الفاشر ـــ نيالا: التحول
صعّدت قوات الدعم السريع من حملات الاعتقالات في مناطق سيطرتها بإقليم دارفور، مستهدفة كوادر طبية وعاملين في منظمات إنسانية وخطيب مسجد، في سياق وصفه مراقبون بـ”المنهج القمعي” تجاه أي صوت مستقل أو إنساني، وسط استمرار النزاع المسلح وغياب النظام القضائي.
ونشرت الصحفية والناشطة زمزم خاطر على صفحتها أسماء المعتقلين من منظمة “ريليف” وقالت: أقدمت قوات الدعم السريع على اعتقال عدد من المدنيين من العاملين في المجال الإنساني وأسرهم، وذلك بمحلية كتم، عقب اتهامات ملفقة لهم بالانتماء إلى الجيش السوداني، وأضافت: في فيديو بثته القوة العسكرية. تظهر هذه الحادثة كجزء من مسار تصاعدي لانتهاكات ممنهجة ضد الكوادر المدنية والإنسانية في إقليم دارفور.
تفاصيل الحادثة:
وفندت “خاطر” إدعاءات اتهام قوات الدعم السريع والتي بثت مقطع فيديو مؤخرًا يظهر مجموعة من المعتقلين، أنهم “ضباط وقادة في الجيش السوداني” تم القبض عليهم أثناء “محاولتهم الهروب من بوابة عبد الشكور بمحلية كتم”. إلا أن التحقيقات الميدانية ومراجعة الهويات والمعلومات المتوفرة أكدت أن معظم هؤلاء المعتقلين هم موظفون مدنيون يعملون في منظمة “ريليف” الإنسانية أو في مرافق مدنية بمدينة الفاشر، ولا صلة لهم بالمؤسسة العسكرية. كما تم اعتقال بعض أفراد أسرهم، بما فيهم أطفال ونساء.
وأعلنت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان، الأحد، أن قوات الدعم السريع اعتقلت الطبيب أحمد المعتصم، والعامل بمنظمة “ريليف”، إلى جانب عدد من زملائه، بمدينة الفاشر. وحمّلت اللجنة، قوات الدعم السريع، المسؤولية الكاملة عن سلامتهم، مطالبة بإطلاق سراحهم الفوري ووقف الاستهداف الممنهج للطواقم الطبية والمنشآت الصحية.
وقالت تمهيدية الأطباء في بيان اطلعت عليها صحيفة “التحول”: إن هذه الاعتقالات “تمثل تهديدًا مباشرًا للخدمة الصحية المنهارة أصلًا في مناطق الحرب، وتزيد من معاناة المواطنين الذين يواجهون أزمات صحية متفاقمة.”
مطالب دولية بالإفراج
وناشدت تمهيدية الأطباء، اللجنة الدولية للصليب الأحمر والمنظمات الدولية المعنية بالشأن الإنساني والطبي، بالتدخل العاجل للإفراج عن المعتقلين وضمان حماية العاملين في المجال الإنساني، وفقًا للقانون الدولي الإنساني.
اعتقال أطباء من العيادات الخاصة
وأفادت مصادر محلية موقع “دارفور24″، أن قوات الدعم السريع اعتقلت أيضًا الطبيب عبد الله عبد البادي، أخصائي العيون المعروف في مدينة نيالا ومحلية بليل، بعد مداهمة عيادته الخاصة. وذكرت المصادر أن الاعتقال تم بواسطة استخبارات الدعم السريع، دون إبراز مذكرة أو تهم واضحة، وسط قلق واسع من توسع دائرة استهداف الأطباء.
مطالب أسر المعتقلين
من جهتها أصدرت أسرة الطبيب أحمد المعتصم بيانًا طالبت فيه الإدارة المدنية وقوات الدعم السريع بإطلاق سراح ابنهم فورًا، محذرة من مخاطر احتجازه دون إجراءات قانونية، في ظل تدهور أوضاع الاحتجاز وسوء المعاملة.
اعتقال خطيب مسجد منذ العيد
وفي حادثة لافتة، أكد شهود عيان من بلدة أم دافوق الحدودية، أن قوات الدعم السريع اعتقلت عيسى فضالي، وهو خطيب مسجد معروف في المنطقة، بسبب مضمون خطبته في عيد الفطر، والتي دعا فيها إلى “نبذ الفرقة العنصرية والتصنيفات الجهوية”، مثل “الغرابي” و”الجلابي”، مطالبًا بوحدة السودان.
ووفقًا للشهود، اعتبر عناصر الدعم السريع الخطبة “تحريضًا” ضد سياساتهم، ليتم اعتقال فضالي واقتياده إلى جهة مجهولة.
دفع فدية مالية:
وفي ولاية شرق دارفور، أُطلق سراح 8 معتقلين كانوا محتجزين لدى قوات الدعم السريع في بلدة أبو كارنكا، بعد دفع غرامات مالية وصلت إلى 500 ألف جنيه سوداني لكل شخص، حسب إفادات من أسرهم. وأوضحت الأسر أن المعتقلين تم اتهامهم بتداول منشورات ضد الدعم السريع، أو دعم الجيش.
نمط متكرر من الانتهاكات
وتفرض قوات الدعم السريع سيطرة عسكرية وأمنية شبه كاملة على معظم مناطق جنوب وشرق دارفور، وتمارس وفق تقارير ميدانية متطابقة، حملات اعتقال واسعة ضد المدنيين، تحت ذرائع “التخابر مع الجيش”، أو “مناهضة شعارات الثورة الجديدة” التي تتبناها.
وتحذر منظمات حقوقية من أن هذه الاعتقالات تتم في ظل غياب أي رقابة قضائية، ما يجعل المعتقلين عرضة للتعذيب وسوء المعاملة.
إدانة حقوقية ونداءات للتدخل الدولي
نددت اللجنة التمهيدية لنقابة الأطباء والناشطون المحليون بتصاعد وتيرة الانتهاكات ضد الطواقم الطبية والإنسانية والدينية، معتبرين ذلك تهديدًا خطيرًا للنسيج الاجتماعي والحد الأدنى من الخدمات التي تقدم في مناطق النزاع.
وطالبت تمهيدية الأطباء والمصادر الحقوقية بتدخل عاجل من المنظمات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر، لوقف هذه الانتهاكات ومحاسبة مرتكبيها.
ووفق التوثيق الميداني، فإن القائمة الأولية للمعتقلين تشمل:
- عبد الله كنو – الفاشر
- د. حبيب بخيت – الفاشر
- موسى حسبونة – الفاشر
- المهندس عبد العزيز النور – الفاشر
- محمد يونس محمد بخت – موظف بمحلية الفاشر، زوج موظفة بمنظمة “ريليف”
- ابتهاج أحمد محمد تبين – الفاشر
- عبد الرحمن الطاهر – الفاشر
- صلاح حاج آدم – كتم
- د. أحمد المعتصم محمد – نيالا
- عبد الناصر ود أبا – سائق بمنظمة “ريليف” – الفاشر
- محمد آدم بكر (حقار) – الفاشر
- عاطف فافا – لم يتم التحقق من مكان إقامته بعد