التحول: جنيف: متابعات
قال مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إن الهجمات واسعة النطاق التي شنتها قوات الدعم السريع على مخيمي زمزم وأبو شوك للنازحين، وعلى مدينة الفاشر ومنطقة أم كدادة، تكشف بشكل صارخ التكلفة الباهظة لعدم تحرك المجتمع الدولي. وقد أفادت التقارير بمقتل مئات المدنيين، بينهم تسعة على الأقل من العاملين في المجال الإنساني.
مفوض حقوق الإنسان فولكر تورك قال إن هذه الهجمات فاقمت أزمة إنسانية مُزرية أصلا في مدينة عانت من حصار مدمر من قِبل قوات الدعم السريع منذ أيار/مايو من العام الماضي. كما أنها تزيد من خطر وقوع هجمات بدوافع عرقية ضد مدنيين يُعتقد أنهم موالون للقوات المسلحة السودانية.
وأضاف تورك – في بيان صحفي: “يقع على عاتق قوات الدعم السريع بموجب القانون الدولي الإنساني الالتزام بضمان حماية المدنيين، بما في ذلك من الهجمات ذات الدوافع العرقية، وتمكين المدنيين من الخروج الآمن من المدينة”.
ومع دخول الصراع عامه الثالث غدا الثلاثاء، شدد تورك على ضرورة تجديد العزم من جميع الأطراف، وكل من له نفوذ، على اتخاذ خطوات فعالة نحو حل الصراع.
“أحلك فصول الصراع”
وأدانت البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق بشأن السودان “المجزرة التي أُفيد بوقوعها” في شمال دارفور، محذرة من أن النزاع المدمر أصلا في البلاد قد يتصاعد بشكل مأساوي مع دخول الحرب عامها الثالث.
وفي بيان صحفي جددت البعثة دعوتها للأطراف المتحاربة إلى الوقف الفوري لإطلاق النار والتوقف عن مهاجمة المدنيين، كما حثت الدول الأخرى على “الامتناع عن تأجيج الحرب وضمان احترام القانون الدولي الإنساني”.
وقال محمد شاندي عثمان، رئيس بعثة تقصي الحقائق، إن العالم شهد عامين من النزاع الوحشي في السودان “الذي حاصر ملايين المدنيين في أوضاع مروعة، عرضهم لانتهاكات ومعاناة لا نهاية لها في الأفق”. وأضاف: “في ظل تصاعد خطاب الكراهية والعنف الانتقامي القائم على أسس عرقية، نخشى أن أحلك فصول هذا النزاع لم تبدأ بعد”.
وتحقق البعثة، التي أنشأها مجلس حقوق الإنسان، في الانتهاكات المرتكبة منذ اندلاع النزاع بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في 15 نيسان/أبريل 2023، من خلال جمع شهادات من الشهود والناجين عن بعض أفظع الجرائم المرتكبة في البلاد.
وتجتمع نحو 20 دولة في لندن هذا الأسبوع – العديد منها لها تأثير مباشر على الأطراف المتحاربة – لمناقشة الوضع الإنساني في السودان. وحثت البعثة هذه الدول على وضع ودعم تدابير لحماية المدنيين وضمان احترام حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني من قبل جميع الأطراف.
وقالت منى رشماوي، عضوة بعثة تقصي الحقائق، إن الالتزامات التي تقع على عاتق الدول لا تقتصر فقط على احترام اتفاقيات جنيف، بل أيضا ضمان احترامها.
وأوضحت قائلة: “هذا يعني أنه ينبغي على الدول ألا تمول الحرب أو توفر الأسلحة، إذ إن مثل هذه الأفعال قد تشجع أو تساعد أو تساهم في ارتكاب الأطراف المتحاربة للانتهاكات. وقد خلصت بعثتنا منذ العام الماضي إلى وجود أسباب معقولة للاعتقاد بأن الطرفين قد ارتكبا جرائم حرب، وفي حالة قوات الدعم السريع، أيضا جرائم ضد الإنسانية”.
من جهته عبّر رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي محمود علي يوسف، اليوم (الاثنين)، عن القلق البالغ إزاء تصاعد العنف في السودان والهجمات على مخيمي زمزم وأبو شوك في الفاشر بولاية شمال دارفور.
ودعا يوسف إلى الوقف الفوري وغير المشروط للأعمال العدائية ورفع الحصار عن الفاشر وإيصال المساعدات دون عوائق.
وقالت المفوضية، في بيان، إن التقارير الموثوقة عن الهجمات على مخيمي زمزم وأبو شوك تشير إلى مقتل مدنيين، من بينهم أطفال وعاملون في المجال الإنساني، «في انتهاك خطير وغير مقبول للقانون الإنساني الدولي».
وكرر رئيس المفوضية دعوته إلى وقف فوري وغير مشروط للأعمال العدائية، وحث «أولئك الذين يحاصرون الفاشر على رفع الحصار وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق».
كما حث الاتحاد الأفريقي جميع الأطراف المعنية على «ممارسة أقصى درجات ضبط النفس والامتناع عن أي أعمال من شأنها تفاقم التوترات»، بحسب البيان.
ودعت المفوضية جميع الأطراف السودانية إلى الالتزام بوقف إطلاق نار دائم والانخراط في عملية سياسية شاملة وجامعة بقيادة سودانية لإنهاء الصراع الذي دخل عامه الثالث.