات وفرض سلطته على البلاد، باعتباره “رجل القانون”، والوحيد القادر على ضبط الأمور.
🟡 وهذا ما يُثير المخاوف لدى المواطنين هناك الآن…
فالولايات المتحدة ليست دولة عادية، بل هي اتحاد لولايات كانت في السابق منفصلة، ثم توحدت بعد حروب دموية وحرب أهلية أودت بحياة الملايين من الأمريكيين… وقد صُممت القوانين لضمان عدم تكرار ما حدث سابقًا.
🔵 ما يحدث الآن ليس أزمة هجرة… بل هو اختبار حقيقي لمفهوم “الولايات المتحدة” ذاته…
فاستخدام الجيش داخل الشارع الأمريكي بهذه الطريقة يعني أن ترامب مستعد للذهاب إلى أبعد مدى لتنفيذ سياساته، حتى لو تطلّب الأمر مواجهة مفتوحة مع حكام وسكان الولايات… وحتى لو تسبب هذا النهج في انهيار الثقة بين الشعب والحكومة الفيدرالية، وهو ما قد يؤدي إلى اندلاع حرب أهلية فعلية، لا مجرد مشهد سينمائي كما في فيلم “Civil War” الذي عُرض مؤخرًا في هوليوود!
🔴 المشكلة الأخرى أن ولاية كاليفورنيا ليست ولاية عادية… بل تُعد رابع أكبر اقتصاد في العالم!
نعم، لقد قرأت ذلك بشكل صحيح… ولاية كاليفورنيا، التي تُعد واحدة فقط من بين خمسين ولاية أمريكية، تحتل المرتبة الرابعة عالميًا من حيث الاقتصاد، بعد الاقتصاد الأمريكي، والصيني، والألماني، بإجمالي ناتج قومي بلغ في عام 2024 نحو 4.1 تريليون دولار!
🟣 كما تُعد كاليفورنيا الولاية الأولى في الولايات المتحدة من حيث ريادة الأعمال، وتمويلات رأس المال الاستثماري، والصناعة، والتكنولوجيا، والزراعة… ويكفي القول إنها تحتضن “وادي السيليكون”، موطن كبرى الشركات العالمية مثل جوجل، ومايكروسوفت، وإنفيديا، وأبل، وميتا، وأوبن إيه آي…
أما الآن، وأنت تقرأ هذه السطور، فإن كاليفورنيا تشتعل!
🟠 مدينة لوس أنجلوس محاصرة فعليًا، ولا يزال المتظاهرون يشعلون الشوارع، دون نية للتهدئة… والجيش الأمريكي يتحرك لأول مرة بشكل مباشر داخل مدينة أمريكية، دون أن تكون هناك كارثة طبيعية أو هجوم خارجي… والمذهل أن كل هذا يحدث في دولة تقدم نفسها للعالم على أنها “قدوة” في الديمقراطية!
الدولة التي تُصدر الديمقراطية للعالم… تعتقل الآن الناس من محلات الدوناتس باستخدام المدرعات!
⚫️ فما رأيك أنت؟! هل تعتقد أن أمريكا تتجه نحو انهيار داخلي ومواجهة مباشرة بين حكومات الولايات والحكومة الفيدرالية؟
الله أعلم… لكن ما يبدو واضحًا الآن هو أن البلاد تمر باختبار بالغ الخطورة، وفي مرحلة مفصلية من تاريخها، وما يزال من غير الواضح كيف سينتهي هذا المشهد…
🔴 وفي الختام، كالمعتاد، تجد كافة المصادر والتقارير الصحفية التي استُعين بها في أول تعليق أدناه 👇 وإذا وصلت إلى هذه النقطة، فلا تنسَ مشاركة هذا المنشور حتى تصل الصورة كاملة للناس ويدركوا ما يحدث حولهم في العالم…


مع خالص تحياتي
أ/ أيوب عبدالله مصطفي
المحامي.

المصدر: “فيسبوك”

spot_imgspot_img