أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، في بيان رصد 110 ملايين دولار من صندوق الطوارئ الخاص بها لتعويض “الاقتطاع المتسرع” من المبالغ المخصصة للمساعدات الإنسانية في كل أنحاء العالم، خصوصا من جانب الولايات المتحدة.
وأوضح البيان أنه من شأن هذه الأموال أن يوجه صرفها في “تعزيز المساعدة الحيوية في 10 من الأزمات العالمية الأقل تمويلا والأكثر إهمالا، في إفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية”، مشيرا إلى السودان الذي يشهد حاليا أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
ووفق البيان سيذهب ثلث المبلغ الإجمالي إلى السودان، وكذلك إلى تشاد المجاورة التي تستضيف عددا لا يحصى من اللاجئين الفارين من القتال في السودان المجاور.
وقال منسّق المنظمة الدولية للشؤون الإنسانية توم فليتشر: “بالنسبة إلى البلدان التي أنهكت جراء الصراعات وتغير المناخ والاضطرابات الاقتصادية، فإن اقتطاعات حادة من الميزانيات لا تعني اختفاء الحاجات الإنسانية”.
والعام الحالي، سيكون هناك أكثر من 300 مليون شخص يعولون على المساعدات الإنسانية “لكن التمويل يتناقص كل عام”، و”من المتوقع أن يبلغ مستوى منخفضا تاريخيا هذا العام”.
وبشكل عام، قُلّصت ميزانيات وكالات الأمم المتحدة الإنسانية الكبرى والمنظمات غير الحكومية بشكل كبير.
لكن قرار الولايات المتحدة التي كانت أكبر مقدمي المساعدات الإنسانية بتجميد المساعدات الأجنبية بشكل شبه كامل ثم إلغاء جزء كبير منها، تسبب في أزمة غير مسبوقة لدى منظمات إغاثة في العديد من القطاعات والدول.
وذكرت الأمم المتحدة في بيانها بأنها قدرت الحاجات الإنسانية بـ 45 مليار دولار لمساعدة 185 مليون شخص يعتبرون من الأكثر ضعفا في مواجهة الأزمات عبر العالم.
وأوضح البيان “حتى الآن، لم يجمع سوى 5% من هذا التمويل، ما ترك نقصا يزيد عن 42 مليار دولار”، فيما ينتهي الربع الأول من العام قريبا.
وأوقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب المساعدات الخارجية الأميركية بعد توليه منصبه في 20 يناير، ما أدى إلى وقف عمل برامج معنية بالغذاء والصحة وغيرها بمليارات الدولارات. ومن المفترض أن يستمر تجميد الإنفاق لمدة 90 يوماً في انتظار إجراء مراجعات تتعلق بكفاءة هذه البرامج ومدى اتساقها مع السياسة الخارجية لترامب.
ويعمل في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية أكثر من 10 آلاف موظف، منهم أكثر من 1900 أميركي يعملون في الخارج، وأصبحت هدفاً لجهود يقودها الملياردير إيلون ماسك لتقليص عدد موظفي الحكومة الأميركية.
تدمير المنازل في دارفور:
في غضون ذلك أكدت الأمم المتحدة في السودان أن الأوضاع الإنسانية في معسكر زمزم للنازحين بمدينة الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور وصلت إلى نقطة الانهيار.
وقال برنامج الأغذية العالمي، إن الوضع الإنساني في السودان يزداد سوءًا. وإن الخدمات الإنسانية على وشك الانهيار. وأضاف إن المياه شحيحة، والإمدادات الطبية والغذائية تنفد. والوضع يتدهور بسرعة، مشيراً إلى أن عمال الإغاثة يبذلون قصارى جهدهم، ولكن الاحتياجات الإنسانية تفوق بكثير الموارد المتاحة. وشدد على إن الدعم العاجل مطلوب.
وفي ولاية الجزيرة أوضح البرنامج أن مدينة ود مدني أصبحت في قلب الأزمة، وأضاف “حقيقة أن برنامج الغذاء العالمي تمكن من إيصال المساعدات إلى 100 ألف شخص، لكنه واضح أن هناك حاجة إلى المزيد. مع اقتراب شبح المجاعة، فإن الوصول الآمن والمستمر لمنظمات الإغاثة أمر ضروري”.
من جهتها أعربت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان، كليمنتين نكويتا سلامي، عن قلقها إزاء التقارير التي تفيد بتدمير المنازل وسبل العيش في ولاية شمال دارفور.
وقالت في تغريدة على حسابها في منصة “إكس” إن الوصول إلى معسكر زمزم للنازحين أصبح شبه مستحيل، مشيرة إلى أن الأوضاع في المخيم قد وصلت إلى نقطة الانهيار. وأوضحت أن المياه شحيحة، والإمدادات الطبية والتغذوية آخذة في النفاد.. وتابعت”إنني أشعر بقلق عميق إزاء التقارير التي تتحدث عن تدمير المنازل وسبل العيش في شمال دارفور. ويستمر المدنيون في دفع الثمن”.
وأكدت بأن الوصول إلى مخيم زمزم يكاد يكون مستحيلاً – في الوقت الذي يحتاج فيه الناس إلى الدعم أكثر من أي وقت مضى. وقالت: :إننا بحاجة إلى وصول إنساني دون عوائق لتقديم المساعدات المنقذة للحياة”.
وقالت: “لقد أصبح العنف الجنسي حقيقة وحشية في الحرب”لا يزال العديد من النساء والفتيات والرجال والفتيان يتعرضون للاغتصاب والاختطاف والزواج المبكر”.
أشارت إلى أنه بالرغم من أن العاملين في المجال الإنساني يعملون بلا كلل لدعم الناجين، لكن هناك حاجة إلى المزيد من المساعدة.
إلى ذلك وصلت إلى مطار بورتسودان، الخميس، طائرة مساعدات كويتية تابعة لجمعية الهلال الأحمر الكويتي، تحمل 40 طناً من المواد الغذائية والإغاثية والخيام لصالح نازحي إقليم دارفور، وكان في استقبالها السفير الكويتي فهد الظفيري ومسؤولون سودانيون، وأكد الظفيري استمرار دعم الكويت للسودان حتى يتجاوز محنته، مشيراً إلى أن إجمالي المساعدات بلغ 35 طائرة وثلاث سفن شحن.
وفي اتجاه آخر قال برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إن 48 ألف شخص يعيشون مع فيروس نقص المناعة البشرية في السودان، ويواجهون تحديات مضاعفة بسبب قلة الوعي حول المرض والوصمة الاجتماعية، مما يجعل حياتهم أكثر صعوبة.