وادي حلفا – التحول
اندلع حريق ضخم مساء السبت في معبر إشكيت الحدودي بمحلية وادي حلفا، ما أدى إلى خسائر مادية كبيرة داخل صالة المغادرة، فيما شهدت منطقة تركمان القريبة اشتباكات مسلحة بين مجموعة تتبع للقوة المشتركة ومجموعة تُعرف بـ”أولاد قمري”، على خلفية نزاع حول بئر للتنقيب عن الذهب.
وبحسب مصادر تحدثت لصحيفة “التحول”، اندلع الحريق في الساعة التاسعة مساءً نتيجة تماس كهربائي، واستمر حتى الحادية عشر ليلاً، ملحقًا أضرارًا جسيمة بمكاتب الجمارك والجوازات والتخليص، وأدى إلى إتلاف مستندات ووثائق مهمة.
وأوضحت المصادر أن قوات الدفاع المدني التابعة للجانب المصري تدخلت لإخماد النيران، في ظل تأخر فرق الإطفاء السودانية، التي أفادت بأنها لم تتلق تعليمات بالتوجه للموقع.
ويعاني معبر إشكيت من تكدس البضائع وازدحام كبير للمسافرين، إضافة إلى أوضاع إنسانية صعبة للعائدين من مصر، من بينهم مرضى وأطفال وكبار سن، حيث تم تسجيل حالات إغماء وإصابات بالحميات في ظل بطء الإجراءات وتراجع الخدمات.
نزاع دموي على بئر ذهب:
وفي سياق متصل، وقعت اشتباكات عنيفة في منطقة تركمان بين مجموعة من القوة المشتركة التابعة لحركات الكفاح المسلح ومجموعة تُعرف باسم “أولاد قمري”، على خلفية نزاع حول بئر للتنقيب عن الذهب، كانت المحكمة العامة بوادي حلفا قد أصدرت قرارًا بإعادتها لأصحابها الأصليين من المعدنين الأهليين.
وبحسب مصادر محلية، رفضت القوة المشتركة تنفيذ قرار المحكمة، ما دفع الأهالي للاستعانة بمجموعة “أولاد قمري” لاسترداد البئر، ما تسبب في تبادل إطلاق نار أسفر عن إصابة اثنين من القوة المشتركة، أحدهما حالته حرجة.
وأشار المصدر إلى أن السلطات عجزت عن تنفيذ قرار القضاء، وسط تصاعد التوتر الأمني في المنطقة.
مخاوف أمنية وانتشار للسلاح:
وتشهد محلية وادي حلفا منذ فترة تسلل مجموعات مسلحة، بعضها تابع لحركات الكفاح المسلح الموقعة على اتفاق جوبا، في محاولة لفتح مكاتب فرعية، وهو ما واجهه المجلس الأعلى لأهالي وادي حلفا بتحذيرات متكررة من انتشار السلاح واستقطاب الأهالي.
وفي يناير الماضي، دعا المجلس إلى إبعاد الحركات المسلحة من المحلية، معتبرًا وجودها تهديدًا مباشرًا لأمن المواطنين، مطالبًا بحصر المهام الأمنية على القوات النظامية فقط.
وتُتهم مجموعة “أولاد قمري”، التي يقودها شخص يُعرف بـ”أبوتريكة”، بالسيطرة على آبار تعدين دون ترخيص قانوني، وارتكاب اعتداءات متكررة على الأهالي، وسط صمت السلطات المحلية.
ونشر نشطاء على صفحة “حلفا اليوم” عبر “فيسبوك” منشورات احتجوا فيها على ما وصفوه بـ”ظهور مليشيا مسلحة بوادي حلفا تطلق النار على الأهالي وتستولي على أراضيهم”، مؤكدين وجود تفلتات أمنية خطيرة تهدد استقرار المنطقة.
انهيار البنى التحتية:
واعتبر ناشط حقوقي من شباب وادي حلفا في حديث لـ”التحول” أن ما جرى في وادي حلفا، من اندلاع حريق ضخم في معبر إشكيت الحدودي، إلى اشتباكات دامية حول بئر ذهب، ليس مجرد أحداث معزولة، بل هي مؤشرات مقلقة لتآكل سيادة الدولة في مناطق الأطراف، وتحوّل الحدود إلى فضاء هش مفتوح على كل الاحتمالات.
وقال: أن احتراق صالة المغادرة في معبر إشكيت دليل على انهيار البنى التحتية والخدمات الأساسية في مؤسسات الدولة. الأدهى من ذلك أن فرق الدفاع المدني السودانية اعتذرت عن التدخل بسبب “غياب التعليمات”، ما يطرح أسئلة خطيرة حول كفاءة التنسيق وتوزيع الصلاحيات في وقت الحرب. ودائما ما تخف وحدة الدفاع المدني من الطرف المصري لكونها وحدة ثابتة متواجدة بالمعبر في الجانب الآخر وملحقة بالمعبر بينما تنعدم هذه الخدمة في الجانب السوداني.
واعتبر أن الاشتباكات التي وقعت بين “القوة المشتركة” ومجموعة “أولاد قمري” كشفت عن انتشار مليشيات خارج سلطة الدولة، تتحرك وفق منطق الغلبة، وتفرض واقعًا أمنيًا خاصًا بها، مستغلة هشاشة مؤسسات إنفاذ القانون.
لافتاً إلى أن “أولاد قمري”، التي يرفض شباب المنطقة وجودها بعد انضمامها للمقاومة الشعبية وحصولها على اعتراف السلطات، ىشير إلى تورط المؤسسة العسكرية في تمكين جماعات مشبوهة بهدف خلق مراكز قوى محلية خارجة عن القانون. ما يحرض أهالي المنطقة الذين عرفوا بسلميتهم طوال حياتهم إلى حمل السلاح للدفاع عن أنفسهم وتأمين منطقتهم.
