مصطفى سري
لا جديد في بيان الحزب الشيوعي في خطه السياسي منذ خروجه من قوى الحرية والتغيير والحكومة الانتقالية ، على الرغم من ان بيانه اشار لاول مرة وفي سطر واحد انقلاب البرهان على حكومة الثورة وعلى الوثيقة الدستورية “لا يملك القائد العام للقوات المسلحة اي شرعية تخوله اتخاذ قرار سيادي كقرار تسمية رئيس للوزراء ، فهو ما زال يمثل رأس سلطة انقلابية على حكومة الثورة وعلى الوثيقة الدستورية التي يحاول عليها بعد اجراء التعديلات ” .
وهذا اقتراب حذر من قوى حرية والتغيير ،وليس في استطاعة الحزب الشيوعي تجاوز مواقف تلك القوى المعلنة حتى في تحالفها الجديد ” صمود ” .
ولكن في ذات الوقت لم يغادر الحزب ” قالب الطوب” الذي ظل يتعامل به في المشهد السياسي وقالب الطوب كلما وضعت الطين في القالب سيخرج لك نفس طوب ذلك القالب، حيث ركن البيان إلى موضوع ” الهبوط الناعم ” على الرغم من المستجدات التي طرأت على الساحة السياسية بعد عامين من الحرب سواء في التحالفات الداخلية ” تحالف صمود ” وتحالف ” تأسيس ” والتيار الاسلامي والحركات المتحالفة مع الجيش ، وستظهر قوى اخرى بمطالب مختلفة !
وحتى المجتمع الاقليمي حصل فيه فرز في المواقف لذلك تجد ان مصر والسعودية وقطر وتركيا وربما ايران يمثلون تيارا يقف الى جانب الجيش مع تخفيف الصبغة الاسلامية وليس استبعادها ، وقد يتوافق هذا التيار دوليا مع روسيا ، الحزب الشيوعي لم يقرأ هذه المستجدات بفحص جيد وتحليل مختلف، واللافت ان الحزب الشيوعي اغفل ولا اعرف عن عمد ام غفلة في القراءة دول الايقاد وهي مؤثرة جدا مثل كينيا وجنوب السودان واوغندا واثيوبيا واريتريا ، الى جانب دول جوار تشمل افريقيا الوسطى وتشاد وليبيا ، لا سيما تداخلاتها الجيوسياسي واحتضانها لعدد كبير من اللاجئين السودانيين !
القضية الجوهرية تتعلق بخارطة طريق على نحو واقعي يتمثل في وقف الاعمال العدائية والتفاوض لانهاء الحرب ، والتنسيق بين القوى المدنية المناهضة للحرب لان توحيدها في جبهة واحدة اصبح مستحيلا ، وبالضرورة هذا التنسيق يكون بناء على خارطة الطريق ، وبالضرورة لا يمكن استبعاد طرفي الحرب من القضية الاساسية المتعلقة بوقف الحرب.
ولذلك جاءت قراءة الحزب الشيوعي خاطئة في الحديث عن ان الحكومة المتوقعة تكوينها بانها ” حكومة مشروع دولة الهبوط الناعم الذي تمت صياغته خصيصا للسودان والاثير لدى القوى الامبريالية وحلفائها الاقليميين والمحليين منذ خارطة طريق مبيكي ” ومحاولة ربط تلك الخارطة بما اسماه البيان استنساخ نسخة جديدة وسميت بالاتفاق الاطاري 2023 ” لتوحيد قوى التسوية وهي نفسها قوى الهبوط الناعم بعد فشل تسويق وانجاح انقلاب 25 اكتوبر 2021 ” وهذه الفقرة اردت ان اضعها هكذا لانها في الحقيقة متاهة في القراءة والتحليل .
على اي حال بيان المكتب السياسي للحزب الشيوعي لم يخرج من ” قالب الطوب ” لانه لا يريد ذلك ، وحتى زيارة ترمب إلى المنطقة كانت قراءة الحزب الشيوعي متعجلة وتحديد قوله لا يوجد تضارب في المصالح بين الولايات المتحدة والامارات ومصر ، على الرغم من وجود تباعد في المواقف خاصة بين مصر والامارات وظهر ذلك في مؤتمر لندن في ابريل الماضي .
صحيح هناك انعدام ثقة بين الجيش وحلفاءه ولكن حتى الان لم يشكل الجيش حاضنته السياسية خارج الحركة الاسلامية .
اخلص إلى ان الطريق امام كافة قوى الثورة تاني عبر خارطة طريق فيما بينها دون شروط مسبقة والتعامل بواقعية وقراءة المستجدات ومن بينها ان هناك اطراف جديدة خاصة من جماهير الريف ستشكل تنظيماتها التي ستكون تشكيلات ما بعد الحرب وبمطالب جديدة لم تكن مطروحة قبل الحرب !
لاجديد في بيان الحزب الشيوعي
