وادي حلفا – شمال السودان
خرج أهالي محلية وادي حلفا، أقصى شمال السودان، أمس الأحد في تظاهرة سلمية هادرة، أمام مكتب كهرباء المحلية، معلنين رفضهم لاإدراج المدينة في برمجة قطوعات الكهرباء اليومية التي فرضتها حكومة الولاية الشمالية، وظلوا مرابطين حتى وقت متأخر من الليل برغم عودة التيار الكهربائي. بينما سلم وفد من الأهالي مذكرة للقنصلية المصرية احتجاجاً على القيود الجديدة التي فرضتها على طالبي تأشيرة الدخول إلى مصر.
وعبر أهالي وادي حلفا عن غضبهم إزاء قرار حكومة الولاية الذي أدخل مدينتهم في برمجة قطوعات قاسية تمتد لأكثر من 16 ساعة يوميًا. مع ارتفاع درجات الحرارة التي تتجاوز الـ 45 درجة في بعض الأيام.مطالبين بإلغاء إدراج وادي حلفا في برمجة القطوعات فورًا، ومنح خصوصية للمدينة بالنظر إلى تاريخها كمنطقة متضررة من الغرق. وتأكيد حق وادي حلفا في كهرباء مستقرة تُغذى من الخط المصري دون مساومة.
واعتبر المواطنون أن قرار إدراج مدينتهم ضمن برمجة قطوعات الكهرباء غير عادل ومرفوض. مشددين على أن هذا القرار هو امتداد لظلم تاريخي بدأ منذ لحظة إغراق مدينة وادي حلفا “التاريخية”، مستمرة فصوله بقرارات تتجاهل ما قدّمته وادي حلفا من تضحيات جسيمة. مؤكدين أن الكهرباء لوادي حلفا حق دائم غير قابل للمساومة، وأنهم لن يتراجعوا عن مطالبهم ما لم تلتزم شركة الكهرباء باستثناء وادي حلفا من القطوعات.
وأدرجت شركة الكهرباء محلية وادي حلفا ضمن برمجة قطوعات الكهرباء، اعتبارًا من السبت 31 أيار/مايو 2025، وألغت بهذا القرار، الاستثناء الممنوح للمنطقة من قطوعات الكهرباء.

استمرار تصعيد الاحتجاجات
وقرر الاهالي استمرار الاحتجاجات ليلاً، حيث تم إغلاق بعض الطرق داخل المدينة احتجاجًا على استمرار برمجة قطوعات الكهرباء. وأكدوا أنهم سيتخذون إجراءات تصعيدية تشمل إغلاق الطرق ووقف جميع الأنشطة، بما في ذلك التعدين، إذا لم تُلبَ مطالبهم.
عبر المواطنون عبر وسائل التواصل الاجتماعي رفضهم لما وصفوه بالظلم التاريخي لأهالي المنطقة رغم التضحيات التي بذلوها، مؤكدين على أن اتفاقيات تهجيرهم القديمة تلزم الحكومات المتعاقبة بضمان تنمية المناطق التي غمرتها مياه النيل قبل عقود.
وكتب أحمد عبودي من أهالي المدينة منشوراً على صفحة وادي حلفا اليوم في منصة “فيسبوك”: وكأن القدر قد كتب علينا أن نعاني الظلم من كافة حكومات السودان المتعاقبة على الحكم منذ العام 1964م، أهكذا يكون رد الجميل والوفاء لأمة ثبتت الأرض وتمسكت بها فقد عانا أهالي وادي حلفا الأمرين حتي يتمسكو بارضهم بعد إنشاء السد العالي وغرق مدينه وادي حلفا باكملها والتهجير القسري الذي حدث لاهلها ورغم ذلك فقد تشبثت 500 أسرة بالأرض ورفضو التهجير وأنشأوا مدينه حدوديه تدر دخلاً لميزانية السودان بالمليارات لمابها من موارد غنيه من معادن وثروة سمكية وأراضي زراعية ومعابر حدودية ورغم ذلك تعاني المنطقه من تهميش حكومي واضح في جميع المجالات، وخدمات أساسيه أبرزها مشكلة المياه التي لم تحل حتي الآن ويريدون حرماننا من الكهرباء التي هي أصلا منحة من جمهورية مصر العربيه كتعويض لما حدث لأهالي وادي حلفا وفقا لاتفاقية بناء السد العالي”.
وعلق آخرون على نفس الصفحة: “لن نقبل دفع ثمن التضحية مرتين… وادي حلفا لن تُطفأ وصوتها سيعلو فوق كل محاولات التهميش والتجاهل.”
وكتب آخر: “محلية وادي حلفا دفعت ثمنًا فادحًا جراء إغراق المدينة القديمة. من حقها أن تحصل على كهرباء مستقرة دون إدراجها في هذه القطوعات.”
وكتبت “هنومة عثمان” توضيح: “بأن رفضنا لبرمجة القطوعات في وادي حلفا لا يعني أبدا إننا ضد أي منطقة في السودان، مشكلتنا واضحة ومباشرة مع الشركة السودانية للكهرباء ومع الجهات التنفيذية التي بتصدر قراراتها دون عدالة أو مراعاة للخصوصية التاريخية والتضحيات”.



وقالت: إنّ هذه الاحتججات لاتعني أنهم ضد أهالي الشمالية، أو أي منطقة أخرى.كل السودانيين في الشمال والجنوب والشرق والغرب يستحقون كهرباء مستمرة وخدمات عادلة وأن القضية ليست مناطقية، بل قضية حقوق وعدالة توزيعية”.
أزمة الكهرباء:
تأتي أزمة الكهرباء في وقت يستورد فيه السودان حوالي 70 ميغاواط/ساعة من مصر، لتغطية عجز يصل إلى 50% في بعض الفترات. وفي ظل فقدان الإنتاج بالمحطات الحرارية بالخرطوم خلال الحرب الأخيرة، توسعت القطوعات لتصل إلى 20 ساعة يوميًا في ولايات عديدة، ومنها وادي حلفا.
ورغم استثناء وادي حلفا سابقًا من برمجة القطوعات، تفاجأ المواطنون بقرار شركة الكهرباء الحكومية بإلغاء هذا الاستثناء.
إجراءات منح التأشيرة والموافقات الأمنية:
ولم تقتصر الاحتجاجات على أزمة الكهرباء. فقد سلم المواطنون مذكرة للقنصلية المصرية تطالب بإزالة القيود المفروضة على منح تأشيرات الدخول إلى مصر، خصوصًا في الحالات المرضية الحرجة. ومنح المرافقين السفر مع مرضاهم.
وفي الأسابيع الأخيرة، شكا الأهالي من صعوبات بالغة في الحصول على تأشيرات، حتى لمرضى الحالات الحرجة. وقد تعهدت القنصلية المصرية برفع المطالب إلى وزارتي الخارجية السودانية والمصرية، مع وعد بتعيين ممثلين للأهالي لمتابعة الملف.
وألغت القنصلية المصرية المنحة المخصصة لأهالي حلفا بحقهم في الحصول على التأشيرة دون شروط باعتبارهم ضحايا السد العالي، وتراجعت قرارات القنصلية وحرمت حتى المرافقين من السفر مع ذويهم، وقررت منح تأشيرة واحدة للمريض فقط، مع تأخير لفترات طويلة ما اضطر إدارة القومسيون الطبي تعليق العمل مع القنصلية لحين التوصل لاتفاق، ووضعت القنصلية مؤخراً قرارات منعت بموجبها منح تأشيرة للمرافق والسماح للمريض فقط بالحصول على التأشيرة.
وتوفي قبل يومين الحاج، فاروق حسن عبداللطيف من أعيان أهالي وادي حلفا في المعبر المصري وهو في طريقه لرحلة العلاج دون أن يكون معه مرافق، ما أثار استياء المواطنين، واصفين قرار القنصلية بغير الإنساني وأن هذه الحادثة كافية بأن تراجع قراراتها بالسماح لمرافقي المرضى بالسفر مع ذووهم.
وأغلقت القنصلية المصرية أبوابها الأسبوع الماضي حتى إشعار آخر بحجة أنها تسلمت مجموعة من الجوازات لحين اكمال إجراءات الموافقة الأمنية وإرجاعها لأصحابها لأخذ مجموعة أخرى، غير أن إجراءات منح التأشيرة تأخذ فترات طويلة تمتد لأكثر من 6 أشهر وهذا القرار شامل للسودانيين في كل دول المهجر أيضاً.